أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 11th October,2001 العدد:10605الطبعةالاولـي الخميس 24 ,رجب 1422

الثقافية

نهار جديد
مثاقفة أم حرب؟!
عبد الله سعد اللحيدان
لدينا ثقافات مختلفة وليست ثقافة واحدة، وهذه الثقافات متصارعة وليست متصالحة، وهذا الصراع يتعدى المنافسة الحرة الشريفة القائمة على تكافؤ الفرص الى محاولات التهميش والقتل والنفي والإلغاء، تعتمد في صراعها على وسائل بدائية لا تعرف الحوار او المثاقفة أو حسن النية أو الجلوس على طاولة واحدة، ويستعدي بعضها على البعض الآخر كل ما يملك وما يمكن ان يؤثر عليه مما لا يملك في هذه الحرب الثقافية الابداعية غير العادلة، ويجنّد في سبيل اثبات حضوره الثقافي والابداعي ودوام سيطرة هذا الحضور وسائل وامكانات ليست في الثقافة والابداع في شيء ولا يمكن ان تمت للثقافة والابداع او للانسانية في احيان اخرى بأي صلة او علاقة وبحيث لا يرى في الافق سوى مصلحته واهدافه الخاصة ولا يرى في الماء غير انعكاس صورته فيما هو يواصل الاصرار ايضا على ان لا يرى الآخرون غير انعكاس صورته في الماء المشترك.
وجود هذه الثقافات المختلفة والمتباينة، وصراعها، قد يكون شيئا طبيعيا ومثمرا لولا ما يتخلل هذا الوجود ويتعالق معه من خلل شارك في هذا الوجود ودرجة وقوة الحضور والاستمرار وخلل اكبر في العلاقات القائمة بين هذه الثقافات، ومما يجعل لهذا الوجود ولهذه العلاقات جوانب سلبية ويقضي على اي ملمح ايجابي او فائدة متوقعة او مفترضة ومما يجعل الخوف قائما على اجيال ثقافية وابداعية واجتماعية قادمة لقدرة هذا الوجود غير الطبيعي وهذه العلاقات غير الطبيعية داخل هذا الوجود على التأثير فيها وفي مستقبلها الثقافي والابداعي والانساني، ايضا وحتمية هذا التأثير السلبي تستدعي وجوب مقاربة وجود هذه الثقافات أسبابا وواقعا ونتائج متوقعة ومقاربة طبيعة وجدليات العلاقة بين هذه الثقافات والى اين يتجه وجودها وتتجه علاقاتها وطبيعة علاقاتها التي تبدو لنا الآن غير منطقية وغير عادلة في حقها هي كثافة وابداع وفي حق منتجيها والمستفيدين منها والمستمتعين بها ايضا.
لست اتحدث «هنا» عن الثقافة الرسمية وغير الرسمية، لأن كلا من الثقافة الرسمية وغير الرسمية تضم تحت لوائها كافة انواع الثقافات المشار اليها ومعظم تياراتها ووجوهها المختلفة ولأن من يمثل هذه الثقافات المختلفة وتياراتها اشخاص ليسوا مؤسسات، وبهذه الصورة هم موجودون في المؤسسات وخارجها، وهناك منهم من يمارس الثقافة والابداع تحت ظل المؤسسة او خارجها وبدعم منها او بجهوده الذاتية وتحت مظلتها او تحت مظلة ثقافته او ابداعه فقط.
هذه المؤسسات الثقافية والابداعية كيانات اعتبارية، والاشخاص الموجودون فيها او العاملون معها هم من يعطي الصورة ويخلق الانطباع عن هذه المؤسسات ونشاطاتها ويوحي بوسائلها واهدافها ويترك لدى الآخرين مجالا واسعا لتكوين فكرة ما عن هذه المؤسسة او تلك فيما ليس للمؤسسة اي ذنب في أي أثر سلبي يلحق بسمعتها وقد تركت لهذا اشخص او ذاك ان يستغل اسمها وإمكاناتها لتشويه هذه السمعة ولأهداف شخصية ومصالح لا علاقة للثقافة والابداع بها، وفي شدة التباين والاختلاف الموجود الآن بين الاندية الادبية في بلادنا دليل واضح وجلي على ما أقول، وفي رضى الناس من متلقين ومثقفين ومبدعين على ناد وسخطهم على ناد آخر دليل آخر، وفي نشاط وانتاج وحيوية وكرم ناد وخمول ونوم وهامشية وبخل ناد آخر دليل ايضا اذا علمنا ان هذه الاندية الادبية تحكمها انظمة موحدة وتعليمات موحدة وتوجهات، وتنال ميزانيات ومساعدات مادية متماثلة تقريبا اي انها تملك نفس الامكانيات والقدرات والفضاءات المفتوحة للمثاقفة والابداع وتشجيعهما كمؤسسات اعتبارية، فيما يقف الاشخاص القائمون على هذه الاندية والعاملون فيها والمتعاونون المستفيدون منها الموقف الذي يحدد رؤية وموقف النادي ورؤية الناس اليه ومواقفهم منه.
هذه الصورة ليست سوى مثال لما سوف تدور حوله هذه المقالات وكمحور وتيمة احاول من خلالها الحديث واقامة حوار اتمنى وجوده وأفرح أثناءه بمن يختلف ويجادل اكثر مما أفرح بمن لا يزيد موقفه عن هزة رأس موافقة او خائفة صامتة.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved