| الثقافية
** الارهاب ليس رجلا، مثلما أن الفقر ليس رجلا، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:«لو ان الفقر رجل لقتلته»، ويصح اليوم ان يقال «لو ان الارهاب رجل لقتلته»، لكن هل من علاقة بين الارهاب والفقر، أرى ان هناك علاقة شبه واضحة، لأن الارهابيين في الغالب يخرجون من مستنقعات المجتمعات المظلومة والفقيرة، في الغالب وليس في كل الأحوال.
ولهذا فإن واجب الأمم المتحدة الحقيقي أن تكشف الظلم الواقع على بعض المجتمعات كما فعلت في جنوب أفريقيا وان تحاول رفعه بمساعدة دول العالم حتى لا تكون هذه المجتمعات المظلومة مستنقعات لولادة الارهاب والارهابيين، الذين حين يرون لا مبالاة العالم بقضيتهم فإنهم سوف يحاولون قدر امكاناتهم وبأي الوسائل المشروعة أو غير المشروعة أن يعبروا عن أنفسهم وعن وجودهم وعن قضيتهم، ومهما اختلفنا أو اتفقنا حول حقهم في هذا التعبير، إلا أننا لا يمكن تجاهل أمر واقع يفترض معالجته قبل ان يصل لمرحلة اليأس أو الانتحار أو الارهاب وليس بعد ذلك؟!..
** لقد مرَّ عام كامل على حرب الشوارع بين الفلسطينيين والاسرائيليين، راح ضحيتها مئات الفلسطينيين الذين يدافعون عن أرواحهم وعما تبقى من بيوتهم وأراضيهم، بعد ان احتلت اسرائيل ثمانين بالمائة من هذه الأرض، عام كامل وأمريكا لم تكتف بموقف المتفرج ولكنها رفضت ارسال مراقبين دوليين للتحقق مما يحصل بالفعل على الأرض، بالاضافة الى حقوق النقض فيتو التي أجهضت بها كل قرارات الأمم المتحدة التي كانت تريد إدانة غطرسة اسرائيل واحتقارها للحقوق العربية التي تقوم على أساس مرجعية مدريد.
** هل كانت أمريكا بحاجة الى مثل هذه الهجمات الارهابية المرفوضة من الجميع، لكي تنتبه الى ان هناك عملا كان من المفترض ان تقوم به لالزام الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي باتفاقات مدريد وحل المشكلة نهائيا، وهل صحيح أن الرئيس بوش الابن لا يريد أن يكرر خطأ والده الذي وقف أمام الطموحات غير الشرعية لاسرائيل فخسر الانتخابات أمام الرئيس السابق كلينتون؟!!..
** صحيفة «واشنطن بوست» تقول ان «على أمريكا الآن دورا كبيرا في محاولة تجفيف مستنقعات الارهاب، ثم بعد ذلك تجديد الالتزام الأمريكي بحل الصراع في الشرق الأوسط»، والرئيس الأمريكي بوش نفسه يؤكد بعد انفجارات أمريكا على ان هناك عملا يجب القيام به لحل الصراع العربي الاسرائيلي، ولكن بعد ماذا؟!، بعد عشر سنوات من اتفاقات مدريد وبعد آلاف الضحايا العرب في فلسطين وآلاف الضحايا في بنايات أمريكا المنكوبة بالارهاب؟!..
** نعم لقد سقط تاج الملكة ولو مؤقتا، بسبب قصور شديد في سياستها الخارجية تجاه قضايا هامة وحساسة في هذا العالم، فقبل الهجوم الارهابي الخيالي على أمريكا كانت الخارجية الأمريكية مشغولة مع أوروبا وروسيا بمشروع الغطاء الجوي الأمريكي المضاد للصواريخ، بينما كان الشرق الأوسط يغلي وينذر بحرب شاملة بعد ان كشَّر شارون عن أنيابه الاجرامية ووطأ بقدميه كل محاولات السلم والسلام، ونشرت كثير من الصحف الأوروبية تحليلات لاهمال أمريكا غير المنطقي لقضية الشرق الأوسط التي هي أحد أهم مستنقعات الارهاب في العالم، لماذا هذا الاهمال ولماذا الاستمرار، بجانب الظلم الاسرائيلي للعرب؟!
** إن أمريكا التي نُقدّر حريتها وتعدديتها ووحدتها وتقدمها، لم تستطع كدولة عظمى ان تقلم أظافر اسرائيل الظالمة، من أجل استقرار الشرق الأوسط، ومن أجل استقرار الأمن في العالم، وإذا كانت أمريكا تتمتع بصداقات مع كثير من زعماء العالم العربي فإنها أيضا بحاجة الى ان تكون عادلة ومحايدة من أجل ان تكسب صداقة الشعب العربي أيضا، فقد أجمع أغلب النقاد والمحللين السياسيين في أوروبا بالذات أن أمريكا بحاجة الى ايقاف اسرائيل عند حدها والقبول بمرجعية مدريد للسلام.
فهل تفعل أمريكا بعد ان وقع الفأس على الرأس، أم أنها سوف تلتفت لتجفيف مستنقعات الارهاب أولا..
** وقبل أن تستعيد الملكة تاجها المفقود مرة أخرى ربما يكون لهذا الرأي المتواضع بقية الأسبوع القادم.
ص.ب: 7823 الرياض 11472
fahdateq@hotmail.com
|
|
|
|
|