| أفاق اسلامية
المتأمل في الآونة الحاضرة يلحظ أن المسلمين اليوم يواجهون في ميدان الاختلاف مع غيرهم في الشأن الفكري فئتين:
الأولى: تجهل حقيقة الإسلام ومبادئة السامية، وواجبنا حيالهم تنويرهم بما يفتقدونه في هذا الشأن متبعين في ذلك أسلوب التواصل والإفهام والاقناع بالتي هي أحسن ونتاج ذلك هداية لهم أو تحييدهم من جانب وكسبا للمسلمين من جانب آخر،
والثانية: تتجاهل هذه الحقيقة لأهداف معروفة متأصلة في نفوسهم وأولئك يتبعون في مسلكهم بث المفاهيم المغلوطة والصور المشوشة أملا في تحقيق مراميهم التي تتمثل في تشويه صورة الإسلام ومقاصده السامية من ناحية، وإثارة العداوات بين المسلمين أنفسهم ومع غيرهم من أجل ترسيخ الكراهية بين الإسلام وشعوب العالم، ولقد دأبت هذه الفئة على ترويج الشبهات وبث المغالطات عن الإسلام والمسلمين وقد قال عنهم الحق تبارك وتعالى : " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتّبع ملتهم" (البقرة : 120) ومسؤوليتنا في هذا المقام التصدي لهم بما منّ الله به علينا من فكر تنضح به عقيدة الإسلام ومصادره الوضاءة،
وهنا على المسلمين ألا يعطوا الفرصة لغيرهم في اقتناص الفرص للهجوم على الإسلام الذي يرفض الغلو بكل أنواعه، وينهى عن التطرف بكل أشكاله،
وعلى العالم أيضا ألا يتجاهل مبادئ الإسلام النبيلة ومقاصده السامية وألا يتجاهل دور المسلمين في منجزات الحضارة الحديثة من خلال إسهام علماء المسلمين ومفكريهم في هذا الميدان،
ولن يتأتى ذلك إلا من خلال إقامة مؤتمرات وندوات نحاور فيها أصحاب الحضارات الأخرى حوارا علميا منهجيا وواقعيا من أجل إيضاح الحقيقة ورد الشبهات وإبراز الصورة الناصعة للإسلام وتفنيد الصور الخاطئة عنه لا سيما المبثوثة في المناهج التعليمية الغربية ووسائل إعلامهم خصوصاً عند أولئك الذين يربطون زورا وبهتانا الإرهاب بالإسلام ومن أجل إحداث التغيير المطلوب في القناعات المغلوطة عند بعض المفكرين والمثقفين في الغرب مما يمكننا من إبراز الصورة الوضاءة للإسلام والمرتكز الحضاري للمسلمين ومن خلال التأكيد على الارتباط الوثيق بين الإسلام والسلام بمفهومه الحقيقي فالإسلام والسلام ليسا متعارضين ولا منفصلين بل هما متآزران متكاملان في بوتقة واحدة وكل لا يتجزأ، فالسلام اسم من أسماء الله ـ تبارك وتعالى ـ وهو الرسالة الإلهية التي تدعو إلى السلام والطمأنينة للشعوب والمجتمعات ونبذ الإرهاب والتطرف وتحقيق العدل والمساواة ورفع الظلم، ومن خلال نافذة الحوار بين الحضارات ستتاح الفرصة لغير المسلمين في التعرف على أن الإسلام هو دين الرحمة والعدالة والتعاون والسلام،
فالحوار الموضوعي المنهجي مع اتباع الأديان يكون منطلقه قول الله ـ تبارك وتعالى ـ :"قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون " (آل عمران: 64) ويكون أسلوب الحوار وفق قول الله عز وجل :"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" (النحل: 125)،
وعلى الأطراف الأخرى أن تتجرد من عاطفتها المنحازة وتتخذ موقفا عادلا ومنصفا مع قضايا الشعوب لا سيما قضية المسلمين الأولى فلسطين هذا ما يتعين أن يكون ضمن إطار الحوار أي أن نركز خلاله على احتياجات الشعوب الإنسانية إذ أن قصر الحوار على الجانب العقائدي لن يؤدي الى نتيجة لأن كل طرف متمسك بما يراه ثوابت له،
وبالله التوفيق، ،
* الأمين المساعد لرابطة العالم الإسلامي لشؤون المساجد والدعوة والتعليم
|
|
|
|
|