| الاخيــرة
الوفاء صفة دافئة، لايردها شيء عن أن تلج القلب، وتسكن هانئة مطمئنة في سويدائه، تتجدد قوة فعلها، وتزيد مع الأيام نمواً وثباتاً، وعلى رأس صرح الوفاء تأتي هذه الصفة الحميدة من تلميذ لأستاذه، لأن الصلة بينهما نبيلة، لأنها من نبع الفكر، تتسلسل من التلميذ إلى تلميذه، ويبقى انتقالها من جيل إلى جيل؛ فهي بذلك محاطة بالبركة.
جاء هذا في ذهني وأنا أقرأ الكلمة الحنونة التي كتبها الابن العزيز الأستاذ الدكتور محمد العيد الخطراوي، في عدد الجزيرة 5/7/1422ه وهذا الابن البار لم يأت بره حديثاً، فقد كان باراً وهو طالب، يشهد على ذلك ما ذكره من حفاوته بما كان يوجه إليه في دراسته، وتقديره له، وبنائه عليه، حتى أوصله هذا الاعتناء إلى ما وصل إليه من منزلة علمية.
يلذ للمدرس أن يرى نجاح تلميذه في هذه الحياة، وتزيد لذته إذا فاقه إنتاجاً، ومداومة في حقل تخصصه، ومتابعة ما هو جديد فيه، ولم يغب عن ذهني الأستاذ الدكتور محمد، لأن نجاحه فيما هو بصدد متابعته يصلني عنه فيه ما يثلج الصدر، مما يجعلني أدعو له بالتوفيق دائماً.
مقاله أعاد لي أيام التدريس، وهي أيام جميلة لاتنسى، وكثير من المهن ينتهي أثر لذتها عند توقفها إلا التدريس فإنما تبقى لذته ما بقي المرء حيا. يقف تلميذ، شمخ في سلم العلم إلى أعلا درجاته، يتكلم في حفل، ويبدع، فيشعر استاذه بالفخر أن هذا المبدع في قوله وفكره كان يوما من الأيام تلميذه، وبعض ما قاله مبني على ماكان علمه أسسه، بحثا أو علما. ويخرج كتاب في حقل من حقول العلم، ويصبح له صدى في المجتمع، فلا يفتخر به مؤلفه وحده، وإنما يشاركه في هذا الفخر استاذه، لأنه يشعر أن فيه شيئاً من فكره، ويرتفع تلميذ في درجات الوظائف، ويشار إليه بالبنان، وأستاذه عن بعد يقول باعتزاز إن هذا الناجح في عمله تلميذي.
ليس لي هنا، أمام الكلمات الرقيقة الحانية، التي قالها عني الأستاذ الدكتور محمد، وتفكيره فيَّ؛ إلى الحد الذي أدّى به إلى أن ينشر خاطرة فكره هذه، إلا أن أسأل الله أن يجزيه عني خيراً، وأن يديم توفيقه عليه، ويزيد أفضاله تجاهه، وأن يجعل النجاح حليفه دائماً.
وصلى الله على سيدنا محمد.
|
|
|
|
|