| المجتمـع
تحقيق - منار الحمدان:
نسمع عن حالات غضب مؤدية لانفعال او حدوث عصبية ولكن حينما يصل الامر لدرجة احداث اعاقة للشخص المغضوب عليه او الاقدام على جريمة تؤدي لهلاك او خلل عقلي من جراء ضربة على الرأس فتستطيع الحكم على ذلك التصرف بالعدوانية. ومن خلال هذا التحقيق سنتعرف على الاسباب المؤدية للوصول لذلك السلوك والسلبيات المترتبة على ذلك سواء من الجانب النفسي او الاجتماعي او الفسيولوجي وليس مقتصرا على جو الاسرة فحسب بل يمتد الى جميع من يتعامل معهم الشخص العدواني وسنتناول ذلك من خلال قصص واقعية سنعرفها من خلال ضيوف التحقيق:
يتسبب في بتر يدي ابنه وقتله نفسه
في البداية تحدثت الاخت ام ابراهيم وروت لنا ما سمعته عن احد ابناء قريتها فتقول: هذا الرجل جدد موكيت المنزل فقام ابنه الصغير بقطع الموكيت بالسكين مما ادى الى تشوه الموكيت واستمر الطفل على هذه الحالة وحينما حضر الاب وعلم بذلك وشاهد المنظر امسك بالابن وربط يديه لمدة طويلة او انه كماروت ام ابراهيم احضر شيئاً حاداً ومرره على يدي ابنه وبعد مرور فترة طويلة حوالي يوم عرضه والده على الطبيب واخبره الطبيب ان حالة الطفل صعبة وخطيرة في آن واحد وان يديه مصابتان بالغرغرينة والامر يحتاج الى استئصال يديه واستئصلت يداه وبعد ذلك قال الطفل لوالده: ابي اعد لي يدي كما كانت في السابق ولن اقطع الموكيت مرة اخرى وبعد قول الطفل هذه العبارة تأثر الاب وأطلق على نفسه الرصاص وفارق الحياة.
تقتل ابن اخيها ليلة زفافه
والتقينا بالاخت وفاء سعيد وروت لنا ما سمعته من حديث المجالس عن العروس التي لمس ابن اخيها فستانها الابيض ليلة زفافها مما ادى لاتساخ ذلك الفستان ولما شاهدت ذلك ضربته على رأسه بطرف حذائها الحاد (الكعب) وعلى الفور فارق الطفل الحياة وتحول الفرح لحزن.
زوج يخسر زوجته نتيجة لعدوانيته
كما روت لنا الاخت ام حامد ما سمعته من زوجها عن ذلك الرجل الذي على اثر نقاش دار بينه وبين زوجته فصفعها حتى اصطدم رأسها بالجدار من قوة الصفعة وعلى الفور وقعت أرضا حيث أغمي عليها فتم نقلها للمستشفى وبقيت في غيبوبة لمدة خمسة عشر يوماً ثم بقيت في المستشفى فترة أشهر حتى وافاها اجلها المحتوم وفارقت الحياة مع العلم بأنهما حديثا الزواج.أما الاخت ام حمد فتقول: ينتابنا الغضب ولكن دائما أقول (اللهم اجعلنا من القادرين على أنفسنا). واضافت الاخت وجوب الحمد في رأيها عند الغضب المؤدي للعدوانية لانه قد يحدث ما لا يخطر على بال أحد ولكن يجب ان نحاول لنكون متزنين قدر الامكان سواء بتلاوة القرآن او ان نصلي ركعتين وبعد ذلك نشعر براحة نفسية.كما شاركتنا الاخت هديل عثمان تقول ان العدوانية والتصرفات الصارمة اثناء الغضب مخيفة ومفجعة للغاية ولا أنسى ذلك القصة التي لا تفارق مخيلتي وهي عن والدة صديقتي التي حينما غضبت من الخادمة نتيجة لنسيانها احد الاعمال المنزليه فغضبت وتناولت شيئاً حاداً ورجمت به الخادمة فوقعت ارضا والدم ينزف من انفها حيث كانت الضربة في منطقة الوجه أعلى الانف ودقائق حتى وافاها أجلها المحتوم رحمها الله.
فقدت عقلها بسبب عدوانية امها
كما تقول الاخت ندى السعيد: رأيت بأم عيني فتاة تبلغ من العمر العاشرة تلحق بالاطفال وتضربهم وتتصرف بسلوكيات طفلة مختلة عقليا مع العلم بأنها لم تكن هكذا حسب ما قالته لي والدتها بأنها كانت افضل الاطفال وكانت خير مساعد لها في المنزل ولكن صدر منها سلوك اغضب والدتها فضربتها على رأسها ضربة مبرحة حتى فقدت صوابها ومنذ ذلك اليوم وهي على هذه الحالة.
عدوانيتها تقودها لحرق يد الخادمة
وتقول الاخت هناء الصفيان: قد تصل العدوانية لدرجة فوق التصور وهذا ما حدث لاحدى الخادمات التي حينما كانت تكوي عباءة صاحبة المنزل الثمينة كانت درجة حرارة المكواة عالية مما تسبب في احداث فتحة مشوهة في العباءة مع العلم بأن صاحبة العباءة موظفة وحينما حضرت وشاهدت وعلمت بما حدث للعباءة احضرت الخادمة ووضعت يدها على الارض وجعلت المكواة في أقصى درجات الحرارة ووضعتها على يدها وحينما ذهبت في الغد لوظيفتها اقدمت الخادمة على تسخين كمية كبيرة من الماء وفي قدر كبير ووضعت فيها طفلتها الصغيرة التي لم تبلغ عاما وحينما علم الزوج بما حدث من وفاة الطفلة وما فعلته الزوجة بالخادمة طلقها فعدوانيتها قادتها للاثم وخسرت الابنة والزوج.
وترى الاخصائية النفسية ايمان ابو حطب ان اهم شيء يعبر عن الغضب هو الحوار الجاد مع الطرف الآخر المغضوب عليه فيجب ان يعرف السبب ويحاول تجنبه قدر الامكان وهذا لا يمنع من الشخص العصبي (العدواني) تدريب نفسه على المثابرة ويحاول تجربة سلوك معين وهكذا حتى يجد طريقة مناسبة فالانسان خير مدرب لذاته وحتى في حالة استخدام الضرب والقوة في التربية مع الابناء حينما يقدم الطفل على خطأ ونعاقبه بضرب حاد على أقل واتفه الاشياء حينئذ يصبح له الضرب عادياً جدا وحتى جسده يتعود على ذلك فأفضل طريقة لتهذيب سلوك الطفل حرمانه من الاشياء المحببة اليه مع شرح الاسباب على سبيل المثال (عاقبتك بحرمانك من مشاهدة برنامجك المفضل لأنك اتلفت الشيء الفلاني في المنزل) ونخبره بأننا لا نكرهه وانما نكره السلوك الذي صدر منه.فليست سهلة السلبيات المترتبة على التصرف بشكل عدواني فالثقة تكون منعدمة عند الشخص العدواني سواء مع زوجته او اي فرد من اسرته يتعامل معه مالم يكن في بحث مستمر عن خطة للتخلص من غضبه وقد تضغط الزوجة على نفسها في تحمل شتى انواع القسوة والتعذيب وتضحي لاجل الابناء كما يتطور لديها خوف وقلق مستمر اما الابناء فينشأ لديهم توتر ينعكس ذلك على نفسياتهم تربويا واجتماعيا فيتعاملون مع الغير بنفس السلوك فالبيئة لها شأن كبير في ذلك وكذلك الأم.. فما الذي سينتظر من طفل ينشأ في اجواء كهذه فسيكون قليل الثقة بنفسه وبالذين حوله وقليل الشعور بالامان وأول متضرر هو الاب نفسه حيث تهتز صورته امام من عنده سواء اسرته او غير ذلك.
أما الاخصائية النفسية بسمة بن سلمة من مركز الطب النفسي السلوكي ترى ان العدوان يعني اي فعل او سلوك يهدف الى الضرر او الأذى فهو في الاساس سلوك تهمل وتنتهك فيه حقوق ورغبات الآخرين ويدل على سوء تكيف الفرد ومن الممكن ان يكون عدوانا بدنيا بالضرب او باليدين او بأي شيء آخر وان يكون عدوانا لفظيا بالسب والشتم والفاظ التهديد والوعيد والتحقير. اما اسبابه فقد ترجع الى عوامل بيئية قد تسهم في ظهور السلوك العدواني فمثلا المواقف او الظروف والخبرات التي تؤدي الى الاحباط والذي بدوره يبعث على العدوان.
النموذج الابوي بالنسبة للطفل فالكبار يعدون نماذج لاطفالهم فعندما يكون الاب عدوانيا يحتمل عدوانية الطفل وقد يقلد الطفل آخرين في بيئته كالاشقاء والاقران وغيرهم من البالغين.
تساهل الآباء مع العدوان يزيد من ظهور ميل الطفل للسلوك العدواني كالغيرة او الرغبة في جذب الانتباه او التعرض للعقاب البدني او بعض التوترات والضغوط الحياتية. اما بالنسبة للفروق الوراثية بين الافراد فهي تؤثر في استجابة الفرد للاحداث بصورة عدوانية.. فالاب العدواني ينشأ ابنه في جو نفسي غير سوي فتعرض الطفل للعدوان منذ الطفولة يجعله أكثر قابلية للعدوان والسلوك المنحرف فالخلل في هذا الموقف ليس جديدا بل السلوك العدواني المتبع مع الابن منذ صغره يكون سببا في ارتكاب هذا النوع من الاخطاء وبما ان الاولاد اكثر عدوانا من البنات فالاب يلعب دوراً مهما في نمو السلوك العدواني لابنه لانه يمثل أكثر مصادر الاحباط اهمية عن الام بما انه هو النموذج الذكي لابنه . فالطفل في هذه المرحلة له حاجات نفسية يجب ان تشبع قدر الامكان كالحاجة للحب والحنان والحاجة للانتماء والحاجة لاحترام الذات والحاجة للشعور بالأمان وأي نقص في اشباع هذه الحاجات يؤدي لنتائج سلوكية سلبية كالخضوع او الميل لتجنب المجتمع او العدوان.وتترجم بعض الامهات غضبهن من صدورأي خطأ من الطفل بالضرب لدرجة ان احداهن قذفت ابنتها بكأس زجاجي والاخرى ضربت رأسها بالحائط حتى فقدت عقلها .. فكيف للأم ان تقوم سلوكا خاطئا لابنائها بسلوك خاطىء آخر فالضرب بهذه الطريقة لا يعتبر اسلوبا في التربية على الاطلاق بل العكس ان عقاب الطفل بهذه الصورة اللاانسانية على أخطاء قد لا تتناسب مع حجم العقاب تفقده اهم الركائز النفسية الاسرية مما تجعل ما فقده من اسرته من مشاعر حب وثقة وانتماء بدون احساس بالذنب او التأنيب.
وهناك جوانب ايجابية يجب اتباعها كاسلوب تربوي سليم ليتمتع الطفل بصحة نفسية وشخصية سوية اهمها البعد عن الاساليب غير السوية في التربية كالتسلط والحماية الزائدة والتدليل والضرب والتذبذب في معاملة الطفل والتفرقة بينه وبين اخوانه.
|
|
|
|
|