| الاقتصادية
في مناسبة احتضان العاصمة السعودية الرياض لفعاليات مؤتمر الصناعيين الثامن لدول مجلس التعاون الخليجي في الفترة من 15 16 رجب 1422ه (2 3 اكتوبر 2001م) تحت رعاية صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض تحت شعار (الانفتاح نحو الاستثمار الاجنبي المباشر وآثاره المتوقعة على القطاع الصناعي في دول المجلس)، فإن افضل وسائل جذب المستثمرين هو تهيئة البيئة الداخلية للاقتصاد الخليجي بمزيد من النضوج والقابليات والانفتاح، وكما ان دول المجلس قد قطعت مدى معتبرا في سن الانظمة والقوانين الخاصة بتحرير التجارة وزيادة فرص القطاع الخاص وأنظمة الاستثمار الاجنبي والوطني، الامر الذي اتاح فرصا واسعة امام أبناء المنطقة وشركائهم من الخارج للعمل في سوقها وأسهم في زيادة مفاعيل الاقتصاد الكلي لدول المجلس خاصة في جانبها غير النفطي، إلا أن الملاحظ من واقع الارقام ان ما تحقق حتى الآن يبدو اقل كثيرا مما هو مستهدف وما يزال دون الطموحات،
ففي حين تزداد التدفقات الاستثمارية الاجنبية على مستوى العالم حتى بلغت تقريبا نحو 865 بليون دولار بنهاية العام 1999م، إلا ان مجموع ما وصل الى منطقة الخليج من اجمالي تلك التدفقات لم يتعد ال 45، 5 بليون دولار فقط، وهنا تكمن الحاجة الى مجابهة التحديات الحقيقية التي يقبع خلفها ذلك الانصراف الدولي الذي أبقى من جانبه دول المنطقة في خانة (الزبون الممتاز) والسوق المضمونة دون ان نبذل من جانبنا الجهد الكافي لتغيير تلك المعادلة،
ومن الممكن القول ان المنطقة تتمتع بمزايا قل أن يشاركها غيرها فيها من حيث الاستقرار السياسي والاتجاه للتوحد الاقتصادي بسريان الاتحاد الجمركي بين دول المجلس خلال الفترة المقبلة، والتطورات الجيدة فيما يتعلق بقوانين الاستثمار وتوطين التقنية والاتجاه نحو توحيد العملة الخليجية وتوحيد السوق إلا أن معظم هذه الخطوات رغم إغرائها ونجاعتها تظل محفوفة بالبطء والبيروقراطية الإدارية،
في مقابل ذلك نجد ان بعض التكتلات الاقليمية قد خطت أشواطا بعيدة في إنجاز التكامل الاقتصادي إدراكا منها لمتطلبات العولمة الاقتصادية التي ما عادت تتيح للاقطار منفردة مجالا للمنافسة بما لديها في السوق العالمي وخير ما يمكن الاستدلال به هنا هو تجربة الاتحاد الاوروبي،
إن التشابه بين دول مجلس التعاون الخليجي من حيث هياكلها الانتاجية وأسواقها الداخلية ومستويات نموها الاقتصادي يجعل من مهمة وضع خطة إنتاجية مشتركة تتوخى في منتهاها تسريع خطوات الاندماج الصناعي أمرا ممكنا وإن وضع مثل هذه الخطة أصبح اليوم من الأمور التي لا تحتمل التأجيل ولقد حان الوقت بالفعل لوضع خطة صناعية خليجية مشتركة لأقطار المنطقة تتلاءم مع المعطيات الجديدة وتتميز بالموضوعية والمرونة وتؤمن مصالح دول مجلس التعاون مجتمعة ومستهدفة الحد من التفاوت،
وتتطلب الخطة المتكاملة المشتركة أيضا تصورا استراتيجيا واضح الرؤى والاهداف والاستفادة من المزايا العديدة التي يوفرها الاندماج المحتمل للشركات ذات الإنتاج الواحد من حيث توفر القدرة التساومية في حال التفكير في جذب المستثمرين الاجانب ذوي رؤوس الاموال الضخمة للدخول في شراكة تجارية،
واليوم نجد مؤتمر الصناعيين الثامن فرصة اخرى طيبة في غرضها يجب ان يتجاوز القائمون على أمره برودة التناول وأدبيات التمني التي يكون حظها على الأغلب الأدراج والأرفف الى التفكير الجاد والعاجل في إيجاد البدائل لمزيد من البناء والنمو،
*رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض
|
|
|
|
|