| مقـالات
من محاسن مناسبة «مرور مائة عام على تأسيس المملكة» أنها أفرزت عددا من الدراسات والبحوث أعدتها جهات علمية ومؤسسات حكومية، علاوة على ما أنتجه بعض الأفراد.
ومن الكتب التي صدرت في هذه المناسبة كتاب «تعليم المرأة في المملكة العربية السعودية خلال مائة عام (1319 1419ه)» والذي نشرته الرئاسة العامة لتعليم البنات في 1030 صفحة من الحجم الكبير.
وقسم الكتاب إلى ستة أبواب وتوزعت على فصول ومن أكثر أجزاء الكتاب أهمية الفصل الذي احتفى بالحديث عن بدايات تعليم المرأة في المملكة قبل تأسيس الرئاسة (الكتاتيب والمدارس الأهلية) (الفصل الثالث في الباب الأول) فقد أشير فيه إلى عدد غير قليل من الكتاتيب التي كانت منتشرة في مناطق مختلفة من المملكة والتي قامت بفضل جهود نسائية أرادت أن تساهم في تلقي الفتيات ما كان يعنى به في تلك الفترة من تعليم للكتابة وقراءة للقرآن الكريم.
ومع أن المنهجية التي استخدمت في رصد هذه الكتاتيب لم تكن دقيقة بالمعنى العلمي حيث قامت على التجميع العشوائي الذي لا يحدده إطار زمني واضح، أو معلومات محددة تماما تشمل كل التراجم أو التعريف بصاحبة الكتّاب من مثل الاسم الكامل، اسم الشهرة (إن وجد) سنة الميلاد (إن أمكن) سنة الوفاة.
على من تتلمذت صاحبة الكتّاب؟ متى افتتحت كتّابها؟ كم كان عدد تلميذاتها؟ إلى أي عام استمر كتّابها يؤدي دوره؟ كم من تلميذاتها افتتحت كتّابا؟ .. وهكذا.
أقول إلا أن الكتاب وفر لنا معلومات طيبة عن دور المرأة في نشر العلم في المجتمع. ويمكن لنا أن نخرج من قراءة تلك المعلومات بنتيجة أنه على الرغم من أن بعض المصادر تعطينا صورة معتمة عن وضع المرأة التعليمي في شبه الجزيرة وانه كان على درجة كبيرة من التخلف إلا أن وجود تلك الكتاتيب يوضح أن التعليم كان مهما وان المجتمع كان يسعى إلى توفيره للمرأة اعترافا بدوره في رفع مستواها الثقافي والاجتماعي.
ومن الجوانب الجيدة في الكتاب سرده لبعض النماذج المعبرة عن كفاح المرأة في سبيل التعلم أولا ثم نشر التعليم. ومن ذلك قصة المعلمة «شهرة بنت عبدالله عبدالرزاق» التي تعيش في النماص والتي تلقت علمها عن شخص يدعى مغرم بن فائز من قرية آل زينب، ودخلت كتّابه لمرافقة أخيها الصغير الذي رفض تلقي العلم إلا بمرافقة أخته، وتعلمت في الكتّاب الحروف الهجائية قراءة دون كتابة، كما حفظت جزء عم، ثم بدأت تعتمد على نفسها وجهدها الخاص في تعلم باقي أجزاء القرآن الكريم، ثم أنشأت مدرستها لتعليم البنات في النماص وكانت في منزل أحد أبناء القرية آنذاك ويسمى أحمد بن معاضه حيث تبرع بمنزله لتعليم النساء دون مقابل، وعن أجرها تقول شهرة أنها لم تتقاض شيئا وقد عرض عليها في ذلك الوقت 400 ريال فرنسي لكنها رفضت خوفاً من عدم قدرتها على مواصلة التدريس مدة طويلة.
هذا جزء من قصة شهرة ورحلتها في التعليم، وهي قصة تستحق بالتأكيد التأمل.
|
|
|
|
|