| وَرّاق الجزيرة
الحديث عن الأسر والبيوتات العلمية يقود حتماً الى ذكر شرف العلم وفضله فكم أعلى أفراد بالعلم ذكر أقوامهم وأهليهم.
الا ان العلم ليس ميراثاً يورث فكم من جهابذة العلماء وألسنتهم بيد انهم ورثوا العلم كلالة.
ولم يظهر من نسلهم وعقبهم علماء ولا تثريب.
ذلك أنه فضل الله يؤتيه من يشاء.
وذلك المفهوم من قوله صلى الله عليه وسلم«ان العلماء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وانما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظٍ وافر».
لذا فالعلم لا يقاد بالنسب او الحسب بل هو منحة ربانية وإفاضة إلهية يروى عن الامام احمد رحمه الله انه قال «إنما العلم مواهب يؤتيه الله من احب من خلقه وليس يناله احد بالحسب ولو كان لعلة الحسب لكان اولى به اهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم».
الا انه في ذات الامر بزت اسر عن غيرها وطار بذكرها غير واحد وظهر في البيت الواحد عدد من حملة العلم وأوعيته.
وقد عني علماء التراجم والطبقات بذكر اطراف من هذه الفوائد وتتبعوا من علا كعبه في العلم من البيت الواحد.
وقد اشار من كتب في طبقات علماء المذاهب إلى نتفٍ من هذا الجانب وحظي الحنابلة يمزيد من بيان حالهم في هذا الشأن واشتهرت عدد من البيوتات العلمية الرائدة التي حظيت بتراجم متقدمة.
كبيت آل الامام احمد رحمه الله وابي يعلى وآل قدامه وابن مفلح وآل ابن تيمية وآل ابن القيم.
وقد ترجم ابن مفلح رحمه الله في كتابه (المقصد الأرشد في تراجم اصحاب الامام احمد) الى اكثر من خمسين عالماً من بيت آل قدامه.
وقد عده الشيخ بكر ابو زيد في كتابه المدخل المفصل الى فقه الامام احمد بن حنبل بأنه اكثر البيوت الحنبلية علماً على الاطلاق.
وقد تتبع عدد ممن كتب في تاريخ المذاهب الفقهية وعلمائها ومنظريها جملة من البيوتات والأسر العلمية وعند الحنابلة كتب غير واحد في هذا الجانب وتتبعوا علماء المذهب واحصوا الاعداد من الاسرة الواحدة.
في غير ما قطر من البلدان.
وخاصة في الشام وبغداد ومصر والجزيرة العربية ونتيجة مالقيه المذهب الحنبلي من دعم من الولاة والحكام الذين آزروا المذهب الحنبلي فقد اثمر نهضة علمية متميزة في اوساط الحنابلة علماء ومقلدين.
والحديث هنا ينصب على الاسر العلمية الحنبلية في البلاد السعودية التي لقيت من الدولة السعودية الرعاية العلمية والمنعة الشرعية ولم يلقى مذهب في العصر الحاضر من العناية والتأييد مثلما لقيه مذهب امام اهل السنة والجماعة أبي عبدالله احمد بن حنبل عليه من الله واسع الرحمة والغفران.
مع ما يتسم به اهله من محبة للسنة واقتفاء للدليل وبعد عن التعصب والتقليد الاعمى.
بيد أنه عدت البيوت الحنبلية في البلاد السعودية فيقع على رأسها بل في قمتها اسرة آل الشيخ.
وهم ذرية وعقب شيخ الاسلام المجدد محمد بن عبدالوهاب ابن الشيخ سليمان بن علي التميمي عليهم رحمة الله أجمعين.
والشيخ محمد بن عبدالوهاب ينتمي إلى اسرة آل مشرف ونسبته«المشرفي» الوهيبي التميمي.
وهو كذلك سليل بيت علم وفضل وريادة اما جده فهو منتهى علماء نجد وأوسعهم علماً قاضي العيينية الشيخ سلمان بن علي.
وكذلك والده الشيخ عبدالوهاب تولى قضاء العيينية أربعة عشر عاماً.
ثم ولي قضاء حريملاء أربعة عشر عاماً أيضاً حتى توفي سنة 1153ه.
وكذلك أعمام الشيخ ابراهيم بن سليمان واحمد بن سليمان طلبة علم واصحاب قلم وكتابة.
وقد بارك الله في عقب هذا الشيخ المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب فكان له من الأبناء ستة هم علي وعبدالله وحسين وحسن وعبدالعزيز وابراهيم وأعقب منهم اربعة فقط هم حسن وحسين وعلي وعبدالله وآل الشيخ اليوم ينحدرون من هؤلاء الأربعة أما البنات فأربع علم منهن العالمة الفاضلة فاطمة ترجم لها ابن بسام في «علماء نجد خلال ثمانية قرون».
فظهر فيهم مالم يظهر في سواهم وكان لهم من الاثر الطيب في نشر الدعوة السلفية وتحقيق التوحيد وصفاء المعتقد مالايخفى.
وقد ظهر من هذه الأسرة أعلام ومشاهير اوعية في العلم نصروا السنة وفضحوا البدعة وتقلدوا مناصب القضاء والافتاء والحسبة نحواً من ثلاثة قرون.
وقد أحصي منهم اكثر من ستين.
فمنهم الشيخ عبدالله ابن الشيخ محمد بن عبدالوهاب والشيخ عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب والشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب والشيخ عبدالله بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب آل الشيخ.
ومنهم الشيخ عبدالله بن حسن بن حسين بن علي بن حسين بن محمد بن عبدالوهاب آل الشيخ.،
ومنهم الشيخ محمد بن ابراهيم بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب آل الشيخ.
والشيخ علي بن حسين ابن الشيخ محمد بن عبدالوهاب آل الشيخ.
والشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء والرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء متعه الله بالصحة والعافية.
وقد عد الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن آل بسام في كتابه«علماء نجد خلال ثمانية قرون» نحواً من اربعين عالماً من هذه الأسرة المباركة.
فضلاً عن عددٍ من الأحياء والمعاصرين من حملة الشهادات الجامعية العليا وطلبة العلم وأساتذة الجامعات في التخصصات الشرعية وممن عمل في الدعوة والقضاء والإفتاء.
هذه إشارة إلى كبرى الأسر العلمية في نجد بل في الجزيرة العربية التي لم تعرف أسرة أخرجت هذا العدد الهائل من العلماء وطلبة العلم نحوهم.
وفي الحلقة القادمة إن شاء الله نتناول عدداً من الأسر العلمية المشهورة الأخرى التي صار لها إسهامها الواضع في العلم والدعوة والإفتاء والقضاء.
المراجع:
علماء نجد خلال ثمانية قرون للشيخ عبدالله بن عبدالرحمن آل بسام.
المدخل المفصل إلى فقه الإمام احمد بن حنبل للشيخ الدكتور بكر بن عبدالله أبو زيد.
مشاهير علماء نجد وغيرهم للشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف بن عبدالله آل الشيخ.
علماء الدعوة للشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ.
روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد وحوادث السنين للشيخ محمد بن صالح القاضي.
|
|
|
|
|