أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 10th October,2001 العدد:10239الطبعةالاولـي الاربعاء 13 ,رجب 1422

عزيزتـي الجزيرة

حاول أن تفهم:
لماذا يسرق الطفل؟!
يأخذ صغار الأطفال أحياناً أشياء مختلفة لا تخصهم، ولكن مثل هذا العمل في سن مبكرة كهذه لا يعتبر في الحقيقة نوعاً من السرقة، فهم لا يدركون بوضوح ما يخصهم، وما لا يخصهم، وهم في الواقع يأخذون الأشياء لأنهم يريدونها بشدة، ولذلك فمن المستحسن ألا نجعل الطفل يشعر بأنه مجرم لأن ذلك يفزعه، وعلى الأم أن تفهمه أن هذه اللعبة هي لعبة )فلان( مثلاً، وأنه يود اللعب بها حالاً، وأنه يمتلك لعبة مثلها في المنزل أو أنها ستشتري له واحدة مثلها في العيد.
تصبح السرقة ذات مغزى في الفترة بين السادسة والبلوغ، فإذا أخذ الطفل شيئا لا يملكه فهو يعلم أنه يرتكب أمراً خاطئاً، ولذلك فإنه يميل إلى السرقة سراً وإخفاء ما قد يسرقه. وحينما يكتشف أحد الوالدين أو المدرسة أن طفلا قد سرق شيئاً ما فإن الطفل سيتلقى اللوم الشديد حتى يشعر بالخزي، وهذا رد فعل طبيعي، فكلنا تعلمنا أن السرقة جريمة خطيرة وإنه لمن المفزع حقاً أن نرى طفلنا وقد سرق، على أنه ليس من الحكمة في شيء أن نخيف طفلاً في السابعة من عمره بسبب السرقة حيث إن ذلك قد يجعل الأمور أكثر سوءاً، فالطفل كما ذكرنا يعلم أنه أتى أمراً خاطئاً، ولكن الدافع لذلك كان من القوة بدرجة أنه لم يقدر على مقاومته، ولذلك يجب علينا قبل كل شيء أن نحاول أن نفهم لماذا يسرق الطفل؟.
لنأخذ الطفل مثلاً في حوالي سن السابعة الذي تربى على أيدي والديه الحكيمين ذوي المثل العليا، والذي يقتني عدة لعب وأشياء أخرى وله مصروف خاص، إذا سرق مثل هذا الطفل فإنه يسرق عادة قليلاً من النقود من أمه أو من زملائه بالمدرسة أو يأخذ صوراً من درج طفل آخر، وعادة لا يكون هناك أي معنى لهذه السرقة، فالطفل يمتلك مثل هذه الأشياء على كل حال. ولكننا سنلاحظ أن شعوره مشوش فهو يشعر بميل شديد إلى شيء ما ويحاول أن يشبع رغبته تلك بأن يأخذ شيئاً ما ولو كان ليس بحاجة فعلية له.
في أغلب هذه الحالات يكون الطفل غير سعيد ووحيداً إلى حد ما، وقد لا يتمتع بعلاقة وثيقة مع والديه، أو هو يشعر بأنه لم ينجح تماماً في عمل صداقات مع الأطفال من سنه )وهو قد يشعر بذلك رغم أنه يكون طفلاً محبوباً جداً(، وقد يكون السبب الرئيسي للسرقة في سن السابعة هو أن الطفل في هذا العمر يحاول بغريزته أن يصير أكثر استقلالاً عن والديه فإذا لم ينجح بتكوين صداقات ترضيه فلا بد وأن يشعر بالوحدة ثم يقوم بهذه التصرفات كما قد يكون الشوق لمزيد من العطف ولفت النظر سبباً للسرقة في مختلف الأعمار ومثلها الغيرة والخوف والحسد وهناك من الأطفال من يظن أن خطف الأشياء وسرقتها هو من أعمال الرجولة والبطولة وطبعاً هذا غير صحيح ولو أنه أيضاً ليس شراً مستطيراً.
والسؤال الآن.. ماالذي يجب عمله إزاء الطفل السارق؟
لا شك أن المبالغة في توبيخ الطفل السارق أو إشعاره بالخوف الشديد لن يؤتي الفائدة المطلوبة بل قد يزيد بانفراديته وشعوره بالوحدة، ولذلك يجب أن نرى هل الطفل في حاجة إلى مزيد من العطف والرضا عنه بالمنزل. وهذا هو الوقت المناسب لإعطائه مصروفاً كالذي يأخذه زملاؤه الذين يعرفهم، وهذا سيساعد من جهتين إذ سيشعر الطفل أن هذا المصروف دليل على حب والديه له كما أنه سيساعده على الشعور بأنه قد صار واحداً من جماعة الصبية من زملائه وأصدقائه وعلى الآباء ألا يترددوا بالحصول على المساعدة اللازمة من عيادات إرشاد الطفل أو أحد أطباء الأطفال النفسيين.
لا يعني ما سلف ألا يذكر الوالدان شيئاً عن موضوع السرقة لطفلهم بل يجب مناقشته في ذلك بصراحة وتفاهم تامين، ومن الطبيعي جعل الطفل يرد ما أخذ من أشياء لأصحابها على أساس أنه أدرك أن أصحابها في حاجتها، ولا بأس بعد ذلك أن يعطي الطفل التائب هدية تشبه ما سرق وأعاده ليس كمكافأة على السرقة طبعاً وإنما علامة على اهتمام الوالد بألا يأخذ طفله أي شيء ليس له وفي نفس الوقت أنه مستعد لتحقيق رغبات طفله ما دامت معقولة.
د. ساري دعاس
استشاري أمراض الأطفال وحديثي الولادة بمستشفى
الحمادي بالرياض مجاز من هيئة البورد العربي

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved