| متابعة
*
* واشنطن د ب أ:
تعتبر الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة أمس الأول ضد تنظيم القاعدة وأهداف تابعة لحركة طالبان الحاكمة في أفغانستان أول عمل عسكري علني وصريح في الحرب التي يقودها الرئيس جورج دبليو بوش على الارهاب. ليس بهدف معاقبة طالبان لايوائها أسامة بن لادن فحسب، وإنما بهدف قلب الموازين مرة واحدة وللابد في الحرب الاهلية التي تمزق هذا البلد منذ أكثر من عشرين عاما.
وفي معرض الاعلان عن بدء الضربات، أعطى بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير ومسئولون آخرون أقوى الاشارات صراحة حتى الآن بأن ثمة هدفا رئيسيا وراء هذه الضربات، هو الاطاحة بنظام طالبان ومساعدة تحالف المعارضة الشمالي في الوصول إلى السلطة في أفغانستان.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف، بدا أن بوش أوفى بوعده عندما توعد بأنه لن يطارد فقط الارهابيين الذين هاجموا الولايات المتحدة في 11 من الشهر الماضي، وهو بن لادن وتنظيم القاعدة التي يتزعمه، وإنما «الدول التي تأويهم» أيضا.
وقال بوش «هذه العمليات المنتقاة بعناية تستهدف عرقلة استخدام أفغانستان كقاعدة للعمليات الارهابية وتدمير القدرات العسكرية لنظام طالبان».
من جانبه، قال بلير «العمل العسكري الذي ننفذه يستهدف الأماكن التي نعلم أنها تستخدم من قبل تنظيم القاعدة في عمليات إرهابية وتستهدف العتاد العسكري الطالبان».
وكان دونالد رامسفيلد وزير الدفاع أكثر صراحة في وصفه للأهداف العسكرية، حيث اعترف علنا للمرة الأولى بأن الولايات المتحدة تتعاون عسكريا مع التحالف الشمالي الأفغاني المعارض.
وعلاوة على إقناع طالبان ومؤيديها أن إيواء الارهابيين «له ثمن»، أكد رامسفيلد إن العمليات العسكرية التي نفذت أمس الاول سوف «تعمل على تطويرالعلاقات مع جماعات داخل أفغانستان تعارض نظام طالبان» و«تغيير الميزان العسكري للأبد» ليكون في صالح القوات المعارضة.
كما أشار رامسفيلد إلى أن القوات البرية الامريكية بدأت بالفعل في العمل داخل أفغانستان رغم أن «عددها ليس كبيرا»، ولا بأس أن المتحدث باسم طالبان سارع إلى الزهو بأن ابن لادن والملا محمد عمر، زعيم طالبان الروحي، نجيا من الموجة الأولى من الضربات.
وأضاف وزير الدفاع الامريكي قائلا «هذه العمليات لا تستهدف فردا واحدا بعينه، وإنما شبكة إرهابية كاملة وشبكات إرهابية متعددة في أنحاء المعمورة».
وحقيقة الأمر أن رغبة الولايات المتحدة في معاقبة ابن لادن للاشتباه في تورطه في هجمات 11 أيلول سبتمبر الماضي على نيويورك وواشنطن وقلب نظام طالبان الأصولي المتشدد أصبحت متزايدة بوضوح الأن أكثر من أي وقت مضى، وذلك منذ أن حذر بوش في 20 من الشهر الماضي بأنه على طالبان أن تسلم الارهابيين «أو مواجهة نفس المصير الذي سيلقونه». ولدى بوش وأعضاء إدارته اقتناع تام بأن ممارسة ضغوط دبلوماسية ومالية وعسكرية بصورة كافية سيؤدي بنظام طالبان إلى الانهيار، على غرار تفكك الاتحاد السوفيتي السابق في نهاية الحرب الباردة.
وكان الرئيس الامريكي وطاقم موظفيه قد قرروا أيضا أن تزويد المقاومة الداخلية بمعونات إنسانية سخية يمكن أن يدعم هذه المقاومة في مواجهة طالبان.وكانت العملية الجوية أمس «الاحد» قد تضمنت في نهاية المطاف إسقاط مواد غذائية.
وكان بوش قد خصص الاسبوع الماضي 320 مليون دولار في صورة مساعدات لأفغانستان مقابل 280 مليون دولار لدول أخرى. ولهذا السبب قال رامسفيلد إنه ليس هناك «رصاصة حاسمة» من شأنها كسب هذه الحرب المتشعبة الجديدة. وأضاف رامسفيلد «في النهاية، سوف ينهارون من الداخل .. بسبب التجميع الكامل لكل المصادر، ومن كل الدول التي أخذت على عاتقها تدمير تلك الشبكات».
من جهته قال بوش إنه ائتلاف مؤثر، مشيرا إلى أن كندا و استراليا وألمانيا وفرنسا تعهدت بالمشاركة بقوات «إذا اتسعت العمليات».
وأضاف في كلمته إلى الأمة مساء أمس «أكثر من أربعين دولة في الشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا وأنحاء آسيا قدمت حق المرور الجوى أو الهبوط». موضحا أن «عددا أكبر قدم مساعدات في مجال الاستخبارات».
وأكد الرئيس الامريكي قائلا «إننا مؤيدون بالارادة الجماعية للعالم»، ولا شك أن كثيرا مما يجري تنفيذه ناتج عن خبرة العديد من أعضاء مجلس حرب بوش والذين شاركوا قبل عشر سنوات تقريبا في حملة إدارة والده بوش الأب التي قامت بتشكيل تحالف متعدد الجنسيات نجح في هزيمة العراق برئاسة صدام حسين.
لكن هذه المرة، لا يضم فريق بوش الابن من الحرس والده القديم سوى كولن باول وريتشارد تشيني وكوندوليزا رايس الذين يعولون أيضا على استياء الشعب العراقي من أجل الاطاحة بصدام حسين.
وقد نجا صدام حسين ومازال يشوش على المصالح الامريكية في الشرق الاوسط. ويتطلع البعض في فريق بوش الجديد إلى مطاردة الرئيس العراقي بمجرد الانتهاء من طالبان وبن لادن، بل ويطالب هذا البعض بتزويد فصائل المعارضة العراقية بالدعم العسكري، وذلك على غرار الدعم العسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة حاليا إلى التحالف الشمالي وغيره من الجماعات الأفغانية المناوئة لطالبان.
وكما قال كولن باول وزير الخارجية الاسبوع الماضي، إنه بمجرد الانتهاء من «المرحلة الاولى» ضد ابن لادن وطالبان، فإن بوش «لم يستبعد أي شيء آخر» في جهوده ضد الارهابيين والحكومات التي ترعاهم.
|
|
|
|
|