أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 17th October,2001 العدد:10611الطبعةالاولـي الاربعاء 30 ,رجب 1422

عزيزتـي الجزيرة

قد تصبح هاجساً طبياً
الجمرة ليست دائماً خبيثة
تناقلت وكالات الأنباء في الآونة الأخيرة اصابة أحد الأمريكيين بداء الجمرة الخبيثة التي قد تصبح هاجسا طبيا خلال الأيام المقبلة بعد هواجس جنون البقر ومرض ايبولا ومن قبلها متلازمة قصور المناعة المكتسبة «ايدز».
ورأيت من واجبي كطبيب للأسرة ان استعرض هذ المرض بطريقة شاملة ومبسطة قبل ان تلصق به بعض المبالغات أو تنسج من حوله القصص والخيالات.
والجمرة الخبيثة هي ما يعرف في لغة الطب باسم anthrax وهي كلمة اغريقية الأصل معناها الفحم أو البقعة السوداء أو الدملة الخبيثة.
وهو مرض معد يصيب في الأصل الحيوانات الداجنة من آكلات الأعشاب كالخيل والماشية «البقر والغنم والجمال» وقد ازداد دور الخنازير في نشر الأوبئة في السنوات الأخيرة وتعتبر هذه الحيوانات هي مصدر العدوى التي تنتشر عادة في فصلي الصيف والخريف. والعامل المسبب لهذا المرض هو نوع من البكتيريا موجبة الجرام «1» عصوية الشكل تنتقل للانسان بثلاثة وسائط:
1 عن طريق الجلد: بالملامسة أثناء العناية بالحيوانات المريضة أو عند ذبحها وسلخ جلدها.
2 عن طريق الهواء: باستنشاق الغبار أثناء العناية بالحيوانات المصابة.
3 عن طريق الطعام بتناول لحوم أو ألبان الحيوانات المصابة.
وجدير بالذكر انه لاتوجد أية دلائل تشير الى انتقال العدوى من الانسان الى الانسان وعليه فإن الانسان المريض لا يلعب أي دور في نقل العدوى فمن النادر جدا ان تنتقل العدوى بواسطة الذباب أو البعوض من شخص لآخر.
وجدير بالذكر ايضا ان لعصيات الجمرة الخبيثة قدرة على التكيس وتكوين ما يعرف باسم الأبواغ spores التي تعيش في الماء 10 سنوات تقريبا وفي التربة نحو 20 عاما أو أكثر كما تعيش وهي مجففة أكثر من 40 سنة مما يفسر امكانية انتقال المرض أثناء لبس الثياب «قبعات الفرو ومعاطف الفرو» المصنوعة من مواد خام ملوثة بالعامل المسبب.
والأبواغ سالفة الذكر أو بذور الجرثومة تتمتع بقدرة كبيرة على تحمل المواد المطهرة والجفاف ودرجات الحرارة العالية «تموت الأبواغ بالغلي بعد 60 دقيقة» كما انها تستطيع العيش في التربة لمدة طويلة ويمكنها ان تنمو فيها وتتكاثر إذا توافرت لها ظروف معينة من الرطوبة ودرجة الحرارة.
مما سبق يتضح ان للمرض ثلاثة أشكال سريرية:
1 الشكل الجلدي: حيث تظهر بقعة حمراء مكان دخول الجرثومة ينشأ عنها احتكاك لا يلبث ان يتحول الى بثرة ثم قرحة غير مؤلمة محاطة باحمرار الجلد ووجود دمامل.. هذا وتحدث أعراض وعلامات عامة كارتفاع درجة الحرارة وآلام بالرأس وخفقان بالقلب ولكن بفضل الله سرعان ما يشفى المريض وتتكون ندبات مكان اصابات الجلد.
2 الشكل الرئوي: حيث يحدث التهاب في الرئة يكتشف عادة بواسطة الأشعة العادية كما يوجد سعال مصحوب ببلغم مدمم وارتفاع في درجة الحرارة (3940د.م) وضيق بالصدر ثم يتسارع نبض المريض ويصبح ضعيفا وينخفض ضغط الدم ويزداد المريض ازرقاقا وتزداد حدة المرض وينتهي بوفاة المريض بعد 24 أيام.
3 الشكل المعوي: حيث تحدث آلام حادة بالبطن مع اسهال دموي وقيء وضعف عام وارتفاع في درجة الحرارة (3940د.م) والتهاب في الصفاق«2» وهي حالة خطيرة عادة ما تنتهي بالوفاة بعد مرور 35 أيام.
وهكذا نجد ان الشكل الجلدي للمرض مساره حسن عموما أما الأشكال الأخرى (الرئوي والمعوي) فنهايتها الحتمية هي الوفاة بسبب المضاعفات وانتقال الجرثومة عن طريق الدم الملوث الى أعضاء هامة في الجسم مثل الكبد والكلى والدماغ.
وتستغرق فترة الحضانة «من دخول الجرثومة للجسم الى ظهور الأعراض» من بضع ساعات الى أسبوعين.
ولكن كيف يمكن تشخيص المرض؟ لا شك ان هذا يحتاج:
1 مراجعة التاريخ المرضي «الاحتكاك بالحيوانات».
2 مراجعة العلامات السريرية.
3 أخذ عينة من الدملة «في الشكل الجلدي» أو البلغم «في الشكل الرئوي» أو البراز «في الشكل المعوي» لفحصها مجهريا وزرعها.
4 كما يمكن عمل اختبار جلدي بحقن أنتيجين الجمرة لتوليد المستضد.
5 وهناك اختبارات أخرى بالدم مثل اختبار المصل المنير.
أما عن العلاج فيكون بإدخال المريض للمستشفى وخضوعه الى علاج مكثف يتألف من مضادات حيوية مع حقن المريض بالأجسام المضادة للجمرة «الجلوبيولينات المناعية» والسوائل عن طريق الحقن الوريدي.
كما يعطى المريض أكسجين عند الحاجة وكذلك فيتامينات مكثفة.. ويتم هذا كله تحت عناية خاصة جدا.
والأهم من العلاج بدون شك هو الوقاية التي تتلخص في الآتي:
1 توفير الرعاية الصحية للحيوانات الأليفة ومراقبتها طبيا.
2 اتباع القواعد الصحية في التعامل مع الحيوانات أثناء ذبحها والتعامل مع المواد الخام «الجلد والصوف والفرو».
3 مراقبة اللحوم والألبان ومشتقاتها.
4 تحصين الحيوانات بالطعم الواقي من الجمرة.
5 عزل المصابين وعلاجهم.
6 تطعيم المعرضين للاصابة باللقاح الحي المضاد للجمرة.
7 القيام بنشر الثقافة الصحية على نطاق واسع.
الدكتور طارق محمد شقران
استشاري طب الأسرة
تفسير بعض الألفاظ:
«1» الجرام صبغة تقبلها بعض أنواع البكتيريا فتسمى موجبة الجرام وترفضها بعض الأنواع فتسمى سالبة الجرام.
«2» الصفاق هو الغشاء البريتوني المحيط بالامعاء يعرف لدى العامة بمنديل البطن.
المراجع:
1 علم الأوبئة وأسس الأمراض السارية
د. ماريا فولو فسكايا ترجمة د. أكثم خير بك.
2 الأمراض المعدية:
د. حسان جعفر، د. غسان جعفر.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved