| متابعة
في ظل واحدة من أهم القواعد العسكرية في البلاد يتوقف الإمام مصطفى شاكر بعد صلاة العصر للإشارة إلى الشغف الذي بدأ يتبدى فجأة بالإسلام، وهي الديانة التي يؤمن بها حوالي بليون مسلم في أرجاء العالم المختلفة اليوم.
وقال الإمام شاكر لحوالي 35 رجلا وامرأة في قاعة الصلاة بمسجد عمر بن سيد، وهو مسجد صغير شديد النظافة هنا، «إن الإسلام هو في الهواء» وقال «إن الناس يتدافعون إلى محلات بيع الكتب عن الإسلام»، مضيفا أن الديانة الإسلامية باتت مادة للنقاش في البرامج الحوارية التي يشارك فيها المستمعون على المحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية.
غير ان سماع الناس يعربون عن هذه المشاعر في المسجد يشعرك بأن هذا الشغف والاهتمام بمعرفة أي شيء عن الدين الإسلا مي قد جاء هذه المرة ممزوجا بمشاعر التعاطف لا العداوة. ويقولون إنه نظرا لحقيقة أن المسجد لا يبعد سوى بضع دقائق عن بوابة قاعدة فورت براغ العسكرية، فإن هناك إحساسا بالراحة والإلفة تجاه قوات عسكرية يمكن أن يتم نشرها في المستقبل القريب في الخارج لمقاتلة أسامة بن لادن، الذي يدعي أنه يقاتل باسم الإسلام.
وواقع الأمر أن الكثيرين في هذا المسجد الذي يتحدر معظم من يصلون فيه من جالية إسلامية غالبيتها من الأمريكيين الأفارقة الذين اعتنقوا الدين الإسلامي يقيمون علاقات شخصية مع تلك القاعدة. فالإمام شاكر، مثلا عمل مسؤول ارتباط مع المرشدين الدينيين في القوات العسكرية هناك لسبعة أعوام. وكذلك فإن الجنود كثيرا ما يتوقفون في المسجد من أجل أداء صلاة يوم الجمعة «مع أن لا أحد منهم فعل ذلك اليوم»، وكذلك فإن المسجد بات الموطن الروحي للعديد من قدامى المحاربين وغيرهم ممن لهم علاقة أو أخرى بالقوات المسلحة.
آرشي عبدالعزيز مصطفى غوردون، على سبيل المثال هو عضو في الحرس الوطني قال إن من الممكن استدعاؤه للالتحاق بالقاعدة للقيام بدور داعم فيها إذا ما استدعي جنودها لمهمة عسكرية في الخارج. وحين سئل عن تلك الإمكانية أجاب غوردون وهو في الثامنة والأربعين من عمره، بأنه مستعد لذلك. وقال: إنني أمريكي، وإنني أتحدر من عائلة عسكرية. وإن وجودي في الخدمة أشعرني بأننا واحد من أفضل البلدان في العالم.
ولكن الروابط العسكرية لا تعني تماثلاً في الرأي هنا بشأن كيفية الرد على الهجمات الإرهابية التي وقعت في 11 ايلول سبتمبر الماضي. رشيد عبدالرحمن، 50 عاماً، وهو من قدامى محاربي فيتنام حين كان في القوات الخاصة التابعة للجيش يقول إنه يود أن يرى حلا دبلوماسيا للأزمة الحالية.
ويقول السيد عبدالرحمن الذي يعمل الآن مرشدا للطلبة المراهقين ممن يعانون من المشاكل في الجهاز المدرسي المحلي في المنطقة : عليك أن تتبع وجهة النظر القرآنية. نحن لا نوافق على أي عمل عنف. هذا هو الوقت الذي نحتاج فيه للصلاة والدعاء. نحتاج فيه للهدوء والتروي.
وأضاف أن القرآن يقول: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم».
وقد أقيم هذا المسجد في العام 1987م وهو يخدم الآن ما يقرب من 100 أسرة مسلمة وهو مرتبط بالجمعية الإسلامية الأمريكية التي يترأسها الإمام ولي الدين محمد. الباب الرئيسي للمسجد،المقام بعيدا عن الشارع الرئيسي الذي يربط منطقة السوق التجاري لفايتفيل بالقاعدة العسكرية، يفتح على ردهة تتوسطها طاولة عليها عدة نسخ من صحيفة muslim journal «المجلة الإسلامية»، التي تصدر في متشيغان والتي حملت صفحتها الأولى عنوانا رئيسيا: ليبارك الله أمريكا، نحن مسلمون أمريكيون نخدم الله والوطن.
ويحمل المسجد اسم شخصية إسلامية أمريكية من السابقين هي عمر بن سيد، وهو مواطن من غرب أفريقيا كان قد بيع عبداً في العام 1806م ونقل إلى مدينة تشارلستون بولاية ساوث كارولينا ولكن سيد سرعان ما تمكن من الهرب من سيده الفظ وشق طريقه إلي فايتفيل حيث اعتقل فيما كان يصلي بإحدى الكنائس وبيع مرة أخرى إلى سيد آخر عامله بصورة أفضل. وقد كتب في سنوات عمره اللاحقة سيرة حياته الشخصية.
وفي أعقاب الهجمات التي وقعت في 11 الشهر الماضي تلقى المسجد عدة اتصالات تلفونية احتوت على المضايقة من أناس أرادوا الربط بين الإسلام نفسه والإرهاب، وكان نعيم سيد، 48 عاماً، وهو الناطق باسم المسجد يقول إنه لم تكن هناك تهديدات سافرة.
الإمام شاكر البالغ من العمر 46 عاماً، بلحيته التي تسلل الشيب إليها والذي يرتدي عمة خضراء اللون داكنة ونظارات ذات إطار معدني، يقول إن غالبية المتصلين في الواقع عرضوا المساعدة. وقال إن أحد المسنين ضرب جرس المسجد وعرض اصطحاب زوجته ل«زوجة الإمام» لكي تقوم بالتبضع معها لأسر النساء المسلمات اللواتي قد يكن خائفات من الخروج من دون صحبة رجل خشية مضايقتهن.
وقال الإمام شاكر إنه كانت هناك إيماءات مساعدة وتأييد أخرى، وذكر قيام طلبة إحدى مدارس الأحد من الكنيسة الأسقفية البروتستنتية إلى مسجده وباقة زهور من إحدى المصالح التجارية في المنطقة. وقال إن سمعتنا هي أننا صناع سلام، لكنه يضيف بأن ليس كل ما نزرع ينبت زهوراً.
وفيما كان جالسا في مكتبه والقرآن مفتوح أمامه وصف الإمام شاكر الهجمات الإرهابية بأنها جزء من أجندة سياسية وأضاف: ليس هناك مسلم واحد، بل ليس هناك مؤمن واحد، يمكنه أن يروج مثل هذا العمل. وقال إن الرسالة في مسجده هي رسالة إطاعة الله تعالى ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم.وقال مشيراً إلى مسجده: الرؤية هنا هي أولاً وآخراً أننا نريد أن نغرس الإيمان بالله.
(مقال نشر في صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 6 تشرين الأول أكتوبر)
|
|
|
|
|