قلت: انظر لمعاني هذه الأبيات، وشرفها، إذ هي مبسوطة ظاهرة، هذا المال الذي قال فيه تعالى: «المالُ والبنون زينة الحياة الدنيا»)2( يود الشاعر من صاحبه ان يفيض بشيء منه على عشيرته، وذوي رحمه، وان يستبقي طرفاً منه للملمات وفواجع الزمان وكروره، ثم ثنّى بلين الجانب وتحقيقه، ووجه بتوازنه تجاه الناشئة، ومع ذوي التدبير والتجربة من الكهول والشيوخ، والتفت الشاعر الى حقيقة مهمة لا يدركها الناس بعامة، وهي خصلة الحلم وتخفيف اللوم نحو الغواة المتسرعين في ضبط نواميس الحياة الذين يحسبون تفوقهم غير محدود وهم على حال من الميزان والاعتداد أولئك يصلح فيهم الصبر، وحسن التوجيه والرعاية.
واحلم إذا جهلت عليك غواتها
حتى ترد بفضل علمك جهلها
واختتم المقنع الكندي عرضه الفكري الجميل بواجب التحلي بحسن الخلق والتواضع والصبر، والتلطف في المعاملة، وقرن ذلك بالسؤدد والشرف والرياسة، فلن يسود من لم يحقق هذه الخلة، ويصدر عنها، وتلكم الخلال يزيد فيها: التدبير، والدربة، والسفر، والضرب في الآفاق، ومصاحبة العقلاء، ومن هم على حال من حسن الخلق، وطيب العنصر، وشرف المحتد، وما أبرمه الله تعالى للعبد من حسن التوفيق والسجية.
ü ü ü
الحواشي:
)1( صدرالدين علي بن الحسن البصري، الحماسة 2/4
)2( من آية 46 سورة الكهف.