| منوعـات
* والحقيقة أنّ هذه هي نفسها المبررات التي يرفعها صانعو العولمة أنفسهم، ويرددها من بعدهم مناصروها؛ من الشعوب الطامحة لحياة أفضل. ولو سبرنا الغور، وحاولنا كشف المستور وراء تلكم الدعوات؛ لوجدنا أنّ هذه الشعارات البراقة والآمال الجميلة؛ لا تجد ما يسندها على الأرض سوى أضداد تقوض أركانها وتعصف بأعمدة بنيانها، لأنّ صانعة العولمة، وهي التي تنصلت من اتفاقات لحماية البشرية من نار الأسلحة الفتاكة؛ ليس في نيتها أن تنشر الخير لصالح العالم. إنما هي حاجاتها الاقتصادية تدفعها لكي تصل إلى الناس جميعا بوصفهم مستهلكين سلعاً، لا بصفة أخرى غير ذلك.!
* ولدراية علمائها وخبرائها؛ أن النفوس إنما تُدفع في اقتناء حاجاتها من طرف أهوائها ورغباتها، كان لزاما أن تسخّر الوسائل والوسائط لترويج ثقافة استهلاكية؛ تستطيع من خلالها أن تروج لسلعها في غفلة من العقل الواعي للفرد أينما كان. فموجة الإعلانات وملايين الصور المتلاحقة المتسارعة التي تغزو البيوت في شتى أنحاء العالم؛ إنما هي ضرب من سياسة ثقافة تعمل خادمة مطيعة لعالم حاجات السوق؛ التي تقودها الغرائز والأهواء لإخضاع الحاجات البشرية دون رقيب من العقل.
فالصورة تطل بأساليب الإغراء عمل العقل، ومنه تندفع الغرائز في تلقائية، للتفاعل مع ما يبث بقوة التقنية وسلاح التكنولوجيا، التي وظفتها عقول قوى الشر العالمية. إن غاية غايات صناع العولمة؛ هي أن تضحي شبكة الإنترنت بما تبثه وما توفره من مساحات، كي تحقق هذه الوسيلة سوقاً عالمية حرة لا يحدها حد، ولا أخلاق، إلا أننا واجدون ممن هم ينتمون لحضارتهم الغربية من أهل أوروبا؛ من يعمل الآن على إجراء المراقبة الأخلاقية؛ لحماية أطفالهم من دوائر مشبوهة تعمل على تجارة الأطفال.
* إنّ الشعوب التي تقف في مواجهة طوفان العولمة اليوم، وقد حافظت وتحافظ على كيانها من الانحراف، إنما حققت ذلك بما حصل لها من قناعة؛ إن سفينة النجاة ليست سوى خصوصية ثقافتها، وصفاء أصول تراثها الفكري. فالصين بخياراتها الشرقية، وأوروبا بخياراتها الغربية؛ تعوّل على ما في أعماق تراثها من مخزون يؤهلها للصمود أمام التيار. ولنا أن نطرح على أنفسنا اليوم سؤالا عن موقعنا نحن من هذا الخطر العظيم.! ما هي مكامن القوة في ثقافتنا؛ مما نتخذه لنا سبيلا للنجاة؟ ثم إنه وقبل ذلك كله؛ ما المقصود بالخصوصية العربية الإسلامية، وفي المجال الثقافي تحديدا؟.. إن هويتنا هي الإسلام، وهو الضمان من كل منزلق، لأنه الواقي من الانحدار إلى أي انحراف وضياع.
|
|
|
|
|