أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 3rd October,2001 العدد:10597الطبعةالاولـي الاربعاء 16 ,رجب 1422

مقـالات

ملتقى خادم الحرمين في كوبنهاجن: تنظيم باهر ونجاح ظاهر
د. محمد بن خالد الفاضل
أتيح لي حضور عدة ملتقيات ومؤتمرات وندوات داخل المملكة وخارجها، ومن آخرها ملتقى خادم الحرمين الشريفين في مدينة كوبنهاجن في الدانمرك في الشهر الماضي، ويحرص القائمون على هذه الملتقيات والمنظمون لها على تهيئة كل أسباب النجاح الممكنة لها، لكن نسبة النجاح تتفاوت من ملتقى لآخر بحسب الجهد والاستعداد ودقة التخطيط والترتيب، وأكاد أجزم بأن الملتقى الخامس في كوبنهاجن يُعد من أنجح الملتقيات التي حضرتها وشاركت في بعضها، وأنه قد تهيأ له من أسباب النجاح ما لم يتهيأ لغيره، ومن المظاهر التي تؤكد ذلك ما يلي:
1 الاستعداد الجيد المبكر الذي كشف عنه وصول أوراق العمل والبحوث مطبوعة طباعة نهائية في كتب مصححة وموثقة، وتوزيعها على الحاضرين قبل بدء كل جلسة، وهذا عمل مقدر ومشكور، يوحي بجهد دؤوب مبكر.
2 كثرة المتحدثين والمعقبين والمعلقين والمدعويين عموماً وتنوع توجهاتهم ومشاربهم وتخصصاتهم،ثم انصهارهم جميعاً في بوقتة إيمانية واحدة يسودها الحب والوئام والانسجام وتذوب خلالها جميع الحواجز الوهمية المصطنعة التي تزيد من اتساعها البعد والقطيعة ويقضي عليها الوصل والتلاقي والجلسات الحميمية الأخوية، وقد وفّقت الوزارة في هذا النهج توفيقاً كبيراً .
3 تميزت أوراق العمل والبحوث التي قدمت بجودة الإعداد والصلة المباشرة بالموضوع المطروح؛ ولذا فقد استفاد منها الحاضرون كثيرا.
4 من الأمور الجديدة والجيدة أيضاً أن تعقيبات المعقبين المدرجين في البرنامج بعد كل بحث رئيس جاءت جيدة ومتناغمة مع البحث المناقش وتدور في فلكه إضافة أو تسديداً أو تصويباً أو استدراكاً أو نحو ذلك، مما يوحي بأن المعقبين حظوا باهتمام وعناية وترتيب مسبق كالباحثين، فجاءت تعقيباتهم مكملة ومسددة لأوراق الباحثين الرئيسيين، وهذه سابقة طيبة، ولفتة موفقة.
5 نُفِّذ برنامج الملتقى المطبوع والمعد سلفاً تنفيذاً دقيقاً في الوقت المحدد، ولم يطرأ أي تغيير أو تعديل على أي جلسة، ولم يلغ أي بحث أو تعقيب، ولم يحدث أي خلل أو ارتباك يعكر صفو الملتقى، وهذا عمل مشكور يحمد للجنة العلمية ولجنة التنظيم.
6 اكتظت قاعة الملتقى مع كبرها بالحاضرين من الرجال والنساء في كل جلسة واضطرت لجنة الملتقى إلى تنظيم الدخول والخروج وتهيئة الأماكن المناسبة لكل فئة، وتهيئة مكان استماع خارج القاعة لمن ضاق عنهم المكان، وهذا الإقبال من الجالية على الرغم من بعد الفندق عن البلد مؤشر قوي على جودة المستوى ونجاح الملتقى.
7 أبدعت الوزارة في هذا الملتقى عندما أدخلت بين الجلسات دورات مصغرة في الإدارة والإبداع والتخطيط، واستقطبت لتفنيذها عالمين كبيرين لامعين في هذا المجال، وهما: الدكتور طارق السويدان، والدكتور عبدالرحمن الهيجان (الأستاذ في معهد الإدارة بالرياض)، وقد حظيت هذه الدورات بإقبال كبير، وإعجاب ظاهر.
8 كان في الحاضرين بعض العلماء الكبار في الشريعة من داخل المملكة وخارجها، ومنهم فضيلة الشيخ عبدالله المنيع (عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة) ومعالي وزير العدل الشيخ عبدالله آل الشيخ، ومعالي وزير الشؤون الإسلامية الشيخ صالح آل الشيخ، وفضيلة الشيخ صالح السدلان وغيرهم، وقد كان لهم مشاركات وتعليقات جيدة، ولقاءات جانبية مع بعض الحاضرين في غرفهم وردهات الفندق يجيبون فيها على كثير من الأسئلة والاستفسارات.
وقد كان لمعالي الشيخ صالح آل الشيخ تعليق جيد ونفيس على إحدى الندوات حول العمل الإسلامي في الخارج والمنهج الصحيح والعلاقة بالمراكز الإسلامية ودعمها والتعاون معها، وقد حظي بإعجاب الحاضرين وأجاب عن كثير من التساؤلات.
9 أحسنت إدارة الملتقى حينما استفادت من أغلب الحاضرين من العلماء والدعاة، فنظّمت لهم أنشطة علمية ودعوية ومحاضرات وخطب جمعة خارج برنامج الملتقى في عدد من المساجد والمراكز في الدانمرك ومدن السويد القريبة.
10 من المظاهر البهيجة في هذا اللقاء: البشر الذي تطفح به الوجوه، وهذه اللقاءات الأخوية الجانبية في ردهات الفندق وعلى موائد الطعام المستديرة في الإفطار والغداء والعشاء بين إخوة فرّقتهم الديار ويجمع بينهم الهم الواحد والشعور المشترك، وقد أتاح لهم هذا الملتقى فرصة الاجتماع والتشاور والتناصح والتشاكي وبث الهموم والتعاون على التغلب عليها، وعندما أنظر إلى نفسي أجد أني سعدت برؤية عدد من الإخوة والزملاء السعوديين وغيرهم طالت مدة الانقطاع بيني وبينهم؛ لأنهم يعملون في أمريكا وبريطانيا وأسبانيا وبلجيكا وفرنسا والبرازيل والأرجنتين ومصر ودول الخليج وغيرها من البلدان، فكيف يتسنّى لمثلي أن يرى في يومين كل هذا العدد من الأحباب الذين تفصل بينهم آلاف الأميال، لولا توفيق الله بعقد هذا الملتقى المبارك، ومثل هذا يقال عن جميع الحاضرين.
وأظن أنني بما ذكرته قد أجبت عن سؤال أحد الزملاء الذي قال لي: (هل ترون فائدة ظاهرة من هذه الملتقيات؟!)، وأود أن أزيده أيضاً، فأقول: إن هذه الملتقيات وما شابهها من الأعمال الدعوية والثقافية والعلمية متعددة الفوائد والآثار والثمار، وبعض آثارها وثمارها تُقطف عاجلاً وبعضها لا تظهر عاجلاً، وبعضها تظهر وينفع الله بها دون أن نحس بها أو نعلم عنها، وليست كالصفقات التجارية يداً بيد، فكم من غير المسلمين قد يدخلون في الإسلام بسبب هذه الملتقيات وأنشطتها الجانبية، وقد نعلم ببعضهم ولا نعلم بالبعض الآخر، وكم حائر قد يهتدي، وكم من شخص أو فئة أو جماعة أو مؤسسة قد يتغير مسارها ويرشد طريقها بسبب كلمة أو محاضرة أو بحث أو موقف أو غير ذلك. ومن الفوائد الظاهرة أن الجالية المسلمة في البلد المستضيف يرتفع شأنها وتعلو مكانتها عند أهل هذا البلد من المسلمين وغيرهم، وتسمو معنوياتهم ويتجدد نشاطهم عندما يحسون أن لهم سنداً بعد الله يؤازرهم ويدعمهم ويتفقد شؤونهم، فليس سهلاً أن يروا إخوانهم في بلاد الحرمين يهبون إليهم بوزرائهم وبصفوةٍ من علمائهم وبعض علماء ومفكري العالم الإسلامي ليتعاونوا معهم في إقامة هذا الملتقى، وليعرف إخوانهم حالهم ومشكلاتهم ويسهموا في حلها بقدر ما يستطيعون، ولا شك بأن هذه اللقاءات، وفيها لقاءات رسمية مع بعض كبار المسؤولين في البلد المضيف، تسهم في دعم الجالية والتعجيل بتحقيق بعض مطالبهم ومشروعاتهم كبناء المساجد والمدارس والمقابر وغيرها من مشروعاتهم الحيوية التي تشتد حاجتهم لها، وبعضها مجمّد يحتاج إلى مثل هذه اللقاءات لتحريكه والمصادقة عليه، وقد سمعنا بأشياء كثيرة من هذا النوع تحققت للجالية المسلمة بسبب هذه الملتقيات والأنشطة التي تدعمها المملكة رسمياً وشعبياً، كما أن سمعة المملكة ومنهجها المعتدل الرصين يلقي بظلال طيبة على الجاليات المسلمة التي تتعاون لإقامة هذه الملتقيات، ويعطي الحكومات غير المسلمة نوعاً من الثقة والاطمئنان لهذه الجالية المرتبطة بالمملكة، فتسمح لها بالانطلاق والعمل وتعطيها مجالاً من الحرية والانتشار، وقد تدعمها في نطاق ما يسمح به القانون.
هذه بعض الفوائد والثمار التي عنّت لي وأنا أسوّد هذه الأسطر، ولا شك بأن الفوائد أكثر، والآثار الطيبة أعمق وأشمل، وبعضها يُرى وكثير منها لا يُرى لكنه بحول الله مسجّل في موازين حسنات العاملين والباذلين، نسأل الله أن يزيد بلادنا وقيادتنا توفيقاً وتسديداً وعوناً لبذل المزيد من هذه الأعمال الخيّرة، وأن يصلح لنا ولهم ولجميع المسلمين النيات والأعمال.
كلية اللغة العربية/جامعة الإمام

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved