| عزيزتـي الجزيرة
تحية طيبة وبعد..
تعد المرحلة الابتدائية وخاصة الصفوف الاولية منها من اهم المراحل العمرية التي يمر بها الطفل في بداية دخوله المدرسة لكونها تعتبر نقطة التحول الكبيرة في حياته الدراسية ويعد الصف الاول على وجه التحديد البوابة الرئيسية التي يمر منها الطالب الى بقية المراحل الاخرى، ومتى وجد هذا الطفل المناخ الدراسي المناسب والعناية والمتابعة من المعلم والاسرة خرج هذا الطالب الى رحاب التعليم الاخرى مجهزا بكافة الاساسيات المطلوبة للتعلم من ادوات ضرورية تخدمه اكثر في مجالي الكتابة والقراءة.. ولهذا السبب لم تقصر وزارة المعارف حينما جعلت الاسبوع «التمهيدي» والذي تهدف الوزارة من خلاله الى نزع الهيبة والخوف من نفوس الصغار وتحبيبهم بالدراسة وتعويدهم على اجوائها بشكل تدريجي لكون الطفل قدم من اسرة تحيطه بالدفء والحنان والتدليل الى بيئة ومكان لم يألفه من قبل.. وخلال هذا الاسبوع يتسابق جميع العاملين في المدرسة بداية من المدير والمرشد الطلابي وانتهاء بمربي الفصل ومعلمي المواد في محاولة لكسب ود الطفل وتحبيبه بالدراسة حتى يخيل لي ان هذا الاسبوع يعد بمثابة اسبوع «العسل» على غرار شهر العسل بالنسبة للمتزوج.. وهذا الاسبوع بلا شك قد ازال الكثير من الرهبة من نفوس الطلاب وحفزهم للاقبال على مقاعد الدراسة بنشاط وقوة.. ورغم هذا يأتي البعض من المعلمين وهم قلة ولله الحمد ليهدم بأسلوبه واندفاعه ما تحاول الوزارة والمدرسة ان تغرسه في نفوس هؤلاء الصغار بحيث ما ان ينتهي هذا الاسبوع اللطيف حتى يبدأ المعلم مع الطلاب طريقة اخرى هدفها ضبط هؤلاء الطلاب الذين اعتادوا حياة اللهو واللعب والدلال الأسري بأسلوب «الترويض» الذي قد لا يخلو من القسوة بحق هؤلاء الصغار.. بحيث يجعلهم كما يعتقد في قرارة نفسه يعرفون معنى النظام داخل الفصل وطرق الاستئذان والمعاملة مع الغير، وذلك كما فعله احد المعلمين بداية هذا العام حينما ضرب احد الصغار بكف كان وقعه في نفس الطفل شديدا الى درجة ان جعلته يكره المدرسة ويتعقد منها منذ اول بدايات الدراسة لولا ان تداركه والده وقام بالاسراع بنقله الى صف آخر لا يقوم هذا المعلم بتدريسه والذي يبدو انه لم يحسن كيفية التعامل مع الصغار الذين هم كالبذرة تحتاج منا الى الرعاية والاهتمام لتنمو، وان نغرس في نفوسهم منذ اول يوم لدخولهم بوابة المدرسة حب التعليم وحب المدرسة وما فيها من معلمين وطلاب بحيث يصبح بعد ذلك فردا نافعا ومتعاونا مع غيره ومجتهدا حريصا على الأخذ بأبجديات العلم والتعلم فهذا الصغير لو لم يبادر والده الى نقله لصف آخر لكان والعلم عند الله قد كره وللأبد شيئا اسمه تعليم مغلف بهذه القسوة والعنجهية من معلم متهور وغير كفء لتعليم صغار يحتاجون الى رعاية خاصة، ويذكر لي احد الاشخاص تأكيدا لهذا الموضوع بعدما اخبرته به «وهو معلم الآن» بأنه قد تلقى في الصف الأول عصا من معلم لا يزال يتذكره الى الآن رغم مرور السنوات وان هذه العصا التي ترسخت بقاياها في ذاكرته قد كادت ان تجعله يكره الدراسة، وهذا يؤكد بلاشك ان ما نفعله الآن مع الطالب قد يترسب في العقل الباطن «اللاشعور» وقد يكون مع الزمن سببا في نفوره من مقاعد الدراسة وعاملا مهما في تدني مستواه الدراسي.
محمد بن راكد العنزي
محرر جريدة الجزيرة بطريف
|
|
|
|
|