| محليــات
من الموضوعات التي تشغلني، وأضعها في دائرة القضايا البحثية والفكرية قضية «اللغة العربية» وعدم تمكُّن أبناء العربية من اتقانها كما ينبغي ويليق، وثبوت عجزهم عن استخدامها بطلاقة ويسر في كتاباتهم فما بال في تعاملهم اليومي.. وهذا الانشغال جعلني أخرج بشيء غير يسير من الكتابات البحثية، كما تناولت بعض مناحيها فيما نُشر عَرَضاً في مقالاتي المنشورة...
ولأن أبناء العربية من كانوا معنيين بالاهتمام، وعلى وجه الخصوص دارسو هذه اللغة، المختصون في علومها..، مما ينعكس تلقاءً على أبناء العربية من غير مختصيها، ويدعو ذلك إلى التوجه الفوري إلى «نظام التعليم»، وأنظمة التدريس وطرقه، وما تتضمَّنه «الكتب الدراسية» من محتوى «يعين» أو «يثبط» من أمر الوفاء بها، والعمل على جعلها محور كل «درس» ومنطلق كلِّ «طريقة..»، فإن هذا الوضع كان نافذة إلى التفكر في عوامل وأسباب عدم انتشارها كما يليق بها، ومن ثمَّ ضيق أفق دراستها والتخصص فيها خارج نطاق المؤسسات التعليمية العربية في البلدان العربية، إلى البلدان الأجنبية.
وظلت اللغة العربية منذ نتائج ما توصَّلت إليه كافة البحوث سواء الخاصة بي، أو التي أجراها كل مهتمٍّ بها منذ أن نطق «العربي» كتابةً بها، وتدويناً لها، وبحثاً في أنظمتها الخاصة بها، وخصائصها الممثِّلة لطبيعتها، وبيئتها المتداولة فيها، وثقافة قومها، وطبائع أفراد أمَّتها.. رهينة الصعوبة، والقصور عند الأفراد الذين يمثِّلونها ألسنةً، وسواهم الذين يمثِّلونها راغبين في تعلُّمها.
ولأن هذه اللغة ليست لغة عادية لمن يشاء أن يتعلَّمها رفاهةً أو زيادةً في المعرفة أو تمثيلاً لدور الطامحين في توسيع قاعدة خبراتهم، من غير أبناء اللغة في مجتمع أي لغة، بل إن تعلُّمها ضرورة يفرضها الدين السماوي الذي ختمت به الأديان، والذي اختير أن يكون له لسان العربية ممثلاً وناقلاً وجسراً إلى الإنسان حيث يكون، إذ لا أحد يستطيع أن يضع آية واحدة من آيات القرآن الكريم بلغة غير العربية، فهي آيات منزَّلة من لدن إلهٍ عظيم، جعل العربية معجزة رسول هذا الدين، الأمين على نقله، الموصل له، المعلِّم لتعاليمه، المفنِّد لتفاصيله عليه أفضل الصلاة والسلام، عقيدةً وتوحيداً وفقهاً وسنَّةً..، فإن حرص أحدٌ ما على الإبلاغ والدعوة بلسان غير العربية يجعله يقف عند حدود إيضاح المدلول للكلمة، وشرح معناها القاموسي دون الاجتراء على تركيب الآية أو الأخرى.. ولعلَّ ضرورة أن تُقرأ آيات القرآن الكريم في الشعائر الدينية كما وردت باللسان العربي ليؤكد هذا الأمر أهمية نشر تعليمها، وإيصالها إلى الألسنة في كلِّ مكان.
ولأن هذه «العربية» كسيرة على ألسنة أبنائها، ضعيفة في جريانها عندهم.. فإنَّ هذا الأمر جرى وسرى على ما هو قائم في أنحاء العالم عند من هم ليسوا من أبنائها، بل وجدنا أبناءها يلهثون في بيوتهم، بل مخابئهم، بل داخل عرباتهم وحيث رفاههم على تعلُّم اللغات الأخرى والتحدث كظاهرة بها.. وهم يعجزون أن يتحدثوا لساعة أو بضع الساعة بلغتهم العربية..، وسموها بالصعوبة، وهجروها، فوسمها الآخرون وجانبوها.. حتى وجدنا الجامعات والمعاهد والمؤسسات في كافة أرجاء الأرض قياساً بتعلُّم اللغات الأخرى تتقلص فيها برامج دراسة العربية، وما كان من برامج فإنه لا يفي ولا يحقق غرضاً من الواجب أن يكون.
ولعلَّ العالم في أحداثه الأخيرة قد وضع يده على أمر مثل هذا سيكون حديث الغد.
يتبع
|
|
|
|
|