| مقـالات
وسيبو هذا.. فني.. على ما اعتقد من الهند.. فأنا لا أفرق بين هؤلاء الآسيويين.. لكنه إما هندي.. او بنغالي.. المهم انه ينتمي الى إحدى هذه الجزئيات التي كانت دولة واحدة.. ذهبت اليه بسيارتي العتيقة وقلت له.. السيارة.. «ما تدق سلف على طول».. أقبل علي وأنا جالس في مكان السائق.. وجرب المفتاح مرة ومرتين وثلاثاً ثم قال بلهجة مكسرة.. «ستارتر» وأومات برأسي.. قلت كم.. تأخذ من الوقت لاصلاحها فأنا عندي موعد بعد ساعة. وهكذا نحن عجلون دائماً.. قال.. نصف ساعة. مع هزة رأس معتادة.. ولما رأى موافقتي العجلة.. قال.. حقي ستون ريالاً هذا غير قيمة التالف. وركنت السيارة في محل الكهرباء.. وذهبت أجرجر قدمي وأقرأ لافتات الدكاكين في شارع كبير في حي المصيف. فالورش من فضل الله تجدها في بلادنا في كل زاوية. ومن العجيب المحبب الى النفس انني عندما تركت ورشة «سيبو» والتفتُّ يميناً شاهدت لوحة كبيرة تحمل اسم احد المستوصفات والتي هي الأخرى ولله الحمد منتشرة في كل مكان.. فإن كانت سيارتك مريضة وأدخلتها الورشة.. وسبّب لك «المهندس» سيبو أو غير سيبو.. سبب لك مغصاً.. فعندك المستوصف.. ولن تسلم من المستوصف أيضاً وأسعاره الخيالية.. وما عليك حينئذ إلا الصبر كانت الساعة الثامنة والنصف صباحاً.. رجعت الى سيبو وقد وجدته قد فك «السلف» وأخرج منه «حديّدة» مقدار ظفر الآدمي في حلبة المصارعة الحرة.. وقال.. هذي.. وقد جلب مثلها جديدة. وقرأت الورقة فاذا هي صناعة يابانية وقال هذي قيمتها ثلاثون ريالاً. يعني أبي منك تسعين .. قلت ما شاء الله من ثمان ونصف الى تسع وشوي حصلت تسعين.. لله درك ودر صنعتك والولد لدينا يؤذي والديه كل ساعة.. يبي تسعين. ولا شيء..
هذا سيبو.. وهذه مهنته كهرباء سيارات.. لا يؤذيه أحد في صنعته. ولا يحتاج هو أن يؤذي الآخرين ويكسب كسباً طيباً.. وأبناؤنا يخرجون من المدارس وينامون بقية النهار.. ويسرحون ويمرحون في الليل حتى منتصفه وتتعب أمه في ايقاظه في الصباح مرة أخرى للمدرسة. ويعود آخر العام ومعه ما هو أقل من خفيّ حنين. فلو أن هؤلاء ذهبوا للورش بقية أوقاتهم .. ألا نكون قد كسبنا يداً عاملة وطنية وكسبت هذه اليد العاملة ما يغنيها ويرفع شأنها. وقفلنا التأشيرات لكثير من البلدان؟؟!
|
|
|
|
|