| محليــات
بدأ الجو يتحسن وبدأت الناس تخرج من جحور المكيفات وأمراضها ، تراجعت أصوات خياشيم الناس المسددة والمحتقنة، وبدأ يقل دخل إخوتنا أطباء الحساسية وأطباء الأنف والأذن والحنجرة، مثلي مثل كثير من الناس أعاني من مشكلة مزمنة مع حساسية الأنف، وقد نصحني كثير من أصدقائي ومعارفي وأهلي أن أذهب وأبحث عند أطباء الحساسية عن حل، وأنا أرفض تمام الرفض فكرة الذهاب إلى دكتور حساسية، فأدوية الحساسية أربعة أو خمسة وقد جربتها كلها مجتمعة ومتفرقة، وأقدر خسائري على أنفي مع أطباء أنف وأذن وحنجرة بأكثر من ثلاثة آلاف ريال،
كل واحد يعطي رأيا مختلفا عن الآخر، حتى أن بعضهم نصحني بإجراء عملية جراحية «طبعا في المستشفى الذي يعمل به»، والمشكلة أن كل طبيب ينصحني بعملية مختلفة عن العملية التي نصحني بها الطبيب الآخر، واحد في الحاجز الأنفي وواحد في الجيوب الأنفية والثالث في بطانة الخشم، ، الخ،
لو أخذت بالنصائح المتعلقة بالعمليات لما بقي من خشمي شيء أرزه أمام الآخرين، عايش على اللّه وعلى الأتروفين، إذا انسد بخة هنا وبخة هناك وثواني ثم يتدفق الأكسجين إلى رئتيك ، دخل هذا الدواء منازلنا في الآونة الأخيرة وقرر البقاء فيها إلى الأبد، كما فعل أشقاؤه القدماء: الأسبرين والبنادول والفيفادول والكالسيوم، ، الخ، وأخيرا وبعد إلحاح من الناس ذهبت إلى طبيب حساسية، اختصر مشكورا كل ما فعله معي كل الأطباء وقدم لي نفس الأدوية ولكن بكلفة تساوي كلفة كل الأطباء السابقين مجتمعين لا أعرف لماذا كشفية طبيب الحساسية تتعدى خمسمائة ريال، لا أكتب هذا الكلام لأشارك القارئ الكريم همومي ومشاكلي، ولكني على ثقة أن عشرات الآلاف يعانون منها، معظم سكان الرياض ولا أبالغ إذا قلت سكان المملكة بأسرهم،
لا يمكن أن أصدق أن كل هذه المشاكل في خياشيم الناس سببها شجرة أو غبار أو أي شيء يتعلق بالطبيعة، فالناس كانت تعيش في الرياض بين النخيل، والتلاقح على أشده حتى أننا كنا نشاهد الفحل من النخل وهو يختلس نظرات الغرام للنخلة الخجولة، كما أن الغبار ليس جديدا على حياتنا، كنا نعيش فيما يشبه المراغات، إذا ثارت مراغة لأي سبب تغيب الرؤية مدة ثلاث ساعات متواصلة،
كان الأطفال ينتظرون بفارغ الصبر أن تثور واحدة من تلك المراغات ليدخلوا فيها فرحين مهللين،
كانت الناس تعيش على اللّه ثم على الوازلين الأخضر، كان يباع بالكراتين ومع ذلك لم نعرف شيئا اسمه الحساسية التي نعرفها الآن،
لا يمكن أن أصدق أنه لم يحصل في الطبيعة أو على الأقل في طبيعة الرياض شيء ما كيماوي يسبب كل أمراض الأنف ، إذا عرفنا أن مشاكل الخشم لم تتفاقم الا بعد حرب تحرير الكويت،
يقال إن أرتال الدبابات حركت الرمال الراكدة منذ ملايين مما سبب خروج فيروسات خاملة ، كما أن هناك كلاما من تحت إلى تحت يؤكد استخدام أسلحة كيماوية سرية تسببت في ظهور مثل هذه الأمراض،
وهناك أقاويل كثيرة، قبل فترة وجهت أصابع الاتهام لشجرة البرسوبس، وتناثرت التصريحات والمقالات والتأكيدات، وأخيرا قر القرار أن تجري دراسة مفصلة حول هذه الشجرة قبل قطع دابرها من المدينة،
كان قرارا حكيما، إلا أن كلمة دراسة تعني في كل القواميس أن يقوم فريق من المختصين بإجراء تجارب في وقت محدد ثم تعلن النتائج ليأخذ الناس بها، ولكن يبدو أن التجارب سوف تطول حتى يرث اللّه الأرض ومن عليها،
سنبقى ننشق ونعاطس وندمع ومتى ما خلصت الدراسة نخلص،
Yara4me@yahoo.com
|
|
|
|
|