| الثقافية
..نفتش في الذاكرة القديمة عن نقطة ظل باردة..تعيدنا الى أجمل ما في زمن الوراء..نبحث عن تلك النقطة..ربما في وجه شخص ما..او صوته..او حتى كلمات بسيطة جميلة..قوية جمعتنا ذات يوم «انها ذاكرة الظل..ذاكرة تنقذنا من لهيب ذاكرة اخرى متأججة..كلما خبت زادتها اشارات الحياة ومواقفها سعيراً» انها ذاكرة الجمر..تحرقنا..فنهرول لنحتمي بذاكرة الظل..
ثمة نوع من الذاكرة احبه بشدة، حيناً لانه يعلمني..وحيناً لانه يجعلني اضحك ضاربة كفاً بكف..انني اسمي تلك الذاكرة..بالذاكرة الفكاهية..تلك التي عندما نتأمل بصدق واعٍ مخزونها..نتساءل كيف كنا نرى ذلك المخزون فيها تلك اللحظة على انه «كل الدنيا»؟! كيف كنا نصر على ان يتسمر ذلك المخزون بما فيه من ملامح ومواقف ومشاعر..الى آخر محطات العمر؟! كيف كنا نقيس جمال الكون بعيون لا تحكم الا من خلال ذلك المخزون..هي فعلاً «ذاكرة فكاهية»..اذ انني عندما اتأمل مخزونها الذي مرت عليه السنون..اقول بصدق..يا الله كم هي صغيرة الاشياء بعد زمن... كم هي عادية تلك الملامح التي منحناها صفات «الاقوياء النادرين»..كم هي محجمة تلك المواقف التي كنا نخوض من اجلها معارك عدة مع الراحة والامان..انني اضحك بسخرية عندما اشاهد بعض مخزون تلك الذاكرة..فيا ايها الانسان الاشطر..انك ابرع من يصنع «..من الحبة قبه»!!
..هل تعرف قارئي «ذاكرة الصدقات» تلك الذاكرة الفقيرة والتي تقف على بوابة الدنيا تستجدي كرم ملامح واحدة ان تهبها..نظرة..ابتسامة..كلمة..او حتى سلاماً عابراً في طريق مزدحم..ذاكرة تريد ان تخزن بين جدرانهاشئ ما..لشخص ما.. يسد رمق جوعها.اما اذا سمعت قارئي عن «ذاكرة الاخضر واليابس» فتوقف معي لنتساءل..ما النصيب الذي نمتلكه من تلك الذاكرة؟! تلك الذاكرة التي «نلم» فيها كل شيء..الاسماء..الارقام التواريخ..المواقف..ذاكرة نرصد فيها كل شيء يوماًً بيوم وساعة بساعة..لدرجة اننا نتصفحها كما نتصفح مذاكرة خطية مكتوبة لقائد فذ..انها ذاكرة مرهقة..متعبة واظنها شريرة لانها ترصد لنا كل شيء..اعترف اني اكره تلك الذاكرة..واحمد الله انني بالقوة اتذكر ما حدث قبل نصف ساعة!!لكل من يقرأ حروفي هذه..لا اتمنى له ابداً ان يمتلك «ذاكرة الترصد» تلك الذاكرة التي نخزن فيها..سيوفاً نوجهها للغير عندما نختلف معه في امر ما..انت فعلت انت قلت..في يوم كذا انت وجهت لي كذا..انها ذاكرة قايلة..تحتاج الى اسعاف سريع من ذاكرة عاقلة نسميها ذاكرة «اذا عرفت كل شيء ستعفو عن كل شيء».الانسان هذا الكائن «الذاكري»..تميزه الذاكرة عن غيره..هو غالباً يمتلك أنواعاً لانهائية من الذاكرة تصف لنا تناقضات الانسان في اعمق حالات منطقيتها!!
«2»
* «ذاكرة الحنين تمتد يداها من الزمن الذي احببته بتلقائية الى الزمن الذي تعلمت كيف احبه بحسبة عاقلة..تلك الذاكرة الدافئة الحانية..تردد..مع الجفري:
بعدكِ..
يبدو أن ما زرعه حبكِ هو تلك الأحزان المتواصلة..
حزن البسمة..
وحزن الخفقة..
وحزن الفهم..
ولكنك تبقين انتِ اليوم..مثلما أنت الأمس..
وقد تعب الزمان من ترجيع القصائد
فإذا الزمان سفينة مبحرة إلى منتصف البحار دائماً..
محمولة على الموج الذي تبعد عنه الشواطئ أبتكر لك اسماً من فرحي..
من وجعي،
من تفاؤلي،
من قلقي،
من لياليّ التي حجرت عليها الأصداء..
وهي مازالت تنغل في شراييني كالرجفة
ووجهك تحمله الرياح المتجهة نحو عواصم الفسق..
وانتظار الألف عام!!
«3»
«ذاكرة التمني»..تتمنى:
«نحتاج وللاحتياج ان يتحول الى امنية..الى من ينقذنا من هذ العالم الذي بدأ يضيق.للدرجة التي اصبحنا نصطدم فيها ببعضنا البعض..دون ان نلقي سلاماً او اعتذاراً فقط نلهث وراء ما نريد ومالا نريد..وربما من شدة احتياجنا..تعودنا الركض فصرنا..نركض للركض فقط!».
«4»
..ولذاكرة الوسادة..نصيب الاسد..
«..اسمي الوسادة دائماً ب«كرسي الاعتراف» ذلك ان خلاصة اصدق ما نعيش..تراودنا عندما نضع رؤوسنا على الوسادة..
فتصبح هذه الذاكرة مسيطرة..لاغية لكل ما كان قبلها..تلك الذاكرة اما ان تمنحنا ابتسامة دفء.. او ابتسامة ساخرة..ندخل بعدهما سيان الامر - في سبات عميق..!!
«5»
«.لازلت احمل في رأسي ذاكرة رحبة..لعمر عشناه سوياً لازالت تلك الذاكرة تغذي ايامي..وتقوي عزيمتي..لازلت اتذكر..فاغفر..لازالت تلك الذاكرة..تقاوم كل ما يؤلمها ايماناً منها..وقناعة. ان ملامح ما..تستحق ذاكرة متسعة..تهرول فيها كيفما تشاء..هرولة باتجاه الغياب..او باتجاه الحضور!!».
|
|
|
|
|