| الاخيــرة
اتخذت الإدارة الأمريكية شعار «العدالة المطلقة» لمكافحة الإرهاب على أثر الاعتداءات التي وقعت في نيويورك وواشنطن، ونحن المسلمين نؤيد بل ونطالب بتطبيق العدالة إلا أن هذه العدالة لا تكون مطلقة إذا اقتصرت على ملاحقة متهمين بالتفجيرات التي حصلت في نيويورك وواشنطن، فهذه عدالة محددة لا تفي بالغرض من معالجة ظاهرة العنف، واحتمال التشخيص الخاطئ أساس وارد هنا، ذلك أن التفجير السابق الذي وقع في مركز التجارة العالمي كان المتهم فيه بالتحريض شيخ كبير في السن كفيف البصر ومازال يقبع في السجون الأمريكية، والآن المتهم بالتحريض شخص آخر، فالعدالة التي لا تستخدم ازدواجية المعايير هي الطريق الوحيد للمعالجة الناجعة لهذه الظاهرة، العدالة المطلوبة هي العدالة التي تستخدم التصنيف ذاته في وصف عمليتين متطابقتين بصرف النظر عن جنسية الجاني أو دينه، ومثلما يهتز العالم ويتحرك لمعاقبة المتهمين في التفجيرات الأخيرة يجب أن يتحرك وبنفس القوة عندما تقوم إسرائيل بقصف المدنيين وهدم منازلهم على رؤوسهم في فلسطين، أو عندما يقوم الروس بهدم مدن بأكملها في الشيشان، كان يجب أن يتحرك العالم بنفس السرعة لإنقاذ المسلمين في البوسنة وتطبيق العدالة في الاذن بالتسلح لا أن يمنع المسلمون من التسلح بينما يتدفق السلاح على الصرب من الروس وغيرهم ويقف العالم موقف المتفرج حتى الجولة الأخيرة بعد أن يقضى على كل معالم الحياة يتم التدخل ذرا للرماد على العيون والظهور بمظهر العدل.
تتحقق العدالة عندما يكون القاضي نزيها يعطي كلا من طرفي النزاع الحقوق نفسها في الحماية وفرصة الدفاع، أما إذا كان القاضي يميل إلى أحد الطرفين ويحميه فإن ميزان العدالة يكون مختلا ويكون الخصم الثاني مظلوما وتتحول الخصومة ضد القاضي.
توني بلير رئيس الوزراء البريطاني في ردة فعله تجاه الأحداث الأخيرة بدا أمريكيا أكثر من الأمريكيين، قال في اجتماع حزب العمال :«إنها حرب من أجل الحرية والديموقراطية» ونحن نتمنى أن تكون كذلك، بأن تتحقق فيها حرية إخواننا الفلسطينيين من سجون الكيان الصهيوني، وأن تتحرر مقدساتنا من القبضة اليهودية، وأن لا تعتبر قضية الشيشان شأناً داخلياً بينما كانت قضية تيمور في إندونيسيا مركز اهتمام هيئة الأمم، وأن يتحقق الحكم الذاتي للمسلمين في الفليبين، وأن لا تغيب قضية كشمير أو تتناسى مكافأة للهند على دخولها ضمن التحالف الدولي، إن المعالجة الصحيحة لموجات العنف تكمن في إيجاد الحلول الجذرية لبواعثه ليعيش العالم كله في سلام، ويتم تواصل الحضارات لاتصادمها، فالحضارة الإسلامية كانت وما تزال مركز الإشعاع لإثراء العالم في السياسة والاقتصاد، والتشريع والقضاء، والأحوال الشخصية والعلاقات الدولية، والثقافة والفكر، وكل ما يضيء الطريق للوصول إلى الأمان الحقيقي..
|
|
|
|
|