| مقـالات
العلم في أصله موهبة ربانية وهو يسير ما بين الصفات الخاصة الدقيقة بين عالم وعالم، فهناك من العلماء من يحفظ وهُناك من يفهم وهُناك فهم من يحفظ ويفهم وهُناك من يحفظ ويفهم ويُضيف الاجتهاد في النص تارة وتارة والأخير هو.. (الموهوب) وفي كل خير. ولا يحسن الخلط بين الاكتشاف والتكرار أو بين: الحفظ واستعمال العقل أو بين الفهم ومجرد الوعظ أو الخطاب المباشر، كما أنه من الغلط البين الخلط بين الحفظ والفهم وبين الموهبة المضيفة تلك التي تُجدد بواسع جاد مكين جليل من النظر.
فالعلم موهبة في صوره كلها ولكن الله تعالى يمُن على من يشاء فيستعمله سبحانه لنظر حالات مراد النص وفقه دلالاتها على الأمور من العبادات والمعاملات.
وفي هذا الحين فيما يكاشف المرء نفسه بواضح من الوعي العميق يستطيع معرفة ما بين يديه كما عرف ذلك من قبل حيث تصنيف العلم ودرجات أهله كما هو عند: أهل التراجم خاصة أحوال الرواة والاسانيد والطبقات كما دونه: ابن عدي، وابن سعد، والمقدسي والدمشقي، وابن حجر، والذهبي وقبلهم بطرح موهوب كريم: ابن أبي حاتم والبخاري، وابن حبان.
وتنظر المزي في كتابه التهذيب فينالك العجب وتغرق بين هذا وذاك بعد قرون سمعت بعدها ما سمعت عن راو وراو فإذا أنت تقلق وينزل بك: هم أنك لم تعرف من كبار العلماء إلا النزر اليسير لكنك بعدئذ وبتأن ووعي وخلفية تقف على حقائق سجلها التاريخ عمن تكون لم تسمع به من قبل مع إمام مجدد فحل بل صنع كبار العلماء توفيقا من الله تعالى.
وأكاد أجزم أن جلة من المسلمين قد لا يعرفون هؤلاء مثلا:
1 آدم بن أبي إياس.
2 عبدالله بن مسلمة القعبني.
3 المكي بن إبراهيم.
4 سليمان بن حرب.
5 محمد بن سلام.
هؤلاء صنعوا: البخاري مع آخرين.
و:
1 عبدالرحمن بن مهدي.
2 وعبدالله بن يوسف.
3 والقعبني.
4 وأبو حاتم.
5 وابن معين.
صنعوا: احمد بن حنبل مع آخرين.
و:
1 أبوزرعة الرازي.
2 وسويد بن سعيد.
3 والحميدي.
4 وأبوبكر بن أبي شيبة.
هؤلاء صنعوا: الإمام مسلم مع آخرين.
ومثلهم من ذكرت من هؤلاء الكبار:
1 بنت سيرين.
2 أم الدرداء الكبرى.
3 زينب الصغرى.
4 عُليَّة.
نساء مع آخريات صنعهن باذن الله تعالى وتقديره أهلهن ما بين أب وأخ وزوج حتى ليخيل على العادي من الناس أن موهبتهن جاءت ابتداءً هكذا بينما يسر الله تعالى لهن ما دفعهن إلى التجديد الذي لم يتكرر.
وبقراءة الجزء الأخير عند ابن سعد أو المزي تجد خالدات كثيرات قد تأتي البيض بمثلهن على تجرم القرون حالاً بعد حال.
فالعلم موهبة ربانية حارة شفافة متدفقة ويميز الناس بين العلماء بقراءة حالاتهم التي مرت على كبار الأئمة قبل أن يدفعها أصحابها الى العالمين فهم يعرضو نها بنية صالحة متجردة على أئمة علم الجرح والتعديل كل ومن يلتصق به ممن حوله كما فعل احمد فيما عرض على: يحيى بن معين.
ومسلم فيما عرض على: أبي زرعة.
والبخاري فيما عرض على: ابن المديني.
والنسائي فيما عرض على: قتيبة بن سعيد.
وابن حجر فيما عرض على: العراقي.
والذهبي فيما عرض على: المزي.
وكل ما كان العالمُ موهوباً عظَّمَ أمر النية لديه وتجرد ووعى. وعظَّم أمر الوقت كذلك من هُنا يتدافع إليه زخاتُ الموهبة مع عدم شعور منه.
فمن هنا سوف أذكر أن: الترجمة ذاتها موهبة لها من الضوابط بقدر ما لها من السنن والواجبات والشروط.
فهناك ترجمة وترجمة، وفرق بين هذه وتلك، ولن أذهب بعيداً فها هو كتاب (التاج المكلل...) لصديق خان من المتأخرين ترجم لثلة من الأولين وقليل من الآخرين.
سوف باذن الله تعالى أورد بعضا من تراجم ذكرها ثم أضيف إن شاء الله تعالى أشياء من مطولات أخرى لنرى: الموهبة من خلال الترجمة ونرى العلم من خلال الموهبة ونراها من خلالها ونتبين تراجم سامقة سما بسموها آخرون بخالص نظر متين وبصادقِ عمقٍ حساس وبشعورٍ ناهضٍ لا يريم.
جاء في ص 134: (أبوعبدالله، مكحول بن عبدالله الشامي كان معلم الأوزاعي، قال الزهري: العلماء أربعة:
سعيد بن المسيب بالمدينة.
والشعبي بالكوفة.
والحسن البصري بالبصرة.
ومكحول بالشام.
ولم يكن في زمنه أبصر منه بالفتيا، وكان لا يفتي حتى يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، هذا رأي والرأي يخطئ ويُصيب، وسمع أنس بن مالك ووثلة بن الأسقع وأبا هند الرازي وغيرهم، وكان مقامه في دمشق سنة 118ه).
كان بين الطويل والقصير بسيطا في كل شيء يكره التعظيم وينفر منه، وكان قليل الكلام كثير الذكر، وكان ذا فراسة تصيب وذا نظر حاد جاد ورع تقي عفيف من أجل ذلك صنع من: (الأوزاعي) إماماً كما صنع غيره كثيرين في الشام وغيرها، له آراء لم يسبق إليها في تعقيدات النوازل وهو بهذا قد جدَّدَ وسدَّدَ، كان يجالس الفقراء ويتبسط لهم ويحاول كشف صفاتهم ثم يوظفها بالملازمة، كان شديد الورع كثير محاسبة النفس، يضن بدينه ولا يضن بماله وجاهه، كان في صوته غلظة، وكان مجلسه منبسطاً كأنه ليس هو/ فيه من شدة تواضعه.
وجاء في ص 256: (علي بن أحمد بن عبدالواحد السعدي الصالحي الفقيه المحدث المعمر، ولد سنة 595 وسمع بدمشق وبالقدس ومصر والاسكندرية وحمص وبغداد وتفرد بالرواية عن جماعة وسمع كثيراً من الكتب الكبار والأجزاء وتفرد بالدنيا بالرواية العالية وصار محدث الإسلام. روى الحديث فوق ستين سنة (60) وسمع منه الأئمة الحفاظ المتقدمون وقد ماتوا قبله بدهر، قال الفرضي: كان شيخاً مسنداً وقوراً صبوراً على قراءة الحديث، مكرماً للطلبة مقبلاً على العبادة ألحق الأحفاد بالأجداد، قال الفزاري: انتهت إليه الرئاسة في الرواية وقصده المحدثون من الأقطار، وقال البرزالي: كان يحفظ كثيراً من الأحاديث وألفاظها المشكلة.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية: ينشرح صدري إذا دخل ابن البخاري بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث. سمع منه عمر بن الحاجب والحافظ المنذري وحدَّث ببلاد كثيرة).
كان فيه سمت ودل وله وقار وهيبة ظاهرتان وقد ناله: حسد مرير ومتابعة سيئة طيلة طائلة فصبر وصابر ورُدَّتْ علومه لكنه صبر وكان كثير الدعاء على من ظلمه ووقف في سبيله فطال عمره وسدده الله وتفرق حاسدوه ما بين: مرض، وكبر، وانشغال وحيرة واقبال على الدنيا كان أحدُ صُنَّاعِ العلماء الكبار يكتشفهم ثم يوظف: مواهبهم بنباهة وحكمة وعقل وروية، وكان شديد البساطة مع وفرة المال.
1 من كلامه (دع الدهاء امام كل ضعيف مغلوب).
2 (نزل نفسك يا أخي منزلة من أمامك أو من تسمع عنه).
3 (المصالح تجلب الدهاء وحسن الصحبة وبذل الخدمة فاحذر هذا النوع).
وفي ص 254 جاء: (عبدالرحمن بن عمر بن أبي القاسم البصري الضرير الفقيه الإمام ولد سنة 624ه حفظ القرآن الكريم وسمع ببغداد من ابن الجوزي ومجد الدين ابن تيمية وله معرفة بالحديث له تصانيف منها: كتاب: (جامع العلوم في تفسير الحي القيوم) وكان من العلماء المجتهدين والفقهاء المنفردين روى عنه جماعة من الشيوخ، وكانت له فطانة عظيمة ونادرة عجيبة).
كان ربعة من الرجال قليل الكلام يميل إلى سمرة اللون. وكان متبسطاً لذوي الحاجات وكان إذا قدمه أصحاب المجلس ينسحب، وفد اليه العلماء من الحجاز واليمن والشام وبخارى وتركيا.
كان متواضع المسكن جداً والمركب لا يفتي إلا بعد جهد وبنص صحيح وكان يشارك العلماء ويُشركهم ويُكاتبهم ومن خلال هذا كشف للأمة عن علماء عظام من كبار الحفظة وذوي سعة عقل ودين وورع، وفي ص 362 قال: (الحافظ ابن حجر العسقلاني هو: احمد بن علي بن محمد شهاب الدين. قال سليم الخوري في: (آثار الأدهار) وينعت بشيخ الإسلام ولد بمصر سنة: 774ه ونشأ يتيماً حفظ القرآن وهو ابن تسع سنين ت سنة: 852 بمصر).
وقال عنه السيد صديق حسن كذلك فيها يعني: ص 362: (وقد ترجمه تلميذه السخاوي في كتاب سماه: (الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الاسلام ابن حجر)، وترجمة البلقيني، قال الشوكاني في: (البدر الطالع) في ترجمة نقل عنه أنه قال: (لست راضياً عن شيء من تصانيفي لأني عملتها في ابتداء الأمر ثم لم يتهيأ لي من يحررها معي سوى شرح البخاري ومقدمته، والمشتبه، والتهذيب، ولسان الميزان، وروى عنه في موضع آخر أنَّه أثنى على شرح البخاري، والتعليق، والنخبة، ولا ريب أن أجل مصنفاته: (فتح الباري) وكان تصنيفه عن طريق الاملاء. ثم صار يكتب من خطه مداولة بين الطلبة شيئا فشيئاً. والاجتماع في يوم من الأسبوع للمقابلة والمباحثة إلى أن انتهى في سنة 842ه).
كان يميل إلى بياض اللون ورعاً شديد الورع ذا صمت كثير كان أحد صُنَّاع العلماء في زمانه كان ذا حافظة ودهاء استغلهما في طاعة الله تعالى وكشف المواهب ورعايتها وتجديدها، كان يمقت ويذم العجلة، وكان يكره أن يُكتب له شيءٌ فيوقعه حتى يكون هو الذي يُباشر/ البحث والدليل والتعليل وكان بعيدا عن الجفوة والتصلب، وكان يكاتب: علماء الأقطار ويسترشد بما لديهم وكان من عجيب أمره أنه كان لا يحتجب ومع عظم قدره وحفظه التام وفهمه السديد فقد كان يسير وحده بلباس وهيئة متواضعين مع أنه كان يحب التجمل والتطيب، ولم يزل: (فتح الباري) إماماً ولن يزال باذن الله تعالى فقد سبق وجدَّدْ وأضاف وإلا فما قيمة التكرار ومجرد الجمع والخطاب المباشر هكذا لقد صنعه باذن الله تعالى بيته التقي العفيف ثم: مال والده الحلال ثم من كان وصياً عليه بعد وفاة والده وأخرجه لهذه الأمة بعد ذلك الإمام الحجة الحافظ العراقي. الذي اكتشفه ثم اهتم به وحافظ عليه،
محمد بن سليمان بن فهاد الحربي
ضيف الله الحربي
زبن الحربي
سعود بن نمر بن علي الحربي.
سليم بن نهار الحربي
«المدينة»
أقدر لكم خطابكم الطويل وسوف باذن الله تعالى أبين حال «الرواة» الذين تسألون عنهم ويمكنكم إن شئتم التعقيب إن بدا مني سهو ما:
عمرو بن وهب الثقفي إمام كبير (ثقة) من الطبقة الثالثة، وهناك آخر اسمه: عمرو بن وهب الطائفي لكنه من الطبقة السابعة فلا تخلطوا بينهما لأني رأيت الخلط: واضحاً.
أبو عمير النحاس،
اسم هذا: عيسى بن محمد بن إسحاق، أبو عمير بن النحاس ثقة كبير من الطبقة العاشرة.
سعد بن المنذر بن أبي حميد الساعدي، من الطبقة الثالثة مقبول صاحب فضل وخير.
إسرائيل بن موسى أبو موسى البصري من الطبقة السادسة ثقة وهناك آخرون يشتركون في الاسم الثاني لكن الطبقة تختلف.
أما كتاب الشيخ سعد بن جنيدل فهو كتاب يحوم حول: المواقع التي وردت في (صحيح البخاري) وهو جهد كبير وعمل جيد بذل صاحبه فيه جهداً ووقتاً ونفساً، ويعتبر رصيداً يضاف إلى المكتبة العلمية الشرعية.
إلا أنه قد كان يحتاج إلى طول النفس وترجيح الموقع مكانه ورسمه اللفظي (تشكيل الحروف) وما ترتب عليه خاصة: الربذة، وقديد، ونحوهما كثير وكم كنت آمل من الشيخ سعد عرضه على عالم حديث متخصص مع حفظ الصدر والفهم والإحاطة.
|
|
|
|
|