| مقـالات
يعتمد الإرهاب على أفكار وقضايا وطموحات، تلك الأفكار والقضايا والطموحات عادة لا تكون محل تقدير واهتمام «الإرهابيين» فحسب، وانما تكون محل تقدير واهتمام قطاع كبير من الناس في ضوء واقع ووقائع.
من هنا شهد التاريخ البشري مشاهد كثيرة للارهاب فاختلفت نظرات الفلاسفة والكتّاب قبل العامة في شأن مباركة او معارضة تلك الأفكار والممارسات.
نادت بعض النظريات السياسية الاغريقية والرومانية بحق «اغتيال المستبد» بل اعتبرته أحياناً واجباً وطنياً أو «مدنياً» وأحياناً اعتبرته واجباً «إلهياً» ومن ذلك ما حصل في اثينا عندما اعتبر هيبياس وهيبارك نموذجين للبطولة.. لأنهما حاولا القضاء على المستبدين في أثينا. كتب كسينوفون وأفلاطون وأرسطو عن «تبرير» اغتيال المستبد، واعتبره ديميستين عملاً فيه كل التفاني الديمقراطي، اما ارسطو فرآه نوعاً من أنواع القانون الطبيعي.
شهد التاريخ الاسلامي الواناً من الإرهاب، ومن ذلك ما فعله القرامطة الذين اعتمدوا الإرهاب وسيلة لبلوغ مآربهم فاحتلوا الحرم المكي عام 930م وقتلوا الألوف ويقال ان رُكب الخيل غاصت في الدماء حول الكعبة المشرفة وسرقوا الحجر الأسود الى ان تخلصت منهم الدولة الفاطمية.
ثم اعتمد «الحشاشون» وهم جماعة صغيرة أسسها الحسن بن الصباح في جبال سوريا الإرهاب وسيلة سياسية، وقد نسبوا للحشيش لاستخدامهم له وهو نوع من المخدرات. وكانوا يغتالون خصومهم ويطيعون زعيمهم طاعة عمياء.
حرّض الكتّاب والاصلاحيون الأوروبيون الناس إبّان «الثورة الفرنسية» على الثورة مهما كان الثمن وكانت النتيجة ارهاب المعارضة وقتل (140) ألف نسمة بالمقصلة وسجن (300) ألف نسمة في فرنسا وحدها عام 1793م من اجل اقامة الجمهورية الأولى. تم اغتيال العديد من الملوك والقادة الأوروبيين بمباركة الكتّاب والمثقفين وتحت عنفوان مشاعر الجماهير الهائجة خاصة في فرنسا التي كان تعداد سكانها (27) مليون نسمة.
مضت مسيرة الإرهاب ضد الدول والقادة والأنظمة والمصالح سائرة وفق «القانون الطبيعي» حسب رأي ارسطو، وكأن العالم لا يمكن ان يقبل الاستقرار «باختياره» أو كأن المشاكل لا يمكن ان تضمحل بدون مشاكسات المغامرين والمقامرين، وبدون نسف وقتل وتفجير «الإرهابيين» الذين في بعض الأحيان يسجلون في سجل «المناضلين» التاريخيين.
ربما من النادر ان يجد الدارس لنشأة المشاريع والكيانات السياسية القديمة والحديثة كيانا ذا قيمة ولد واستقر بدون عنف وارهاب.. مما يحير الباحثين ويجعلهم يتأنون في اصدار الاحكام على مجريات التاريخ للتفريق بين الإرهاب الممقوت والنضال المشروع، والمهم ليس الحكم على الاحداث أثناء حدوثها وانما بعد مضي زمن حدوثها.
اسرائيل قامت على كيانات ارهابية ومن ذلك منظمة «الهاغانا» التي أسسها بن غورديون وبن نسفي عام 1920م وكانت الجناح العسكري للأحزاب الصهيونية العمالية، ومنظمة «لحي» الإرهابية التي أسسها ابراهيم شيترون بعد انشقاقه من منظمة «الأرغون» التي هي أيضا منظمة صهيونية ارهابية، تلك المنظمات التي بارك أعمالها كتّاب ومفكرون صهاينة هي التي بذرت دولة الظلم والاغتصاب في قلب الوطن العربي، وما زالت المنظمات الصهيونية داخل اسرائيل وخارجها تعمل للحفاظ على ذلك الكيان الصهيوني النكد.
الإرهاب ليس ممارسات جوفاء ولا حركات هستيرية، وليس مقصورا على الفقراء الضعفاء والأغبياء والقبيحين. انه بعكس ذلك يستهوي الأذكياء والطموحين والأغنياء والأقوياء والجميلين.
انه مشاعر وافكار تولد ثم تنمو وتشق طريقها حسب الظروف المتاحة في البداية.. ثم يستطيع الإرهاب ان يكون «عاملاً» اساسياً في صنع المناخ الذي يحتاج اليه. وأحياناً من مصلحة الإرهاب زعزعة المجتمعات واثارة الحروب، وزرع الفتن.. ليسهل على «محترفيه» مزاولة مهنتهم وتحقيق أهدافهم وجذب عناصر جديدة لخلاياهم وقواعدهم ومؤسساتهم.
لم يخلُ عصر من أنماط الإرهاب، وهو في عصرنا اخطر وأقدر على النماء والتشكل.. لوجود الظروف المناسبة لترعرعه ولقدرته على الاتصال والتواصل مع اجنحته ومؤسساته.. مستفيدا مما عليه العالم اليوم من تقارب ف«العولمة» مرحلة يمر بها العالم في الاقتصاد والتكنولوجيا والاعلام وكذلك في الإرهاب.
لم يعد العالم محكوماً بالحدود السياسية ولا بالحكومات القومية، وسلطة الدولة في ظل العولمة تقلصت. هذه العوامل تغذي الإرهاب وتمكنه اذا لم تدرس اسبابه وتقوم الدول والمؤسسات المعنية بمعالجة بواعثه ومعرفة مصادر قوته، وتحديد أنماط أنشطته، وسير خطوطه البيانية ارتفاعاً وانخفاضاً.
ولو اخذنا منظمة «القاعدة» نموذجاً للدراسة والتحليل لوجدنا ان القاعدة لا تستند على شرعية دولية ولا تعتمد على قوة بشرية عريضة ولم تحدد لها أهدافاً واضحة لكن هناك مشاعر وأفكار وطموحات.
الإرهاب يحمل في طياته الحق والباطل ويوظف الأزمات والاحباطات لمآربه. كما انه يتقصد العامة ويبحث عن استثارتهم واستمالتهم.
وهذا ما فعلته القاعدة، رفعت شعار محاربة «الاستبداد الأمريكي» ونادت بتحرير «المسجد الأقصى» من الصهيونية، وتعاطفت مع الشعب الفلسطيني، وتباكت على أطفال العراق.
فبارك خطواتها كتّاب ومثقفون وتعاطفت معها تجمعات وأحزاب وعامة، كما عارضها آخرون من الكتّاب والعلماء والقادة كعادة الناس ازاء الحركات العنيفة المتطرفة الراديكالية قديماً وحديثاً.
والسؤال الذي يفرض نفسه في هذه المرحلة هو: ماهي عناصر قوة «القاعدة» التي ساعدت على بقائها ونمائها وهيأتها لادخال امريكا في حرب.. بالرغم مما لدى امريكا من قدرات معلوماتية وعسكرية وأمنية وعلمية؟
لابد من الاشارة الى ما سبق الحديث عنه وهو ان الحركات الإرهابية ليست غريبة على تاريخ البشرية عامة وليست نشازاً في تاريخنا الاسلامي، فسبق ان نمت حركات ارهابية مثل حركة الحشاشين وحركة القرامطة وحركة «إخوان أهل الحديث» التي استولت على الحرم المكي لمدة ثلاثة أسابيع بداية عام 1400ه، ثم ان هذه الحركة «القاعدة» التي أشعلت الحرب الأولى في الألفية الثالثة لم تلد في معزل عن القوى الدولية الفاعلة أثناء حرب أفغانستان بل كانت امريكا تبارك خطواتها وتدرب وتساند مقاتليها، وتسهل لتحركات قياداتها في العالم. لذا، يمكن القول ان منظمة القاعدة «انتاج دولي» وليست انتاجاً «وطنياً» ولا «اقليمياً» ولا «اسلامياً» إنها في الحقيقة «صناعة دولية». لقد شارك في تصنيعها وتصديرها دول ومنظمات وهيئات «عربية». و«غربية»، «إسلامية» و«علمانية»، بالرغم من ذلك فإن العناصر التي صنعت من تلك المنظمة قوة قادرة على تحريك حرب «هامة» و«سخيفة» في نفس الوقت تستحق الدراسة.
ونقول عن تلك الحرب هامة لكونها بداية تاريخ جديد للعلاقات الاسلامية الغربية، والعلاقات الدولية، ونقول سخيفة لأن أفغانستان لا تحتمل حرباً تقام عليها فهي منذ عقدين من الزمان وهي تعيش المآسي والحروب، لذلك منذ اليوم الثالث للحرب التي بدأت يوم الأحد 7/10/2001م حسبما صرح به وزير الدفاع الأمريكي بأن الطائرات الأمريكية عادت بدون قصف أهداف وليس ذلك مشكلة أمريكا التي لم تقصف طائراتها المحملة بالصواريخ أهدافاً، ولكن مشكلة أفغانستان التي خلت من أهداف تستحق القصف، من هنا كانت الحرب حسب الأهداف المعلنة سخيفة.
العناصر حسب الدراسة تكمن في ستة أمور وهي كالتالي:
أولا: قدرة القاعدة على اختراق الخطوط الحمراء الأمريكية الأمنية وضربها لأمريكا في أرضها وهذا أمر لا تقبله امريكا وسبق ان عاقبت امريكا اليابان عليه بضربها بالقنبلة النووية عندما ضربت الطائرات اليابانية موانىء بيرل هاربور في هوائي في 7/12/1941م إبان الحرب العالمية الثانية جعلها تدخل الحرب العالمية الثانية عسكرياً، وأمريكا كانت تتحدث عن خطر الإرهاب وعن أهمية الحفاظ على الأمن الدولي كثيرا ولكن لم تتوقع ان يصلها الإرهاب في عقر دارها.
العنصر الثاني: ان القاعدة رفعت الشعارات الاسلامية واستخدمت العنف وسيلة لتحقيق اهدافها على مستوى العالم، وهي بذلك تعيد للأذهان ما عاشته اوروبا في عصورها الكالحة أثناء نهضتها. «القاعدة» اعتمدت على افكار ومبادىء متطرفة ومنحرفة ورفعت شعارات كبيرة ومخيفة.. تسببت في «انفصالها» وعزلتها عن العالم العربي والاسلامي بشكل أو بآخر فكيف بالعالم الغربي الذي يتشكك فيما هو عربي واسلامي.
العنصر الثالث: تاريخ رجال القاعدة: فهم قدموا انفسهم الى العالم باعتبارهم «مجاهدين» مخلصين حرروا أفغانستان من الروس وطردوا أمريكا من الصومال. وهاهم جاهزون لتحرير فلسطين من الصهاينة. كان العالمان العربي والاسلامي معهم ولهم، دعموا بالسلاح وبالمال وبالتسهيلات من الدول المتعاطفة مع الأفغان.. كل ذلك لم يحتسب لتلك الدول من قبل رجال القاعدة واعتبروا ما حصل من نجاح في أفغانستان ثمرة جهدهم. إذن هم «صفوة مجاهدة» تناضل من أجل الدعوة والأمة حسب فهم كثير من الكتّاب والمثقفين وعموم العرب والمسلمين.
العنصر الرابع: وجود قيادة اسطورية وهو «أسامة بن لادن» فهو من المملكة العربية السعودية، ترعرع بجوار الحرم الشريف وسار على بطاح مكة، ومن عائلة ثرية، وعضو في نادي الأثرياء «مليونير» مما هيأ لجماعته المناداة به وكأنه «المهدي المنتظر»، انه «المجاهد» و«الشيخ» و«المفتي» و«الأمير» و«الزاهد» و«المناصر» للفقراء والمساكين. كل شيء في حقه جائز لما غشي العقول من غشاوة مكنته من نفوس الأتباع والمريدين والعامة.
العنصر الخامس: ان رجال «القاعدة» وكوادرها تستهدف السعودية «ككيان» لذلك عندما يتحدث أسامة عن السعودية يسميها «الجزيرة العربية» وكذلك أنصاره قاطبة. هذه القضية مبنية على «انحراف» في الفكر وفي المعتقد.. موظفين القضايا العامة مثل حرب الخليج الثانية ووجود القوات الدولية «الأمريكية» بالتحديد لترسيخ مفهومهم نحو السلطة. علماً بأن أمريكا كانت تعين المجاهدين الأفغان إبان حربهم للروس. وأمريكا موجودة في مناطق كثيرة من العالم ليس ذلك فحسب وانما يعيش في أمريكا أكثر من ستة ملايين مسلم يحملون جنسيتها ويأتمرون بأمرها ويتحاكمون الى دستورها.
العنصر السادس: التعامل القاسي مع «المجاهدين العرب» في أفغانستان. كانوا أبطالاً ومجاهدين وبعد انتهاء الحرب أصبحوا في قاموس «الأمن العربي» «خطيرين» و«مجرمين». لم يكن التعامل مع تلك الفئة المتحمسة في بعض الدول مبنياً على رؤية متكاملة وعوقب المحسن منهم بفعل المسيء منذ السنوات الاولى من عودتهم الى ديارهم، لم تتعامل معهم بعض الحكومات ولا المجتمعات بالاسلوب المناسب الذي يهدئهم، ويعيد اخراجهم ويؤهلهم للعودة الى «الحياة المدنية» من أجل استيعابهم، فكانت منظمة القاعدة هي «دولتهم» المعنية بشؤونهم وشجونهم وطموحاتهم. هذا لا يعني انهم محقون في فكرهم وسلوكهم، وانما هم مثل غيرهم من الجيوش المتحمسة ومن المقاتلين لا يحبون حياة الدعة ويرون في السلم عدواً لهم.
المهم ان منظمة القاعدة وظّفت ما لدى «المجاهدين العرب» في أفغانستان من حماس وانكماش وانحراف وغضب لتجنيدهم في صفوف عساكرها المقاتلة او المؤيدة والمساندة.
تلك العناصر الستة هيأت القاعدة كقوة دولية وكانت أمريكا تفكر بالاستفادة بشكل او آخر منها في حدود الشرق الأوسط كعادة الدول الغربية بدليل انها تغاضت عنها لسنوات طويلة مع انها كانت متهمة في تفجير مركز التجارة العالمي عام 1993م وكانت متهمة في تفجير العليا بمدينة الرياض عام 1995م وكانت متهمة في تفجير الباخرة «كول» في عدن عام 2000م.
يبدو ان القاعدة تمادت أو غيرت من استراتيجيتها.. فأصبح لزاماً على أمريكا التخلص منها. بمعنى آخر انتهت «صلاحية» استخدامها. والدارسون لمسيرة الإرهاب التاريخية يدركون ان المنظمات والجماعات العنيفة لا تستطيع ان تعيش حياة طويلة فهي مرتبطة بأفكار واشخاص وظروف محددة وبتغييرها تتغير الأمور، هذا لا يعني النهاية التامة للفكر ولكن يعني نهاية الشعارات والقيادات والأساليب.
يتضح مما سبق ان منظمة القاعدة تسير في نفس النسق الذي سارت عليه الحركات الفكرية المتطرفة التي أخذت على عاتقها فرض مبادئها وأفكارها بقوة الحديد والنار.. موظفة الأزمات والاحباطات لصالح طموحاتها.
وربما من حسن حظ هذه المنظمة وغيرها من المنظمات المشابهة المعاصرة بصرف النظر عن الشعارات والطقوس ان الإعلام المثير قادر على ان يوصل الرسالة للمشارق والمغارب، وقادر على ان يملأ نفوس القادة المغامرين بمشاعر النشوة.
ويمكن ان نستخلص مما مضى ان الإرهاب، والذي تمثل منظمة القاعدة صورة من صوره، «انحراف» في الفكر وتوتر في السلوك، ثم انه عند تحقيق شيء من النجاح يترسخ ويصبح نوعاً من أنواع «الاحتراف» انه يصبح «مهنة» صعبة ونادرة تتطلب ظروفاً معينة ومؤهلات خاصة ولا تخضع للمعايير الاجتماعية والتعليمية والعلمية المعروفة المألوفة.
الإرهاب قادر على الاثارة والتكتيك وصناعة المعاذير ومخاطبة كل فئة بما يناسبها، لذا ينقسم الناس عند البحث فيه، وهو لا يعدم من المؤيدين والمباركين والمتحمسين الذين يمكن ان يعتبروه «نضالاً مشروعاً»، كما انه لابد سيواجه مناوئين ورافضين يعتبرونه ضرباً من ضروب الافساد و«الغش» والانتقام والفوضى.
الإرهاب لا دين له ولا وطن، انه «ملة واحدة» وكل ملة يمكن ان تجد لها انصارا ومناصرين، بل يمكن ان تصنع لها «قديسين» و«حواريين» و«مناضلين» وكتّابا ومثقفين، واعلاما ومشجعين، وما نراه من تأييد لمنظمة «القاعدة» في أجزاء من أفغانستان والباكستان والهند وكشمير وفلسطين والسودان واندونيسيا وماليزيا وغيرها من بقاع الأرض لا يخرج من الاطار التاريخي المعروف.
والمؤكد ان القاعدة ورجالها أوقعوا العرب والمسلمين في حرج بالغ، وزجوا بالاسلام والمسلمين بدون تفويض في معارك صعبة وحساسة.. لا حصر لجبهاتها. ولعل اخطر تلك الجبهات هي «الجبهة الداخلية» فإن الخلافات بين المسلمين انفسهم ستزداد ما بين مؤيد لعمل القاعدة ومبارك، وما بين معارض ومحذر ومندد، وكل فريق سيبذل الجهد لتخطئة الفريق الآخر وربطه بجهات وجماعات وتوجهات ومعتقدات اخرى.
هل يمثل فكر القاعدة ما عليه الامة الاسلامية من فكر ومعتقد ومنهجية حضارية في التعامل مع الأصدقاء والأعداء؟ الجواب: لا، والفكر الذي تسير عليه القاعدة خليط بين منطلقات وطنية واقليمية ودينية وسياسية لا رابط بينها سوى «التمحور» حول أشخاص والتجمع نتيجة أزمات ومشكلات.
وهكذا فالكثير من رجال مقاتلي القاعدة لا يملكون رؤية دينية أو سياسية محددة، ولكنهم يلتفون علي قيادة أعجبوا بها ويجتمعون في ضوء ظروف سياسية حالت بينهم وبين العودة الى أوطانهم الأم.
الفكر الذي تسير عليه القاعدة ومن ينتمي اليها فكر «متطرف» مكفر انعزالي لن يقبله العرب والمسلمون، وغير قادر على صياغة حركة نهضوية.. لأنه مختلف وشاذ وقاصر وإن أسهم في اخراج الروس من أفغانستان واخراج الأمريكان من الصومال وتفجير المدمرة «كول» في عدن وادخال أمريكا في حرب على اثر تفجيرات 11 سبتمبر عام 2001م.
لم تصل اوروبا الى ما وصلت اليه في غضون عقود من الزمن بسبب مقاتلين ومغامرين فقط وانما وصلت الى ما وصلت اليه في قرون ومرت بأزمات كثيرة وكان للمفكرين والقساوسة والمؤسسات التعليمية أكثر الأثر في النهوض بالغرب. ثم ان الغرب استيقظ عندما ضعفت القوى الاخرى في المقابل فأخلدت للنوم والدعة، والكل يعرف ما كان عليه المسلمون من ضعف ديني وعلمي وعسكري وسياسي وفكري مكّن للغرب الناهض من السبق والتفوق في جميع المجالات.
القاعدة منظمة ارهابية دولية.. لا يصح عملياً انتسابها الى «السعودية» ولا الى «الخليج» وهي ذاتها لا ترغب في ذلك. انها صنيعة ظروف وقوى دولية، بل انها نتاج «الحرب الباردة» بين الدول الشرقية والدول الغربية، وهي لا تمثل الفكر الاسلامي النير المعتدل القادر على البقاء والنماء، ولا تمثل السلوك الاسلامي السوي الذي سارت وتسير عليه الأمة الاسلامية عبر القرون. انها القاعدة تسير في «انحراف» عن الصراط السوي منذ نشأتها وانتهى بها الامر الى «احتراف» مهنة العنف واستخدام السلاح ضد المسلمين.. مما عجل بقرب نهايتها وعلى العرب والمسلمين الجدية في معالجة آثار تلك الحرب التي ليس لها عنوان واضح ولا حدود جغرافية محددة. اننا نستطيع ان نحولها لصالحنا ان أحسنا التعامل مع معطياتها ولغاتها.. والحكمة والحنكة تستطيعان تحويل المآسي الى فرص للسلامة والكسب والانطلاق، بل للنجاح والتفوق.
|
|
|
|
|