| الثقافية
لم يستطع الأفراد بجهودهم وامكاناتهم الذاتية «عندنا» حتى الآن.. وبشكل عام انتاج ثقافة وابداع مهمٍّ دون رعاية رسمية أو حاجة الى رعاية ودعم من مؤسسات ثقافية رسمية، لذا فإن الحوار حول ثقافتنا وابداعنا.. سوف يشمل بالضرورة مؤسسات انتاج الثقافة الرسمية كالأندية الأدبية وجمعية الثقافة والفنون ورعاية الشباب والتعليم والاعلام وما يدور في إطارها من مكتبات عامة ومهرجانات وجوائز وندوات وصالونات ثقافية ورقابة ونشر وتوزيع وطباعة، وعن العلاقة الموجودة والمفترض وجودها بين الثقافة وهذه المؤسسات من جهة وبين هذه المؤسسات والمثقفين والمبدعين والمتلقين من جهة أخرى.
ولعل هذه المقالات الحوارية المبنية على المثاقفة تثير ردود فعل ومداخلات جادة وهادفة وبناءة تتكامل وتتعاضد للوصول الى رؤية واضحة أولا، ثم للحديث صراحة، ثم للاتفاق على القيام بتسمية الأشياء بأسمائها ووضع كل شيء في مكانه الحقيقي والطبيعي، فيما هي تقرأ الماضي والحاضر والمستقبل استشرافا وتهيئة ثقافية وابداعية تلبي رغبات الانسان المعاصر وتبني ما يمكن ان يؤسس عليه انسان المستقبل ما يلبي رغباته الروحية والجمالية والذوقية الحقيقية وليس المفروضة أو المزورة.
ولعل هذه المقالات أيضا، تستطيع سبر أغوار ثقافتنا المحلية وابداعنا المحلي ومن مختلف الوجوه، بداية بالأسس والمقومات، مروراً بالواقع وجوانبه وجدلياته، محاولة الكشف عن الحقيقي والمزور والباطن والظاهر، وعن المظاهر المتعددة وأصولها ومراحل تشكلها، والعلاقة مع الواقع المعاش ومع اللغة والهوية والوعي العام والوعي بالثقافة، وما يتخلل ذلك من تعالقات بالتقليد وبالحداثة وبما بعد الحداثة، وبالألفية الثالثة وبالعولمة «أو الأمركة» وبالصراع العربي/ الاسرائيلي، وبالقضايا الأخرى التي تشغل بال الانسان اليوم بعامة وتشغل بال منتجي الثقافة من مفكرين ومبدعين بخاصة كماهية الثقافة والابداع وهل هما تعبير فقط أم حدس وتعبير وهل هما تفسير فقط أم تغيير وتفسير وهل هما تكرار فقط أم رؤية وموقف وهل تحقيق التراث أولى من تحقيق الذات وهل الثقافة والابداع لغة أولاً وفكر وفن أم أزجال عامية تقوم على الإطراب والأنين الرومانسي وبكاء الماضي المتخلف والاستجداء، وهل الثقافة والابداع استشراف للمستقبل عبر مجادلة الواقع وانسانه أم هما فقط تكريس الماضي ورموزه وأمجاده؟.
بداية سوف نتساءل عن ثقافتنا، ما هي وأين هي وما آثارها وما علاقتها بنا كمنتجين ومتلقين، وكمستفيدين ومستمتعين؟.
يقودنا هذا السؤال الى الاعتراف «مبدئيا» بأن «عندنا» أكثر من ثقافة، ومختلفة أيضا، منها ما هو معلن ومنها ما هو مستتر.
هذه الثقافات المختلفة، هل يعكسها المشهد الثقافي بوضوح وعدل، أم ان هذا المشهد يعاني من خلل ما ينتج عن خلل أكبر في قوانين التوازن الثقافي التي تعود بعض أسباب وجوده الى خلل في قوانين التوازن الاجتماعي؟
وهل هذه الثقافات تقوم على التعايش والحوار للوصول الى أهداف موحدة في سبيل الانسان ورقيه وحضارته ووجوده ومستقبله أم تقوم على الصراع والمنافسة «غير الشريفة»؟
هذه الثقافات، لماذا يتصدر بعضها المشهد ويبقى بعضها الآخر في الخلفية ويختفي بعضها الآخر من المشهد تماماً، ولماذا يحصل بعضها على أكثر من حقوقه ولا يحصل بعضها الآخر على أبسط حقوقه في الحضور الاعلامي مثلا؟.
لماذا يعلن بعضها عن نفسه بجرأة وثقة، وبوقاحة في بعض الأحيان، ويبقى بعضها الآخر مترددا وخائفا؟
ثقافات مختلفة ومتباينة وفي أعظم ما يكون عليه الاختلاف والتباين وضوحا وجلاء في عالم الثقافات الانسانية اليوم.
تنهل كل ثقافة منها من مصادر مختلفة ومتباينة وتسعى «أيضاً» الى أهداف مختلفة ومتباينة، ولكل منها نياته وقواه ووسائله الخاصة، مثلما يظهر بوضوح وجلاء «أيضاً» وجود تيارات مختلفة ومتباينة داخل كل ثقافة من هذه الثقافة ناتجة عن الاختلاف في الفهم والتفسير للمصدر الواحد أو اختلاف المصلحة والهدف أو اختلاف في الأشخاص إما على مستوى القدرات والامكانات أو على مستوى الأهداف.
|
|
|
|
|