رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 2nd October,2001 العدد:10596الطبعةالاولـي الثلاثاء 15 ,رجب 1422

مقـالات

دور العلماء
عبدالرحمن صالح العشماوي
العلماء كالنجوم يضيئون للناس - بعلمهم- طرق الحياة التي قد يكتنفها الظلام، وتنعدم فيها الرؤية الصحيحة، لذلك رفع الله قدر العالم العامل الصادق، وفي القرآن الكريم والسنّة المطهرة أدلة كثيرة على ذلك، وكذلك في حث الاسلام وجميع الأنبياء عليهم السلام على طلب العلم دليل على أهميته في حياة الناس، ولذلك كان العالم أشد على الشيطان من مائة عابد، لأن العالم يعبد الله على بصيرة وهدى، وربما عبد بعض العابدين المجتهدين في العبادة ربهم بما لم يشرع لهم لضعف علمهم.
والنوازل التي تنزل بالناس، والأحداث الكبرى التي تجري في العالم تكوّن جواً ضبابياً كثيفاً عند كثير من الناس، بل عند القاعدة العريضة من البشر، فلربما تحدث بعض النوازل التي تثور معها الشُّبَه، وتختلف فيها الآراء، وتختلط فيها الأمور اختلاطاً خطيراً، وهنا يضطرب الناس، ويضيع صوت الحق في طيَّات الصخب والضجيج الذي يحدث مع هذه النوازل التي تنزل.
فإذا علمنا أننا نعيش في عصر الاعلام والفضائيات ووكالات الأنباء العالمية ذات الأهداف والأساليب والاتجاهات المختلفة أدركنا خطورة الأمر، في هذا العصر، وشعرنا بالأهمية العظيمة لدور العلماء المخلصين الصادقين في بيان الحق وارشاد الناس بالرأي العادل البعيد عن الانفعال الذي يقود - غالباً - إلى غَبَش الرؤية وحصول التعصُّب.
ولا يكفي - في نظري - في مواجهة الإرجاف الاعلامي المعاصر صدور فتوى واحدة مثلا لبيان الرأي الشرعي في نوازل العصر، بل يجب - كما أرى - أن يكون هنالك نشاط علمي عام يوِّجه الناس إلى الرأي الصحيح العادل فيما يجري من الأحداث في هذا العالم ينبثق ذلك النشاط من نصوص الكتاب والسُنّة وإنزالها - الصحيح - على الأحداث والنوازل للناس في العالم أجمع وفي العالم الاسلامي بصفة خاصة.
ويمكن أن يتم ذلك النشاط العلمي بوسائل متعددة، منها الندوات والمحاضرات والبرامج الممتازة إذاعياً وتلفازياً والمقالات والتحقيقات الصحفية، ولابد - أيضاً - من اختيار الأفضل مما يقال وينشر ليترجم الى العالم بأكثر من لغة حيَّة حتى لا يبقى ما نقول محصوراً في دائرة عالمنا العربي، بينما الناس في العالم الآخر يبقون ضحية وكالات الأنباء ووسائل الاعلام الغربي الذي يظهر تحيُّز أكثرها ضد المسلمين.
إن أعداء الاسلام، وأعداء العدل والانصاف في العالم يستغلون "تفجيرات أمريكا" الأخيرة بصورة مؤذية ضد الاسلام والمسلمين، ويطرحون من الآراء عبر منابر الحوار المختلفة ما يشوه صورة الاسلام، بل صورة الدين بصفة عامة في أذهان الناس، مع يقيننا أن المسلمين بريئون من ذلك.
والمؤسف أن الاعلام العربي الاسلامي لم يستطع الى الآن ان يوجه الخطاب الموحَّد الواعي لمواجهة تلك الحملة الاعلامية المغرضة، بل إن بعض القنوات العربية تحاول أن تكرس آراءها السلبية المتعصبة ضد بعض الدول الاسلامية، والعلماء المسلمين من خلال تغطيتها لهذا الحدث الذي هزَّ العالم، أعني "تفجيرات أمريكا".
إن كثيراً من الناس يعيشون في بلبلة وحيرة، فهم يسمعون من بعض علماء المسلمين ومثقفيهم من يقول: إن ما جرى من التفجيرات الأخيرة في أمريكا جزاءٌ من جنس العمل، بل إن بعضهم - كما يبدو - وإن كانوا قلَّة، لا يرى بأساً في أن يذهب ضحية العمل "الارهابي" بعض الأبرياء من الأطفال والنساء وغيرهم، وربما يستشهد بعض هؤلاء بنصوص شرعية ووقائع تاريخية على ما يقولون.
والناس - أيضاً - يسمعون من يقول: إن ما جرى يعد عملاً إرهابياً ظالماً لا يجوز شرعاً، وفيه اعتداء على أبرياء وآمنين، وبهذا أفتى علماء كثير من الدول الاسلامية وفي مقدمتهم علماء المملكة العربية السعودية، وهي فتوى مؤيدة بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة.
ومع أن الصورة واضحة في أذهان أهل العلم والوعي والبصيرة إلا أن الأمر محيِّر لعامة الناس، وأنا أرى أن دور العلماء يجب أن يكون أكثر إيجابية، وأوسع انتشاراً بين الناس لأنه من بيان الحق للعامة وهو ما لا يجوز التقصير فيه.
وأنا أتساءل: لماذا لا يكون هنالك حضور لرأي العلم الشرعي الاسلامي المنصف في وسائل الاعلام الغربي وبعض القنوات التي يلاحظ أنها تميل إلى تشويه صورة الاسلام والمسلمين من خلال الحدث الأخير.
إن دور العلماء في العالم الاسلامي يحتاج الى تفعيل كبير ليكون علمهم نافعاً بصورة أوسع وأثر أعمق، وهو يحتاج إلى أمور منها:
1- توحيد صف العلماء في مواجهة النوازل والمبادرة بدراستها وبيان رأي الشرع الصحيح فيها.
2- العمل على نشر ذلك عبر معظم وسائل الاعلام والقنوات بصورة شاملة فعالة تتضح بها المواقف الصحيحة العادلة من جميع النوازل والأحداث التي جرت وتجري في هذا العصر.
3- العمل على تنسيق الجهود المبذولة من بعض العلماء وخاصة في مجال الفتاوى الفضائية "عبر القنوات" لأن لهذه الفتاوى أثراً في بلبلة أذهان العامة.
4- التركيز على طرح القضايا الاسلامية المعاصرة الساخنة وبيان الرأي الشرعي الصحيح فيها وتوضيح كيفية التعامل معها.
5- توضيح حدود اختلاف الرأي في الفتاوى ونشر ذلك عبر المنافذ الاعلامية حتى يسلم عامة الناس من التذبذب والخلاف بسبب اختلاف الرأي في فتاوى العلماء.
6- العمل على قيام حملات توعية علمية واسعة لتبصير الناس بطريقة التعامل الصحيح مع النصوص الشرعية والاستدلال بها استدلالاً صحيحاً حتى لا توضع في غير موضعها وتصدر عليها فتاوى قد تكون غير صحيحة بسبب انحراف موضع الاستدلال بالنص.
وليس بعيداً عنا استدلال بعض الصحابة بالآية:(ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة) في موضع النهي عن الاقتحام البطولي أثناء المعارك، وتصحيح ذلك ببيان سبب نزولها وأنها تدل على معنى آخر.
7- قيام العلماء بدورهم بصورة أشمل وأوسع يساهم في الحيلولة دون انسياق المسلمين وراء القضايا والأحداث التي يصنعها أعداء الاسلام ويطرحونها بقوة ويجرُّون المسلمين الى المناقشة والجدل حولها بصورة تحجب غيرها من قضايا المسلمين الأهم، وهذا ما يحدث في عصرنا غالباً.
إنها مسؤولية علمية كبيرة يحتاج إليها العالم كلُّه، أرجو أن يقوم بها علماء الاسلام خير قيام، وهم - إن شاء الله - أهلٌ لذلك.
(قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون).

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved