| مقـالات
يمكن أن تسهم المؤسسات الثقافية الرسمية أو غير الرسمية في تحديد وبناء الفرد في المجتمع من خلال التعاون المتبادل بين تلك المؤسسات الرسمية وغير الرسمية منها عن طريق عملية التنشئة الاجتماعية، فمن خلال النظام الأسري باعتباره إحدى المؤسسات الثقافية غير الرسمية يكون الطفل أثناء تفاعله مع أبويه نسقاً بنائياً، فبناء الفرد وموقعه في المجتمع يتحدد ومن خلال طفولته وأسرته ونوع التنشئة التي تلقاها في الملخص الأول عند قدومه إلى الدنيا، حيث يتأثر هذا التنسيق بعمل الأم ومهنة الأب، ومدى غياب الأب عن البيت، وعدد الاخوة والأخوات ويدرك الطفل أثناء تفاعله مع والديه معنى دوره في المجتمع، والتزامات هذا الدور والتوقعات المطلوبة منه في المواقف المختلفة، كما يفهم معنى دور والده ودور والدته والفرق بينهما كما يعرف معنى الذكورة والأنوثة والفرق بينهما، كما يتعلم ما يتطلب من نوعه. وتوقعاته هو من النوع الآخر والطفل داخل الجماعة الأسرية عضو إيجابي طبّع، ويتأثر تأثيراً كبيراً بأساليب الفطام التي يعرفها الوالدان، وكلما ازدادت أساليب الثواب والعقاب التي يفرضها الوالدان على الطفل كان ذلك أكثر تأثيراً في تحديد سلوك الطفل ويدرك الطفل العالم الخارجي الذي حوله أثناء تفاعله مع أمه ثم أبيه ومن ثم يبدأ في ملاحظة سلوك الناس الذين يحيطون به، ويتأثر بهم ويتمدد السلوك المرتبط بدور النوع. وعملية اكتساب دور النوع مستمرة، مثلها مثل عملية اكتساب العناصر الاجتماعية، المكونة للشخصية، إذ تواجه هذه العملية مؤثرات خارجية تدعم المعايير التي يعرفها الوالدان، أو تضعها موضع الاختيار. ولذا يمكنا أن نقول ان تأثير الوالدين على الطفل ليس كاملاً أو أبدياً، فتأثير الأسرة الكامل على أبنائها محدد بفترة زمنية حيث ينفك القيد الأسري إذا ما واجه الطفل مطالب جديدة تفرض عليه من خارج الأسرة، ويواجه الطفل هذه المطالب عندما يبدأ الاختلاط بجماعة رفاق السن أولاً وأبناء الجيران وزملاء المدرسة وجماعة الرفاق هي غير الرسمية الأُخر التي يمكن أن تؤثر في تمديد بناء الفرد في المجتمع بمشاركة عوامل أخرى والطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها الفرد. ثم يبدأ تأثير المؤسسات الرسمية الاخرى في المجتمع ابتداء من المدرسة والمنهج المدرسي في المجتمع الحديث والجمعيات الثقافية والترفيهية ووصولاً إلى وسائل الاتصال الحديثة.
فالمدرسة باعتبارها أول مؤسسة رسمية يخضع لها الطفل بعد الاسرة تلعب دوراً كبيراً لا ينكر في الدول المتقدمة والنامية في التأثير على الطفل فلهذا النسق التعليمي أهميته في تطوير وابراز وصقل التطلعات والدوافع عند الصغار بالإضافة إلى تزويدهم بالمعارف والمهارات وصقل قدراتهم والطفل في المدرسة يواجه قيوداً جديدة على سلوكه وتصرفاته لم يكبر فيعرفها في البيت ولكن سرعان ما يبدأ الطفل بالتوافق مع البيئة الاجتماعية الجديدة، كذلك أصبح لوسائل الاتصال في المجتمع الحديث أهمية خطيرة في التأثير على الصغار وتوجيه السلوك المرتبط بالنوع وتأثيره بل إنه قد يبدأ تأثير أجهزة الراديو والتلفزيون قبل التحاق الطفل بالمدرسة وان كنا نعلم الكثير عن مقدار الوقت الذي يقضيه الصغير أمام الشاشة الصغيرة فإننا نعرف القليل عن تأثير البرامج التلفزيونية والصحف والمجلات والإذاعة السمعية على سلوك الأطفال. وهكذا يتبين مما سبق ان تشكيل سلوك الطفل واكتسابه لدور نوعه وبنائه في المجتمع هي عملية متراكبة تبدأ من تقليد الوالدين مروراً بتأثير رفاق السن من أبناء الجيرة وزملاء المدرسة إلى الخضوع للنظام المدرسي وانتهاء بتأثير وسائل الإعلام.
*جامعة الملك سعود كلية الآداب
قسم الاجتماع
|
|
|
|
|