أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 4th October,2001 العدد:10598الطبعةالاولـي الخميس 17 ,رجب 1422

متابعة

توازن الحرية مع الإجراءات الأمنية
* بقلم : رونالد بروانشتاين لوس إنجليس تايمز
تسير كل المؤشرات في اتجاه ان الرئيس بوش يدرس في صبر وتمعن ردود الفعل الدبلوماسية والعسكرية على الهجمات الإرهابية التي وقعت على مدينة نيويورك وعلى مبنى وزارة الدفاع (البنتاجون).. لماذا إذن تجرى عملية التعقيد المحلي لموضوع الهجمات بطريقة جنونية داخل كونجرس يستعجل الوصول الى قرارات حرجة غالبا ما تكون باهظة التكاليف لقضايا تتراوح ما بين الأمن الداخلي وحتى الإنفاق العسكري ودفع كفالات لمساعدة خطوط الطيران في أواخر الأسبوع الماضي وكذلك إجراء المزيد من خفض الضرائب، كل ذلك في جو غريب يمكن وصفه بالافراط في الخوف أو الافراط في الصداقة الحميمية على حد سواء.
وتفسر سياسة الانتهازية بعض هذا الاستعجال للوصول الى العدالة حيث ان السياسيين وجماعات المصالح تستخدم الهجمات في تبرير السياسات التي يدفعونها في أي اتجاه، ولكن الدينماميكية الأعمق هي المعارضة المبالغ فيها في العالم السياسي كي يعرب عن رفضه العلني إبان فترة تشبه فترات الحرب.
ومن زوايا عدة يكون من المفهوم السبب وراء شعور المشرعين بالتردد، فليس هناك أي سياسي يريد للإرهابيين الاعتقاد بأنهم قد نجحوا في تقسيم أمريكا، وليس هناك شخص سياسي في هذا الوقت يريد أن يعطي ناخبيه سببا للاعتقاد بأنه يقوض جهود القائد الأعلى للقوات المسلحة في الوقت الذي أعرب فيه 90% من الأمريكيين عن مساندتهم للعمل العكسري، ويبدو أن كل فرد في مبنى الكونجرس (كابيتول هيل) معارض لإزعاج الجنود المتخندقين في حفر اسطوانية وهو الديناميكية التي ظهرت بعد أن واجه المشرعون أنفسهم احتمال استهداف مبنى الكونجرس.
ولكن الكونجرس قد منح بالفعل الرئيس بوش سلطة جوهرية عن طريق قرار بالموافقة على استخدام القوة وقد أجيز القرار في أوائل هذا الشهر، كما أن الكونجرس منح أيضا الرئيس كل السبل والوسائل التي يحتاجها للتخطيط لأي رد فوري على الأزمة وذلك عن طريق فاتورة انفاق مقدارها 40 بليون دولار، وليس من المفيد الآن للولايات المتحد أو الرئيس بوش تجيد التفكير الحساس لكل القرارات التي صيغت كجزء من المجهود الحربي حيث ان تجاهل المسائل العويصة باسم الوحدة لن يجعلها تبتعد، وقد لا يكون من المريح مواجهة هذه المسائل في وقت الحرب، ولكن ستحدث المواجهة حتما ولنتعلم من التاريخ ان مواجهة هذه المسائل في الوقت العاجل أفضل من مواجهتها في وقت آجل.
وهذا صحيح خاصة بالنسبة للمسائل التي تتعلق بالحريات الأمريكية.
فالقرارات الأمريكية عن الحريات المدنية إبان فترةالحرب تكون مثل أحكام البحارة الذين يصدرونها عن رسومات الوشم إبان تصاريح أجازتهم الأسبوعية، ومنذ قيام إبراهام لنكولن بإلغاء الأمر القضائي بالمثول أمام المحاكم أثناء فترةالحرب الأهلية وحتى تأييد الرئيس فرانكلين روزفلت لاعتقال اليابانيين هناك تاريخ طويل من الافراط في ردود الفعل في لحظات التهديد والتي يجب أن تعطي الكونجرس سببا للحذر عندما يدرس الآن إجراءات الأمن الداخلية.
لو أن المدعي العام جون اشكروفت في مقدوره توضيح ان السلطة المتزايدة التي يسعى إليها وهي التحقيق مع الإرهابيين وتسجيل مكالماتهم أمر مطلوب في التحقيق الراهن، عندئذ فإن الكونجرس سوف يتحرك سريعا لدراسة اضافة سلطات طوارئ، ولكن إذا لم يستطع اشكروفت توضيح الحاجة لذلك فإن التاريخ المليء بألوان مختلفة يجب أن يأخذ نفسا طويلا وعميقا مع دراسة كل التعقيدات والتوريطات عندما يقوم أعضاء الكونجرس بوضع معايير جديدة للموازنة بين الحرية والأمن.
وبالتأكيد فإن الميزان سوف يميل تجاه الأمن ولكن عملية المحافظة على هذه النسبة أمر حساس للغاية، فكما يقول كلينت بوليك نائب رئيس معهد العدالة: إنه من المغري مبادلة الحرية بالأمن ولكن عن طريقها سويا بالنسبة للحريات التي لدينا نستطيع ان نجعل من أمريكا مثالا أخلاقيا مع تزويدنا بالثروة والوسائل لمحاربة الإرهاب بطريقة فاعلة.
وإن أخذ نفس عميق يكون مناسبا أكثر بالنسبة لموضوع كفالة ومساعدة شركات صناعة الطيران مالياً، وحسب تقديرات هذه الخطوط الجوية فإنها خسرت حوالي بليون دولار أثناء تلك الفترة عندما أجبرتها الحكومة الفيدرالية على عدم تحرك طائراتها ووقف رحلاتها ومع هذه نجحت صناعة الطيران في إقناع الكونجرس بالموافقة العاجلة على حزمة من ضمانات القروض والمنح.
وليس صحيحاً أن الأزمة المالية التي تشهدها الآن خطوط الطيران نابعة من الهجمات الإرهابية، ويشك المحللون في أن من المرجح استغلال شركات الطيران للأزمة الراهنة في إثارة الرعب لدى الكونجرس كي يوافق على صفقة معونات لا يمكن إقرارها والحصول عليها في الظروف العادية.
وقبل الموافقة على توفير الأمن المالي فإنه على الأقل يجب أن يتساءل الكونجرس عن أي نوع من الوظائف الأمنية ستقوم شركات الطيران بتوفيرها لعشرات الألوف من العمال الذين تم تسريحهم في الأسبوع الماضي إذ ان موضوع مساعدة هؤلاء العمال سوف تتم دراسته في وقت لاحق، أما الآن فإن الكونجرس قدم مساعدة مالية ليكفل خطوط الطيران لذا عليه أن يستعد لتقديم مساعدته لطابور طويل من الصناعات مثل: التأمين والفنادق وأصحاب مصانع الصلب الذين يطالبون جميعاً بحصتهم، فالاندفاع لاغراق المال على شركات خطوط الطيران يركز الضوء على نبض ثالث لما بعد الهجوم وهذا يجب تقليصه أي يجب وقف انهيار النظام المالي، ويشك قلة من الناس في أنه من المناسب للكونجرس أن يفتح صنبور صندوق الضمان الاجتماعي كي يتغلب على الدمار والقيام بأعمال انتقامية ضد هجمات الارهابيين.
ومثار التساؤل الآن هو وجود دفعة في الحزبين الجمهوري والديموقراطي نحو اجراء خفض ضريبي آخر لمعادلة الانزلاق أو العائق الاقتصادي بسبب الهجمات الإرهابية، ومع الاقتصاد البطيء النمو الذي يسبب ضعفاً في المداخيل ومع تزايد الطلب على الاغراق على الانفاق فإن الحكومة تسير على درب خفض فائض الضمان الاجتماعي بنسبة كبيرة هذا العام والعام القادم.
وذلك يعني أن واشنطن سوف تدفع ديونا أقل مع زيادة تكاليف فائدتها المستقبلية، ويعتقد بعض خبراء الميزانية أن أي خفض ضريبي آخر سوف يُضعف عام الموازنة الحكومية مع بدء الحكومة في تقديم صفحات تقرير عن الأماكن التي تستهلك فيها كل فائض الضمان الاجتماعي بعد ذلك، وهذا يضاف إلى الديون الوطنية مرة أخرى مما يرفع ثانية تكاليف فوائدها وبالتالي اضعاف قدرة الحكومة على مواجهة التحديات المستقبلية محلية كانت أم خارجية.
وفي الأسبوع الماضي وجه كل من آلان جرين سبان رئيس مجلس ادارة الاحتياطي الفيدرالي ووزير الخزانة بول أدنيل تحذيراً إلى الكونجرس بوقف أي تخفيضات في الضرائب، وهذا هو الشيء الوحيد الذي يلوي النظام المالي في مواجهة التهديد الأمني الكريه الذي لم تشهده البلاد منذ سنوات، كما أن ذلك معناه التضحية بالنصر المكتسب بصعوبة من العجز الفيدرالي. وقد قاوم بوش اغراء القيام بعمل متهور في الخارج، ويجب أن يفعل الكونجرس والإدارة الأمريكية نفس الشيء في الداخل.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved