* كتب مشعل السبيعي:
الشاعر صاحب السمو الامير سعود بن بندر رحمه الله شاعر انتقد نفسه بنفسه قبل النقاد حيث قال في مقدمة ديوانه: «لي نقدي الخاص لكل قصيدة من قصائدي خصوصا تلك التي كتبتها في بداية الطريق» سعود بن بندر هذا الاسم الذي تقف امامه الاقلام تقف امام انسانيته وشاعريته وادبه وكرمه وامارته قالوا عنه سعود بن بندر قصيدة الانسان الخالدة، قال عنه الشاعر الامير عبد العزيز بن سعود «السامري شاعريته تفوق الخيال وذات ليلة كتب سبع قصائد افكارها مختلفة» قال عنه الشاعر الحميدي الحربي:
وإن كان ميزان العقول المناطيق
بين الرجال اللي تسامت بأدبها
فعز الله إنك في مثل قمة طويق
من فوق ناس مستواها عجبها
كما قالت عنه والدته حفظها الله :
جرحي على سعود ما ينفع به الطبي
وشلون أبسلى وهو دايم على بالي
انه شاعر بكل ما تحمله كلمة شاعر، كتب بصدق بوضوح بحس يبكي من يغوص في بحر معانيه:
حيث يقول:
حاول واحاول يصير فراقنا هادي
الله عطانا العقل حتى يعيننا
قال لوالدته:
يا ليتني بينك وبين المضره
من غزة الشوكة إلى سكرة الموت.
ثم قال لأبيه:
يا بوي يا عزي ويا تاج راسي
يكفي من افضالك علي نسبتي لك
قال لمحبوبته:
اقول في نفسي وانا اعايد الناس
متى بشوفك تكمل افراح عيدي
انه شاعر تشرف الشعر والادب بقدومه وبكت صفحات الادب قبل اعين الناس عندما جاء خبر وفاته مدويا سماء نجد التي قال فيها:
حب الثرى لا جيت نجد الحبيبه
وصل سلامي يا مسافر للأحباب
كان والده صاحب السمو الامير بندر بن محمد بن عبد الرحمن يحرص على سماع قصائده وخاصة من رواة الشاعر سعود بن بندر حيث قال سموه : اسعدني كثيرا عندما سمعت ان سعود يقول الشعر.. وفي يوم جاء للسلام احد رواته وطلبت من الراوي آخر ما كتب سعود فقال:
موت القلوب يفوق موت الرجاجيل
شوف العيون وما يبي له شطاره
ثم قلت له ماذا بعد فقال:
حظٍ وضعني بين هذا وهذاك
انا اشهد انه ضرني ما نفعني
حيث طربت لما سمعت منه لسعود رحمه الله.
وعندما نقرأ ديوانه الشعري نجده روضة امتلأت بالازهار نجد حسن الابتداء في مطالع القصائد مثل:
لي لزوم هناك وهنيا لزوم
والهنيا اهون خطاها من هناك
حيث ان هذا المطلع للقصيدة «عطني العزم» ابدع الشاعر سعود بن بندر في ترويض هذه الكلمات لتحمل الروعة والجرس الموسيقي الشفاف.
كما نجد البساطة والعفوية وعدم التكلف والتصنع للمعاني وذلك واضح في قصائده:
وش عاد اقول وما بقى عندي اسرار
كلش تشوفه واضح في عيوني
وقوله:
قالو تحبه قلت ماهوب بالحيل
بس انه اغلى شوي من نور عيني
وقوله:
ماهو غلط تشعر بزلتك وتعود
صدري وسيع للعذر والسموحه
وقوله:
ترى اللي يسليني عن مشاهدك ذكراك
انا مستحيل انساك اخاف انت تنساني
كما نجد الحكمة النابعة من التجارب في هذه الدنيا ولوعات هذا الزمن حيث ان الشاعر سعود بن بندر ذكر ذلك في احدى قصائده قائلا:
ياللي شكيت الهم ترا الليالي
ما ورتك منها بعض ما نشوفه
ياليتك بليله تجرب بدالي
وتحس وش معنى الصبر والكلوفه
وقوله:
ومن يطيع القلب ينكر فضل عقله
ومن قوى رغبات نفسه في ملامه
ونجد كذلك الوصف والرسم والتصوير الخيالي مثل:
الشمس تشرق نورها صبح من شرق
وانت بجميع اوقات دنيايه أشراق
وقوله:
كاتب حبك بمدى الجراحي
فوق راسي غير حبك ما اطيع
مثل ما يكتب على صيهد رماحي
المطر فوق الرمل يكتب ربيع
او مثل صدح الحمامه بالنواحي
في بقايا اطلال ما فيها سميع
هكذا انطلق الشاعر الامير سعود بن بندر واسع الخيال يرسم بريشة تحمل الصدق والمعاناة كما يقول:
كان اسمعك شعر تزلزل له القاع
يسوقه احساس خفوقي يجيشه
اعدل ابياته على كل مصراع
وأحوله لوحات فنان ريشه
هكذا انطلق الشاعر سعود بن بندر الذي عاش في وقت نمو السكان ونهضة العمران متمسكا بعادات اهل الكرم والجود عادات آبائنا واجدادنا، لقد واجه هذا التطور بثياب العادات الحميدة متجردا من كل الصفات المظهرية وكان يطالب بعدم الانجراف وراء تيار التطور والتقدم على حساب ترك مبادئنا وعاداتنا:
مع التيار والدنيا الجديدة
ركبنا موج بحر ما نريده
نسينا كل ماضينا وأهلنا
ورمينا ثوب عادات حميده
طفحنا فوق موجات الظاهر
وعنا صارت الراحة بعيده
وقبل هذا كله فقد كان سموه باراً بوالديه حميما معهم انه نموذج للابن البار، يقول راشد بن جعيثن أسمعني سموه قصيدة «تاج عزي» عبر الهاتف فبكيت، فسألني ما بك يا راشد فقلت يالامير ابكاني برّك بوالديك، وهذا واضح في المراثي التي رثته بها والدته صاحبة السمو الملكي الاميرة البندري بنت عبد العزيز حيث انها تدل على الحب والوفاء والبر المتبادل مع ابنها حيث تفجرت قريحتها بأجمل القصائد التي تحمل معنى الأمومة في رثاء ابنها تقول:
ياليتني حطيت انا عنك بالعود
وانت معافا يا جنيني صحيحي
والله لاصبحك لين اجاورك يا سعود
الله يعجل جنب قبرك مطيحي
وقولها:
لين اجتمعتو لدت العين لسعود
قامت تلفت وين قرة نظرها
أضحك وأنا قلبي من الحزن ملهود
وأغضي وأذل العين تنثر دررها
ورحل سعود بن بندر احد أهرام الشعر الشعبي والادب السعودي ولكن بقي شاعر واسمه قصيدة بذاته.
ومن روائع سعود بن بندر: