| فنون مسرحية
كنا نفتح عيوننا كل مساء على أجساد تحاول الهروب من عزلتها وكلمات تجهد للنهوض من سكونها لتتجاذب الحوار مع حواسنا وأرواحنا في لهب عشقها للفرجة وايقاعات الرؤية البصرية.
كانت عروض المهرجان استظهارا جماليا لشواغل انسان هذا المكان التي تتصير رموزا ومفردات وصورا متنوعة.. شبكة من العلاقات تتماوج فيها اندفاعات الوعي واللاوعي، تصوغ من المكان والزمان نصها الداخلي.
كثيرا ما استدرجتنا تلك العروض المسرحية إلى مساحة الاختلاف لنبني عليها فضاءات الأسئلة، الأسئلة التي تختزل غالبا فهمنا لهذا الوجود، الكون، الانسان واللعبة المسرحية، وهي تطمح إلى تكريس ثقافة الحوار وان لم ترق احيانا لبلوغ ذلك.
الاختلاف شرارة الحوار.. جزء من لحظة اشتعال الوعي واشتغاله على الحقيقة.. كنا نطوف حول التجربة بحواراتنا.. لا نريد ذائقة مشتركة ولافهما مسرحيا واحداً ولاإنشادا جماعيا لفكرة واحدة بقدر ما نطمح للتجاوز، للقفز على جاهزيات الكلام وعوالم الفهم الجامد.
نتوق إلى جعل الحوار انسحابا من ثكنات الدفاع عن ذاتيتنا واندفاعا صوب مواجهة هذه الذات وما تمارسه من قهر داخلي.. انه الحوار الذي لاتتوخى فيه الارتداد إلى الداخل والتحلزن على الذات ولا إلى تلميع أفكارنا وإنما نتطلع معه إلى اطلاق أفكارنا وتركها في العراء عرضة للنقد والسلب والتقطيع.
ما من شيء نعوزه كالحوار فهو الذي يطبع على شفهنا ابتسامات الأمل، ومعه نبدو أقدر على اكتشاف الأكاذيب المغلفة، ومعاني التجربة المسرحية التي تتوالد من سياقات الحياة المختلفة.. هذا الحوار الذي كان يطحن في فواصله أفكارنا / أوهامنا التي نحسب معظم الأحيان انها نشيد مقدس.
في كل مرة نغادر تلك الفسحة الحوارية حول العروض كنا نبدأ حوارا داخليا حول كل الأشياء وهذا ربما أجمل ماتركته تجربة الاختلاف في هذا المهرجان. هذه إذن دعوة مفتوحة للاختلاف باعتبار ذلك نشيدا كونيا قد لا نحسن تأديته، دعوة لايقاظ الأسئلة في أرواحنا بعد ان يخلد العرض للسكون.
atheer93@hotmail.com
|
|
|
|
|