|
| القرية الالكترونية
من خلال مقابلاتي المتكررة لكوكبة من شباب وطننا الغالي الراغبين في التقدم للوظائف الحكومية أو القطاع الخاص في مجال الحاسب الآلي لاحظت أن معظم هؤلاء الشباب يحملون شهادات في مجال الحاسب الآلي ولكنهم لايعرفون من الحاسب إلا جزءا منه بل تجدهم لا يتقنون البرامج التي درسوها والمدونه في شهاداتهم المصدقة من بعض الجهات الحكومية!
وقد تأكد لي هذا عندما حاولت البحث ولازال البحث جاريا عن شخص ليعمل في وظيفة أمين معمل حاسب آلي ويكون متقنا لبعض المهارات الضرورية وممن يحمل شهادة دبلوم الشبكات لمدة سنة أو أكثر.
ولكن لم أستطع ذلك. وبنفس الوقت فمن خلال المقابلات لاحظت تذمر الشباب وهم يقولون «تقولون ادرسوا حاسب ...درسنا وهذه النتيجة....» وأذكر أنني عندما قابلت أحد الطلاب وأبدى تذمره قلت له مداعبا ومطمئنا لا مانع من إتاحة الفرصة لك على بند الرواتب المقطوعة بشرط أن تقوم بتطوير نفسك في هذا المجال.
وعلية قلت أنت تحت التجربة لمدة ثلاثة أشهر وفعلا بدأ هذا الشاب وما إن بدأ ورأى العمل إلا أن هب مسرعا إلى مكتبي وقال لي ياأخي الفاضل أنا لم أتوقع هذا العمل وهذا لاأعرفه ولم أدرسه فقلت له لعلك تتعلم وتلتحق ببعض الدورات فقال أنا ليس لدي رغبة في المواصلة في مجال الحاسب الآلي....الخ.
وهل تصدقون أنني قابلت ممن يحمل الدبلوم لمدة سنة ولا يعرف كيف يحفظ ملف في قرص مرن وماهي وظيفة (برنت سكرين) في لوحة المفاتيح.......ومن جهة أخرى فقد قابلت أحد الشباب الذين يتقنون الحاسب ويعرفون أسراره وخفاياه ولم أستطع توظيفه لأنه يحمل الشهادة المتوسطة ولذا فإنه مؤهل للتعيين في المرتبة الثانية في السلك الحكومي ومعلوم كم راتب هذه الدرجة في نظام وزارة الخدمة المدنية؟
وبناء على هذه المبررات وغيرها حاولت أن أوضح في هذا المقال توضيحين هما: التوضيح الأول وهو خاص بوزارة الخدمة المدنية: فأقول إن شهادات الحاسب الآلي النظامية والتكميلية المعتمدة والمبنية على شهادات التعليم النظامي أعني ( المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية) ليست هي المطاف الأخير ولذا يجب أن تقوم الوزارة بمراجعة السلم الوظيفي للمتقنين في مجال الحاسب الآلي فيوجد بعض طلاب المرحلة الابتدائية مثلا يتقنون البرمجة بلغة الجافا ويتقنون برامج أخرى متقدمة في مجال الشبكات ولديهم شهادات معتمدة من الشركات العالمية المتخصصة مثل شركة مايكروسوفت وأوراكل وكذلك سيسكوا وغيرها . والاجتياز أو التصريح في مزاولة المهنة هنا في الحاسب هو بمثابة الزمالة في الطب أو المحاسبة أوغيرها.والقطاع الحكومي يواجه هذه مشكلة اعتماد الشهادة المهنية إن صح التعبير المصدقة من قبل الشركات العالمية. الأمر الذي جعله يلجأ إلى قضية توظيف هؤلاء الشباب على عقود الصيانة والتشغيل ثم يحجم المواطن السعودي عن الالتحاق بتلك الشركة بدعوى أن الوظيفة ليست رسمية وسوف يتم الاستغناء عنه بعد فترة ثلاث سنوات . أي بعد أن ينتهي عقد الشركة.
أقول إن مال الدولة واحد سواء تم عن طريق وزارة الخدمة المدنية أو عن طريق وزارة المالية لكننا يجب أن نقوم بدراسة وضعنا وتوطين سعودة قطاع المعلومات في القطاع الحكومي. على أن من أهم الأولويات هي مراجعة السلم الوظيفي من قبل وزارة الخدمة المدنية وخاصة في مجال الحاسب الآلي.
ولذا فإنه يجب القول أن الحاسب هو إتقان مهارة بغض النظر عن الخلفية العلمية السابقة وليس إكمال دراسة دورة أو الحصول على شهادة من معهد معين والتوضيح الثاني خاص للشباب الذين يدرسون في المعاهد المتخصصة في مجال الحاسب الآلي .
فأقول إن قضية إتقان المهارة هي الأساس. وبالتالي فإن حصولك أيها الشاب على الشهادة ليس هو النهاية فالحاسب هو مهارة وإذا لم تتقن هذه المهارة أيا كانت فاعرف أنك لن تحصل على وظيفة سواء في قطاع الدولة أو في القطاع الخاص. ولتعلم أن قطاع الدولة أيضا يقوم بإجراء امتحانات لمعرفة درجة اتقان المهارة وفي حالة عدم الاجتياز فليس شرطا أن تحصل على الوظيفة حتى ولو لم يشغل هذه الوظيفة أحد وتم التعاقد عليها لأنك تعرف أن العمل سوف يتأخر بل لن يتم في حالة عدم وجود موظف يتقنه.
كما أحب أن أهمس في أذنك أخي الشاب إلى قضية ضرورة متابعة الجديد والتدرب عليه فأنت لديك المبادئ الأساسية فمثلا إذا كنت قد درست في Windows NT قبل عامين فأنت مطالب بتعلم NT2000 وهكذا إذا كنت تعلمت لغة البيسك المرئية الإصدار الخامس يجب أن تتعلم على الإصدارالسادس وهكذا...
أخيرا أقول إن مراجعة أنظمة وزارة الخدمة المدنية في مجال وظائف الحاسب الآلي وتوعية الطلاب والطالبات الدارسين في المعاهد على إتقان المهارة أمر ضروري.
وفي النهاية أحب أن أقول من المسؤول عن هذا النوع من التعليم أو التدريب؟ ولماذا يذهب أبناؤنا وبناتنا ضحية لهذا النوع من التدريب والتعليم؟ ولماذا لا تقوم المؤسسة العامة للتعليم الفني بعقد امتحانات شاملة لمعرفة درجة الإتقان؟ وتقويم معاهد التدريب والتعليم؟ مجرد تساؤل.
*جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
almosa@almosa.net
|
|
|
|
|
