| محليــات
سيأتي اليوم الذي ستضطر فيه الحكومة إلى وضع اللوائح والقوانين لمهنة الشحاذة. لا أعرف هل ستصبح هذه المهنة تحت مظلة الخدمة المدنية أم أنها سوف تتبع نظام العمل والعمال. أما من ناحية التسمية فلن تجد الأحوال المدنية أي مشكلة لأنه من السهل ضمها إلى طائفة المتسببين. ولكيلا نفاجأ بتفاقم المشكلة يجب ان نبدأ من الآن في الاهتمام بهذه المهنة ووضع الضوابط الضرورية لها خاصة أنها لم تعد قصرا على أبناء الوطن بل بدأ كثير من الأجانب يفدون إلى المملكة لممارسة هذه المهنة نظرا للحاجة الملحة لخدماتهم وكعادتنا مع الأسف نترك المهن تتنامى وترعى نفسها حتى إذا تفاقمت وتعقدت وتداخلت مصالح الناس تتدخل احدى الجهات وتشكل لجنة لدراسة الموضوع ويكون هذا الاجراء غالبا متأخرا مما يجعل كل الضوابط التي تصدر هي مجرد ضوابط لحل مشاكل آنية وليست ضوابط لهذه المهنة.
فمهنة الشحاذة لم تعد تقتصر على الفقراء دون الاغنياء ولم تعد تقتصر على الرجال دون النساء ولم تعد تقتصر على الشيوخ دون الشباب، ولم تعد تقتصر على الوطنيين دون الأجانب، ولم تعد تقتصر على أماكن معينة دون اخرى مما يعني ان هذه المهنة ستصبح مهنة المستقبل بلا منازع خصوصا أنها لا تتطلب الكثير. أهم المتطلبات هو تسامح الجهات الأمنية ووزارة العمل وهذا متوفر ولله الحمد وأكبر دليل على توسع هذه المهنة واجتذابها لاعداد كبيرة من الناس الطموحين، أنها تعدت مواقعها التقليدية مثل المساجد وبعض أبواب المحسنين. فاصبحنا نشاهد الشحاذين عند المدارس والمستشفيات والمقابر والمحلات التجارية وإشارات المرور ومحطات الوقود. بل تطورت تطورا غير مسبوق حتى في الدول سبقتنا في هذا المجال الحيوي بعشرات السنين فسوف يسجل التاريخ الإنساني لنا السبق في اختراع ما يمكن ان نسميه الآن بشحاذات الليموزين والشحاذة بالسيارات الفارهة.
مع الاسف تصل مهنة الشحاذة في بلادنا هذه المستوى من التعقيد والتطور والتوسع دون ان تحظى ولو باهتمام بسيط من المسؤولين.
لنفترض ان شابا يريد ان يمتهن الشحاذة الى من يلجأ لأخذ الاذونات اللازمة وخاصة أن كثيرا من الناس يريد ان يعمل في إطار النظام. ثم من هو المسؤول عن تنظيم العلاقة بين تلك النساء الشحاذات وبين سواقين الليموزين. فالعلاقة بين هاته النساء وبين سواقي الليموزين قد تتعدى مجرد سائق تكسي وزبون ربما تصل الى حد الشراكة وهذا في حد ذاته ربما يرقى الى مهنة جديدة تضاف الى مهنة الشحاذة وتعززها فالمهن تقود الى بعضها وتتوسع في داخلها. ومن حق الشحاذين في بلادنا بعد ان فرضوا مهنتهم على المجتمع ان تلتفت عليهم الجهات المعنية وتضع لهم الضوابط. لم تعد بلادنا كما كانت في السابق تسير على البركة، فمدن المملكة تتنامى بشكل سريع فالرياض على سبيل المثال سيصل عدد سكانها إلى عشرة ملايين نسمة ولك ان تتصور جيوش الشحاذين وسط هذا الحشد البشري العظيم. وخاصة شحاذات الليموزين بعطورهن الفارهة وبعباءاتهن الضيقة وبراقعهن العاجزة عن إخفاء الخدود.
yara4me@yahoo.com
|
|
|
|
|