| الثقافية
قالت له ذات مرة في لحظة من لحظات نفاد صبرها بأنها ستخرج من أسره ذات يوم فهي..
لم يدع لها فرصة لاكمال حديثها راح يقهقه ساخرا من أفكارها المجنونة يهمهم : فيقول انها ستهرب!! ثم يكمل قهقهاته. التقطت من بين قهقهاته المجلجلة ما يوحي بأنه يستطيع استبدالها بأخرى ان
لزم الامر.
* * *
هذا الصباح ولحظة ان صحى من نومه رأى خواء غريباً يعمر فراغ عينيها الغائمتين.
خواء موحش ينشب مخالبه في صدره يشعره بفداحة ما ترمي اليه.
يقيده الذهول، ينظر حوله كمن يبحث عن شيء عزيز.. يعاود النظر الى عينيها ينعكس ذات الشعور.. يخطو نحوها بتثاقل.. يقترب منها اكثر يقبض بكفيه على كتفيها يهزها بعنف كشقي يهز شجرة منتظرا تساقط ثمارها.
لم يكن ثمة ثمار لم يكن هناك سوى وريقات صفراء خلفها اليباس.. يهزها ثانية لعله يوقظ تلك المرأة بداخلها.. تلك التي طالما احبها.. اوصد دونها الابواب والنوافذ.
لكن لا يحدث اكثر من ان تتهاوى على المقعد ترقبه ببلاهة.. يهم بصفعها كما فعل مرارا لكنه يشعر بهذا الخواء يلتف حول عنقه يكاد يخنقه فيبتعد عنها يشرع كل الابواب والنوافذ ينظر اليها مجددا بغيظ يشوبه حزن غريب لا يلبث الا ويهرب بعينيه عن الالتقاء بعينها وهو يوجه كلامه لها: دعي كل شيء كما هو.
لا تغلقي الأبواب والنوافذ.
يتمتم بصوت لا يسمعه سواه: لعلها تعود.. لعلها.. تبقى هي تملأ فراغ المقعد وتحجب النور بكفها الصغيرة عن فراغ عينيها تلوذ بعصمة صحتها.
* * *
بعد ان داهمه غيابها طفق كالمجنون يذرع الاحياء والشوارع يفتش عنها في هيئات كل النساء العابرات المجللات بالسواد لم تكن ثمة من يشبه عائشة.
بدا منظره مثيرا للشفقة هذا ما توحي به نظراتهن لكنه لم يأبه لذلك.. يعاوده صدى صوتها من البعيد واهيا.. سأخرج من اسرك ذات يوم فأنا..
فيصم اذنيه صوت قهقهاته الساخرة يكز على اسنانه : هاهي تخرج تخترق الأسوار والأبواب المقفلة كشبح اسطوري لكن:
كيف ترحل هذه المرأة؟
كيف تترك لي جسد وعيني امرأة بلهاء لا تجيد سوى هذا التحديق البليد؟
فيما يظل معلقا بحبال تساؤلاته العصية.
|
|
|
|
|