حينما يحتفل الشعب الفلسطيني هذا الأسبوع بمرور عام على «انتفاضة الأقصى» ومن خلال الآلام والتضحيات الجسام التي كلفته «1500» شهيد وقرابة عشرين ألف جريح ومعاق، خلال عامها الأول فقد حقق في هذه الانتفاضة إيجابيات كثيرة.. لعل في رأس قائمتها أنها «وحدت» الشعب الفلسطيني بجميع منظماته ومقاوماته وفصائله المختلفة.
لم يعد الشعب الفلسطيني من يبحث عن زعامات قيادية توجهها أيدلوجيات فكرية خارج نطاق مقاومة الاحتلال اليهودي.. كما كان ذلك قبل هذه الانتفاضة.
ومن إيجابية انتفاضة الأقصى انها بدأت كما بدأت الانتفاضة الأولى عام 1408ه بالحجارة والمقاليع والنّبّاطات التي يطلقها أطفال المقاومة على الجيش الإسرائيلي.. وهي بهذا تعتبر مقاومة رمزية: حجر فلسطيني يقابله رصاص يهودي.
أما منذ عام وحتى التحرير وجلاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس إن شاء الله فقد تطورت أساليب المقاومة وتنوعت.. وبدأ المقاتلون الفلسطينيون يستعملون الأسلحة النارية وان لم تكن بالكفاءة المطلوبة.. فهم يطلقون زخات من الرصاص على العدو.. لكن من النادر جداً ان يصيبوا جنود العدو إصابات قاتلة مما يظهر انهم لم يتدربوا على أساليب حرب الشوارع.. و«قنص» جنود الأعداء.. الذي لا يتأتى غالباً إلا بتصويب خاص يجعل الجندي اليهودي متحقق القنص والإصابة القاتلة. كما يُصوِّب أحدنا بندقيته نحو طير أو حيوان يريد اصطياده.
لا شك أن «مجرم العصر» شارون قد ألقى بكلِّيته في حربه العدوانية الضروس ضد الشعب الفلسطيني شبه الأعزل من كل سلاح يقابل سلاح عدوّه سوى سلاح الإيمان الذي تعاهد عليه هذا الشعب البطل.. ككل شعوب الأرض التي قاومت الغزاة والمحتلين حتى تحقق لها النصر بعد أنهار من الدماء والدموع وخراب الديار.
الشعب الفلسطيني لا يقل غيرة على دينه وارضه وعرضه من الشعوب الأخرى التي خاضت الحروب الرهيبة في سبيل حريتها واستقلالها وهزمت الدول الكبرى وجيوشها وأساطيلها البحرية والجوية وزحوفها البرية وتحقق لها النصر بعد المعاناة وخوض الشدائد العظام.
وكان للشعوب العربية والإسلامية القدح المعلى في هذه الميادين.. منها «الجزائر» على سبيل المثال التي ضحت بأكثر من «مليون» مقاتل من شعبها.. حتى سلمت «فرنسا» بهزيمتها. وانسحبت تجر أذيال الخيبة والخسران.
وكذلك فعلت «أفغانستان» بروسيا. وها هي «الشيشان» البلد الصغير الفقير يتحدى ثاني قوة في العالم من حيث الجيوش والسلاح المتطور. ومع ذلك عجزت حتى اليوم عن إخضاع الشعب الشيشاني المسلم لجبروتها.
إسرائيل هي آخر دولة في العالم تحتل أرضاً ليست لها وتقاوم شعباً يريد إخراجها من أرضه ويريد إعلان استقلال دولته بعاصمتها القدس، وهو أمر سيتحقق بإذن الله طال الجهاد في سبيله أم قصر.
والذي نرجوه من الشعب الفلسطيني المجاهد ألا يمل أو يصاب بالاحباط لكثرة شهدائه وتدمير بنيته التحتية وحصاره الذي أفقده كثيراً من مقومات الحياة الطبيعية المعاصرة.
ان الصبر على الشدة والّلأْوَاء في سبيل تحقيق هدف سام نبيل هو مفتاح الفرج.
أما عتب بعض الفلسطينيين على إخوانهم العرب بأنه يجب عليهم ألا يكتفوا بإمدادهم بالمال بل لابد من مشاركتهم في القتال فهذا شرف يتمناه كل عربي ومسلم.. ولكن أنىّ لهم ذلك والحدود مغلقة بينهم وبين ما يشتهون.. من قبل الدول المجاورة لإسرائيل.
والدول المجاورة لإسرائيل معذورة في إغلاق حدودها.. فإنها لو فتحتها أمام المتطوعين اوالجيوش العربية لقامت في الحال حرب طاحنة بين العرب وإسرائيل.. والعرب حتى الآن لم يهيئوا أنفسهم لحرب شاملة بينهم وبين إسرائيل.
أما ما يعد به بعض الزعماء «المُصَرْقَعين» من توجيه 7 ملايين من شعبه للمحاربة الى جانب الفلسطينيين «فحديث خرافة يا أم عمرو»..!! ولكن المعونة الواقعية والنجدة العربية الواجبة تتمثل في تقديم الدعم والمساندة المادية والمعنوية.
تنميقة