| مقـالات
من الصعب جداً عليك كإنسان ان تحدد على وجه الدقة مدى تأثير الآخرين عليك سلباً أو إيجاباً ما لم تكن هناك مواقف حقيقية تجد فيها نفسك في موقف لا تحسد عليه وفي موقف يعرفك حقيقة بنوعية هذا التأثير الذي أحدثه فيك هذا الانسان أو ذاك.
وإحساس الآخرين بك لا ينبع من فراغ، ولا يكون لسواد عينيك بقدر ما يكون بناء على العلاقة القوية والمتينة التي تبينها معهم وتلك الثقة الغالية التي توليها إياهم.
وأنت شخصيا حينما تلاحظ أن مستقبل علاقتك مع أعز الناس لديك على شفى الهاوية وان ما بنيته معه بصدق بدأ يتهدم ويتصدَّع حينها لابد ان تحزن وتتألم وتخاف على مستقبل علاقتك الجميلة الصادقة معه، لابد ان تعيد النظر في أسلوب تعاملك معه وطريقة كسبك له هذا ان كان هناك وقت كاف للملمة ما تم فقده أو خسارته، وما اذا كان هذا الطرف لديه مساحة كافية وقناعة ذاتية أن كل شيء يمكن ان يحل بالتفاهم والمناقشة والصراحة شريطة ان توضع النقاط على الأحرف منذ البداية ويتم الاتفاق عليها ومن ثم مناقشة نقاط الاختلاف وكيفية التقريب بين وجهات النظر قدر الامكان.
إن ما يتعبك فعلاً هو عدم احساس الآخرين بك حتى لو لم تكن لم تتعمد الاساءة وما يتعبك أكثر كونك عاجزاً عن ان توصل ما لديك بالطريقة الصحيحة نظراً للفكرة المسبقة لدى الاخرين عنك والتي لا تعطيك فرصة لتوضيح الأمر أو التأكد من الحقيقة.
ومن حقنا كأشخاص نحب بصدق ان نعتب على من لا يسأل عنا ويطمئن علينا ومن لا يحس بنا هذا ونحن غائبون عنه فكيف ونحن قريبون منه ومعه؟
إن المسألة ليس في زيارتي لك بالمنزل أو اتصالي بك على جهاز الهاتف أو سؤالي عنك من خلال الآخرين فكل ذلك أمر جيد ولكن الفكرة هنا تقول بأنني أحس بك، أعتبرك جزءاً منى، لم أنسك أو تغب عن بالي ومهما صدر من بعضنا من سوء مهم تجاه بعضنا.
وحينما نفكر قليلاً في الاحساس وبالذات بالآخرين سنجد ان هذا الإحساس مرتبط بالذوق مرتبط بالشعور بالأمان النفسي مرتبط بالاشياء الجميلة التي ولدت مع الانسان وتربَّى عليها وأصبحت جزءا أساسيا من حياته.
إن هذا الاحساس الذي نقصده ليس مرتبطاً بفئة معينة دون غيرها كأن يكون احساسنا فقط تجاه من نحب، ولكن هذا يشمل جميع العلاقات الانسانية بداية من احساسنا بوالدينا ومقدار تضحياتهما من أجلنا ذلك الاحساس الذي يكاد يكون مفقوداً من فئة كثيرة من الابناء ممن يكونون متواجدين داخل نفس المدينة التي يقطنها آباؤهم وامهاتهم ومع ذلك تكون زيارتهم لهم نادرة جداً ومحسوبة وقصيرة وكأنهم مجبورون عليها، وكأن سكوت الوالدين هو دليل رضاهم عن تقصير هذا الابن او ذلك في زيارته لهما.
إن الاحساس بالآخرين يأخذ صوراً كثيرة منها ان تحس بي قبل أن افاتحك بموضوع معين او تحقق لي طلبي قبل ان اطلبه منك أو تفهمني حتى قبل أن أتحدث معك أو أبوح لك وهكذا.
وجميل جداً ان يكون لنا انسان يتفهم وضعنا ويقدر ظروفنا ويقف بجانبنا في أزماتنا وأوقات محننا ولكن هذا الانسان نفسه يحتاج هو الآخر من يقف بجانبه ويدعمه حينما يكون بحاجة لمثل هذا الدعم.
يحتاج الى صدر حنون يضع رأسه عليه فيبكي الى ان ينام فيرتاح. يحتاج الى من يخفف عليه عبء المسؤولية الثقيلة الملقاة على عاتقه والهموم الكثيرة التي تشغل باله.
يحتاج هذا الانسان الذي طالما اعطى ويعطي الآخرين ويضحي من اجل الآخرين يحتاج الى من يساعده في حمل تلك المتاعب لانك مهما كانت درجة قوتك ومهما كانت قوة احتمالك سوف تشعر احيانا بأنك ضعيف وضعيف جداً وتحتاج من يقف معك على الاقل يستمع اليك بعقله وقلبه وفي هذا راحة كبيرة لا تعادلها راحة لانه والحال كذلك فإن حتى تلك الدموع التي تنزل من عينيك سوف يكون لها مذاق آخر مختلف يذكرك بمن شاركك أياها ومسحها لك بيديه الحانيتين أو كلماته الطيبة. فهل أنت من هذا النوع الذي يهتم بالآخرين ويحس بهم ولو قليلاً؟ اننا كثيراً ما نتذمر من عدم الاحساس بنا ولكننا نحن انفسنا لا نبادر باظهار احساسنا بالاخرين بشكل واضح لاسباب مختلفة. ان هؤلاء الذين يعطوننا الكثير والكثير بحاجة لأن نشعرهم بان كل ما يقدمونه من أجلنا موضع تقدير. صحيح اننا احيانا لا نستطيع ان نحس بالاخرين ونظهر لهم ذلك بشكل شفهي ربما لعدم قدرتنا على ذلك، ولكن هناك وسائل أخرى ذات فاعلية كبيرة منها على سبيل المثال خطابات الشكر وزيارتهم شخصيا وتكريمهم أمام الآخرين والاشادة بهم ودعمهم في مجال عملهم ..الخ من المبادرات التي تنمي احساسنا بهم وتقديرنا لهم ولكننا والحق يقال حينما نشعر بالتجاهل من قبل من نحب، فاننا نعتب عليه ويكون الرد كقولنا «أخيرا حسِّيت» وهذا ولا شك من قبيل اننا نمن عليه ولكنه عتاب مبطن على أي حال ويحمل في داخله الكثير من المعاني والمضامين.
ولكننا حينما نتلفظ بمثل هذه العبارة يكون جزء كبير من تحاملنا عليه قد زال وهذا هو المهم.
ومع ذلك دعوني اقول بأن جزءاً كبيراً من التعب النفسي الذي نعانيه (بعض منا بالطبع) نابع عن إحساسنا بالآخرين ومعرفتنا لاحتياجاتهم ورغباتهم ومشاعرهم ومع ذلك لا نستطيع مساعدتهم كما ينبغي ولكن عزاءنا ان همهم هو همنا واننا معهم بقلوبنا وعقولنا وهذا أقل ما نقدمه لاناس طالما احسوا بنا ووقفوا معنا.
همسة
أخيراً حسيت وفكرت بي؟
أخيراً التفت اليَّ
أخيراً تذكرت
ان هناك من له حق عليك؟
بحكم حبه الشديد لك؟
وتعلقه الكبير بك؟
وقلقه المتواصل عليك؟
وسؤاله الدائم عنك؟
* * *
أخيراً.. رجعت لي؟
أحسستني أن هناك شيئاً مني
باقياً فيك؟
لا يستغني عنك؟
بحاجة إليك..
كما هي حاجته للحياة؟
* * *
أخيراً..
بعد ان كدت أفقد ثقتي بنفسي..
بكل الناس..
بكل من حولي..
بسبب غيابك عني..
وتجاهلك لي..
وعدم إحساسك بي..
تعود لي..
تسأل عني؟
وكأن شيئاً لم يحدث؟
* * *
لقد كان من حقي..
أن أزعل منك..
وأن أعتب عليك..
والا أستمع إليك..
ولكن ما يشفع لك عندي
وما أنساني كل شيء..
أنك تذكرتني..
ولو بعد حين..
فأسمعتني صوتك..
طمأنتني عليك..
بعد أن تسرَّب اليأس لداخلي..
فأنعشت قلبي..
وأرحت فؤادي..
* * *
أحسستني أني موجود
لي قيمة لديك..
ولم أكن مجرد صفحة عادية
كبقية الصفحات..
أو مجرد ذكرى عابرة..
كبقية الذكريات..
* * *
وهذا يكفيني..
لأن أنسى كل شيء..
لأن أبتسم..
لأعود كما كنت..
لأن أشكر ربي..
على كل ما أعطاني إياه..
وعلى كل ما أكرمني به..
* * *
ولكن أرجوك ..
لا تكرر فعلتك معي..
لا تغب عني طويلا..
لا تقلقني عليك
لا تدخل الوساوس في قلبي..
لا تقل لأنني أحبك..سوف أنسى بسرعة..
سوف أسامحك كل مرة..
أبداً..
هذه المرة فقط..
|
|
|
|
|