| الاقتصادية
بدأت جمعية الهلال الأحمر السعودي عملها الإسعافي منذ ما يقارب السبعين سنة عند تأسيسها بأمر من جلالة المرحوم بإذن الله الملك عبدالعزيز حيث أوكل إليها مهمة إسعاف المرضى والمصابين.
ومنذ ذلك الوقت نجد بأن المملكة قد شهدت تطورا ملحوظا في العديد من المجالات الصحية والتعليمية والاجتماعية.. الخ، ناهيك عن تطور البنية التحتية للمملكة.
ومن مظاهر هذا التطور ذلك الامتداد الواسع في شبكة الطرق والمواصلات حيث بلغ مجموع أطوال الطرق المعبدة بالمملكة )45000 كم(، ومما لا شك فيه أن امتداد الطرق بالمملكة بهذا الحجم قد صاحبه ازدياد في عدد الحالات المرضية الطارئة مثل النوبات القلبية وإغماءات مرض السكر والجلطات.. الخ من أمراض العصر. ناهيك عن الحوادث المرورية والتي تشكل بالنسبة للمملكة عبئا كبيرا من الناحية الاجتماعية والاقتصادية.من أجل ذلك، كان لزاما علينا النهوض بالخدمات الطبية والإسعافية التي تقدمها جمعية الهلال الأحمر السعودي لتتناسب والتطور الكمي والنوعي الذي شهدته وما زالت تشهده مملكتنا الغالية مما يحتم التفكير في إيجاد وسائل إسعافية فعالة تتناسب مع حجم الاحتياج والامتداد العمراني سعيا الى خفض الوفيات التي تبلغ أكثر من خمسة آلاف سنويا من حوادث الطرق فقط وخفض عدد المعاقين الذين يمثلون عبئا اجتماعيا واقتصاديا ضخماً.وعلى الرغم من أن النظام الأساسي لجمعية الهلال الأحمر السعودي قد وضع على عاتق الجمعية تقديم الخدمات الإسعافية العاجلة لضحايا الحوادث والكوارث والنكبات، وكذلك ضحايا الحرب من مدنيين وعسكريين، كما يقع علي عاتق الجمعية أيضاً نقل المرضى والمصابين في الحوادث والمساهمة في علاجهم.
إلا أن الملاحظ أن عدد المراكز الإسعافية بالمملكة يبلغ )177( مركزا أي بمعدل مركز إسعافي واحد لكل تسعين ألف نسمة تقريبا. علماً بأن هذه النسبة تزيد سواء داخل المدن الرئيسية حيث تصل إلى مركز إسعافي واحد لكل عدة مئات من الألوف. بينما نجد أن في الولايات المتحدة الأمريكية مثلا هناك مركزا إسعافياً لكل خمسة عشر ألف نسمة.وفي الوقت الذي نجد فيه أن المدة الزمنية المقبولة طبيا وعالمياً للاستجابة الإسعافية ل )80%( من الطلبات هي )6 - 8( دقائق، نجد أن )85%( فقط من الطلبات الإسعافية بالمملكة يستجاب لها في أقل من تسع دقائق، أما بقية الطلبات فتصل إلى أكثر من ذلك، مما ينعكس سلبا في كثرة الخسائر في الأرواح ناهيك عن الخسائر الاقتصادية.
إضافة الى ذلك، فإن عدد الحالات التي تنقل من قبل الهلال الأحمر السعودي تبلغ مائة ألف حالة سنويا تقريبا، منها )18%( بسبب الحوادث المرورية، حيث تبلغ عدد حالات الاصابات المرورية أكثر من خمسة وعشرين ألف مصاب سنوياً.
ومما يلاحظ على الخدمات الإسعافية لدينا عدم توفر خدمات الإسعاف الطائر على الرغم من تواجد هذا النوع من الخدمات الإسعافية الضرورية في كافة دول العالم المتقدم وعدد كبير من الدول المجاورة مثل الإمارات، ومصر،وإيران، وتركيا، الجدير بالذكر أن توفير الإسعاف الطائر كان هو الحل الذي تم من خلاله تخفيض عدد وفيات الجنود الأمريكيين من )5.4( لكل مائة مصاب في الحرب العالمية الثانية حتى )5.2( لكل مائة مصاب في حرب فيتنام حيث تم تقليص وقت نقل الجرحى من )9( ساعات إلى حدود الساعة الواحدة مما انعكس على خفض عدد الوفيات.
وبعد هذا الاستعراض السريع حول الخدمات الإسعافية في المملكة وما وفر لها من إمكانات وتجهيزات ومقارنة ذلك ببعض الدول الأخرى، ألا نتفق أنه قد حان الوقت لكي نعيد النظر في مستوى الخدمات الإسعافية المقدمة لدينا والعمل على تهيئة كافة السبل والإمكانيات الكفيلة برفع مستوى تلك الخدمات للتواكب مع التطور الذي تعيشه مملكتنا في شتى المجالات.
dralsaleh@yahoo.com
|
|
|
|
|