| الاقتصادية
من الامور البدهية تأثر الاقتصاد ككل وقطاعاته المكونة له بالحالة التي يعيشها المجتمع من حيث السلم والحرب، ويأخذ التأثر هذا اشكالا مختلفة، فعلى سبيل المثال يؤدي الشعور بالامان الى اشاعة روح التفاؤل في اوساط المستثمرين والمستهلكين ويساعد على تهيئة بيئة مستقرة الى حد كبير تستطيع من خلالها القطاعات الاقتصادية تحقيق معدلات نمو مناسبة وعلى العكس من ذلك تسهم الازمات والحروب ومقدماتها في ايجاد جو من عدم الاستقرار وتبعث على التشاؤم من المستقبل سواء بالنسبة للمستثمرين او للمستهلكين الامر الذي من شأنه المساعدة في احداث ركود اقتصادي او زيادة استفحاله واطالة امده في حالة وجوده مسبقا سواء بالنسبة للاقتصاد ككل او لبعض قطاعاته، وهذه الرؤية وان كانت سليمة على وجه العموم ولمعظم قطاعات الاقتصاد الا انها ليست كذلك بالنسبة لقطاعات اخرى، فهناك قطاعات معينة تتأثر سلبا بسيادة السلم والاستقرار او بعبارة اخرى بانخفاض احتمال حدوث الازمات والحروب او بتضاؤل اسباب حدوثها، ويأتي في مقدمة هذه القطاعات الصناعات والانشطة الاقتصادية المرتبطة بالانفاق العسكري، فمثل هذه القطاعات لا تنتعش الا في حالات الحروب والازمات، فوجود الحروب والازمات او تزايد احتمال حدوثها او افتعال الازمات المشعرة بحدوثها او تضخيم هذه الامور في حال وجودها بشكل مبالغ فيه يسهم في توفير عوامل نمو هذه القطاعات وزيادة الطلب على ما تنتجه من سلع وخدمات وعلى العكس من ذلك يؤدي انتشار السلم واسبابه وتدني احتمال حدوث الحروب وانخفاض اعداد بؤر التوتر في العالم او تدني حدثها الى آثار سلبية على هذه القطاعات لما توفره هذه الامور من اسباب منطقية تدعو الى تقليص الحافز على شراء منتجات هذه القطاعات او الاستفادة من خدماتها،
من الامثلة الواقعية على ما ذكر آنفا القطاعات العسكرية الامريكية والتي ادى تزايد ما انفق عليها خلال سنوات الحربين العالميتين الى زيادة الانفاق الحكومي الفيدرالي بمقدار الضعف تقريبا مقارنة بالسنوات السابقة واللاحقة ثم جاءت بعد ذلك الحرب الباردة والتي وفرت سببا منطقيا لاستمرار الانفاق العسكري الامريكي المرتفع لكن بعد انتهائها تدنت درجة المخاطرة التي تواجهها الولايات المتحدة الامريكية وبدأ العائد من هذا الانفاق الضخم والذي يشكل ما نسبته 20% تقريبا من ححم الانفاق الحكومي الفيدرالي في التراجع وبدأت تثور تساؤلات حول جدوى الاستمرار في هذا الانفاق الضخم طالما وان اسبابه لم تعد موجودة بنفس درجة الخطورة السابقة، تزامن هذا مع تزايد الحاجة لزيادة الانفاق على برامج الرعاية الاجتماعية والصحة والتعليم وغيرها من الجوانب المماثلة وعدم الرغبة في زيادة عجز الميزانية او زيادة معدلات الضريبة نتيجة لذلك اصبح من المناسب التفكير باعادة توزيع ايرادات الحكومة لصالح البرامج الاخيرة على حساب الانفاق العسكري سعيا لتحقيق اعلى عائد ممكن من الانفاق الحكومي،
وكان من الطبيعي ان لا تشكل انماط التفكير هذه وانتشارها وتزايد الاقتناع بها اخبارا جيدة بالنسبة للقطاعات والصناعات العسكرية وما يرتبط بها،
* قسم الاقتصاد والعلوم الادارية
جامعة الامام محمد بن سعود
|
|
|
|
|