أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 10th October,2001 العدد:10239الطبعةالاولـي الاربعاء 13 ,رجب 1422

مقـالات

إعلامنا العربي.. إلى أين؟
بقلم الأمير : خالد بن عبدالله بن فهد الفيصل
تفاجئنا بعض الفضائيات العربية وبعض المؤسسات الاعلامية في وطننا العربي الكبير من حين لآخر بممارساتٍ إعلامية وبتقديم رسائل ومواد إعلامية لا صلة لها بالقيم ولا بالأخلاق ولا بأي شيء يتماشى مع المنطق والواقع، بل إن إحدى هذه الفضائيات العربية التي تبث من جارة شقيقة وعزيزة علينا لا تراعي مبادئ حسن الجوار ولا تقيم لحق الأخوة والإسلام وزناً أو اعتباراً بشكل لا نجد له أي مبرر سوى أنه تقليد أعمى للغرب ومتاجرة بشرف المهنة وأهدافها النبيلة على حساب تحقيق أغراض شخصية ودوافع أنانية ليس هناك مجال للحديث عنها الآن.
ومما لاشك فيه أن الاهتمام بعنصر الشباب في وطننا العربي يعتبر من أولى الأولويات في مجال التنشئة الاجتماعية والتثقيف والتوعية والتربية والتعليم، حيث إنهم الثروة الحقيقية وجيل المستقبل الذي يجب أن نحرص على استثماره كخطة إستراتيجية ومنهج رئيسي لأي دولة عربية.. لكن هل يعني كل هذا أننا نقدم رسالة إعلامية هابطة للشباب بحجة أن هذا ما يريده الشباب ويتلاءم مع أذواقه وحاجاته؟ وهل يحق لنا تهميش أصالتنا وثقافتنا وهويتنا وشخصيتنا ؟ وهل يحق لتلك المؤسسات الاعلامية أن تنجرف وتنحرف وتسيء للأخلاق ولكرامة الأنسان وهي التي تدخل مجالس الناس بدون استئذان؟ أسئلة كثيرة وكثيرة تراود كل من له غيرة على أصله وشرفه وأخلاقه وقيمه بعدما تخطت بعض المؤسسات الاعلامية والقنوات الفضائية في وطننا العربي كل حدود الأخلاق والشرف والالتزام.
مع مزيد الأسف الشديد أنه في الوقت الذي ينتظر فيه المجتمع من تلك المؤسسات الاعلامية أن تقوم بدور فعال وإستراتيجي في المجتمع يفاجأ بقنوات فضائية عربية تستمد مقوماتها وقيمها من مجتمعات غريبة عجيبة بعيدة كل البعد عن المجتمع العربي الاسلامي، همها الوحيد هو تحقيق الربح عن طريق كشف الفضائح وأخبار الموضة والجريمة وأخبار المشاهير والنجوم بحجة أن الجمهور يريد هذا النوع من البرامج وبالتالي الالتزام بمبدأ احترام أذواقه ورغباته.. لكن المغالطة الكبيرة هنا التي يقع فيها الكثيرون من حيث لا يدرون هي أن وسائل الاعلام هي التي تصقل وتصنع أذواق الجمهور وإحتياجاته وليس العكس، فالجمهور أو المستقبل عندما يتعود على سلعة إعلامية معينة فإنه يتبناها ويدمنها ويحبها مع مرور الزمن، فإذا عودنا الجمهور على مادة إعلامية محترمة هادفة تسهم في تكوين شخصيته وتساعده على تطوير ثقافته فإن هذا الجمهور سوف يبحث عن البرامج الجادة والهادفة، أما إذا هربنا من مسؤوليتنا الاجتماعية كمؤسسات إعلامية هادفة وفعالة في المجتمع وذهبنا نبحث عن غرائز المراهقين وإثارة شعورهم وعواطفهم وأحاسيسهم فإننا في هذه الحالة نعتبر أنفسنا أننا غرسنا قيما وعادات في المشاهد وحولناه من مشاهد فعال وهادف ومؤثر إلى مجرد مشاهد يبحث عن أخبار الاثارة والمتعة والفضائح وأخبار النجوم إلى غير ذلك.. فما يريده المشاهد هو ما تعود عليه وما قدم له من مواد وبرامج من قبل تلك المؤسسات الاعلامية والقنوات الفضائية، لكن السؤال الذي نطرحه هنا بكل مرارة وأسف هو كيف نضع حداً لهذا التسيب ولهذا الانحراف لكي نجعل تلك المؤسسات الاعلامية تسير في طريقها الصحيح؟! وكيف نستطيع أن نحمي إعلامنا العربي من المتطفلين والتجار والانتهازيين الذين يستعملونه كمهنة للابتزاز والفضائح والتشهير ونهش أعراض الناس. نحن هنا لا ندعو للرقابة، ولاندعو للتدخل السافر في عمل تلك المؤسسات الاعلامية، وانما دعوتنا هنا موجهة للضمير المهني وللضمير الأخلاقي، فكل إعلامي في مجتمعاتنا العربية يجب أن يقف مع ضميره ويسأل نفسه ماذا قدمت للمجتمع؟ وماذا قدمت للقارئ وللمشاهد وللمستمع؟ وماهي الأخطاء والتجاوزات والأمراض الاجتماعية التي عرضتها على الرأي العام وصاحب القرار واتخذت فيها إجراءات وقوانين وتشريعات لتصحيحها والقضاء عليها؟! إن علينا ان نقول إن مجتمعاتنا العربية بأمس الحاجة إلى إعلام ملتزم ونزيه ومسؤول وواع.. بحاجة إلى إعلام رأس ماله الجمهور وربحه خدمة المشاهد والقارئ والمستمع وتحقيق التنمية الشاملة وخدمة الحق والفضيلة بعيدا عن المواضيع التافهة والساذجة، فحرية الاعلام ليست فوضى وليست مبرراً للاساءة للآخرين والتجني عليهم وطمس الحقائق وتجاهل الواقع ولكنها مسؤولية اجتماعية أخلاقية قبل كل شيء تنير الرأي العام وتقتدي بالمثل العليا وتحفظ على شبابنا هويته وقيمه العربية والإسلامية بدلاً من تغريب شبابنا وتذويبه في ثقافة ومثل وقيم الغير.
والحقيقة التي يجب أن يعلمها الجميع وعلى الاخص الاخوة القائمون على مختلف المؤسسات الاعلامية العربية والذين نحسن بهم الظن ونتوسم فيهم الخير اننا نمني انفسنا ونتوقع من اعلامنا العربي الذي يشاهده ويتابعه كل العالم بمختلف اجناسه تقديم كل ما هو مفيد وان يخيب بحول الله وقوته ظن المتشائمين الذين لا يرون في الاعلام العربي الا سفاسف الأمور ولا يرتجون منه اي خير قد يخدم أمتهم العربية، لذلك لقد آن الأوان أن يدرك اعلامنا العربي أهميته وأن يعي دوره الحقيقي ومدى حجم الآمال المنعقدة عليه في سبيل مواجهة الحملات الاعلامية المضادة ومخططاتها المغرضة وفي معالجة قضايا الساعة عربياً وعالمياً، وقبل هذا وذاك إيضاح الصورة الحقيقية لمبادئ ديننا الإسلامي وما تتعرض له تعاليمه السمحة من تشويه وتزوير والتعريف بعاداتنا وتقاليدنا وأعرافنا العربية الأصيلة للعالم أجمع بمختلف اللغات بشكل منهجي وموضوعي ومدروس والدفاع عن قضايانا وحقوقنا العربية والاسلامية العادلة والمسلوبة بدلاً من الوقوف موقف المتفرج أمام الثروة الاعلامية العالمية الهائلة، وبدلاً من المساهمة في نشر ثقافة الكوكا كولا والميكي ماوس والهامبورجر وبدلاً من التركيز على البعد التجاري والربحي والاعلاني وملء اوقات البث بغض النظر عن اي اعتبار آخر.
دراسات عليا في قسم العلوم الادارية
بأكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية


أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved