| الاقتصادية
للحادث المأساوي الذي تعرضت له نيويورك وواشنطن تأثيرات باهظة التكاليف سوف تمتد تأثيراتها السلبية ليس على تباطؤ اقتصاد الولايات المتحدة الامريكية فحسب بل على العالم أجمع.
وتتبلور الخطورة الحقيقية لاحداث العنف في الاسراع بدخول الاقتصاد الامريكي في مرحلة الكساد حيث ان معظم المؤشرات كانت تدل على انه سيدخل في تلك المرحلة إلا ان ما حدث في يوم الثلاثاء الاسود لاشك عجل الكساد وبالطبع فقد ظهرت مضاعفاته السلبية الكونية، فالولايات المتحدة تشارك بأكبر نصيب في الاقتصاد العالمي بنحو 25% ويبلغ حجم صادرات اوروبا بحوالي 14% اليها فيما يمثل حجم التجارة الامريكي أكثر من 40% من حجم التجارة العالمية. وبناء على هذه الاحصائيات فإن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدول الاوروبية والولايات المتحدة ستشهد تأثيرا سلبيا خاصة وان العنف نال المراكز الحساسة المؤثرة في التعاملات التجارية العالمية ونظرا لأن العلاقة وطيدة بين الدولار وبين العملات الاوروبية والين الياباني والقائمة على التوقع والمضاربة فإن الاسواق تتوقع زيادة قيمة الواردات الامريكية منها والتي هي في الواقع زيادة سوف يتم دفعها بالدولار. ويعني ان زيادة المعروض من الدولار في الاسواق العالمية بصورة غير اعتيادية سوف يؤدي الى انخفاض قيمة وسعر الدولار نفسه. ويناظر انخفاض الدولار من الجانب الآخر ارتفاع اسعار العملات التي لها علاقة تجارية معها كاليابان ودول الاتحاد الاوروبي ومنطقة جنوب شرقي آسيا وشهدت اسعار الين والمارك والفرنك ارتفاعا ملموسا مقابل الدولار بعد الحدث مباشرة كدليل بين يظهر مدى الترابط التجاري العالمي حاليا. واذا ما ارتفعت اسعار عملات الدول الصناعية فيعني هذا إحداث تراجع تتراوح نسبته بين 10 الى 14 من قيمة صادرات مجموعة الدول السابقة نظرا لارتفاع قيمة عملاتها بالمقابل ومؤديا بالضرورة الى ارتفاع تكلفة انتاجها وتسويقها وشحنها إما الاسواق الناشئة في جنوب شرقي آسيا والتي تصدر أكثر من 50% من صادراتها فإنها ترتبط ارتباطا اقتصاديا وثيقا في حجمها التجاري الذي سوف تتأثر مباشرة بأي كساد تمر به امريكا. اما بقية الاسواق التي تتعامل بنسب أقل مثل الاسواق العربية فإنها سوف تتأثر بشكل اقل مما قد تعانيه المناطق الصناعية او الناشئة وبالرغم من ضخامة الحدث إلا اننا نتوقع ان الاتحاد الاوروبي والدول الصديقة للولايات المتحدة الامريكية بالاضافة الى التكتلات الاقتصادية سوف تقوم بمساندة الدولار لتحقيق استقرار نقدي حتى لا تتأثر الاسعار والعملات والبورصات العالمية وذلك تحت مظلة نظم تسويات ومدفوعات دولية تعادل الدولار بغية الحد من تداعيات الأزمة وإدارتها بصورة مناسبة عملية. كما نعتقد ان الحدث المأساوي سوف يمر مر السحاب على اقتصاد قوي مبني على اسس ونظم مالية قائمة على التحليل وتقيم الفرص المتاحة ومن غير المقبول ان نقارن شريكاً وكياناً اساسياً متمثلاً في الولايات الامريكية بكيانات اقتصادية صغيرة مثلما حدث مع ازمة جنوب شرقي آسيا في عام 1998م فالكبوات الاقتصادية للكيانات الكبيرة تقصر فترتها الزمنية ويكون عمقها ضعيفا وسطحيا وهو على خلاف كبوات الكيانات الصغيرة التي تستغرق وقتاً اطول قبل النهوض من عثرتها ونرجح ان ارتباط الاسعار إنما جاء نتيجة الخوف والهلع الشديد الذي انتاب الناس حول العالم دافعهم الى التخلص من الدولار والتحول الى شراء الذهب والعملات الاخرى للخروج من خسائر مالية مرتفعة على انه سوف يستمر حال التباطؤ العالمي في الوقت الحاضر الى ان يستقر الحال بعد الانتهاء من الحملة الحالية والمتجهة الى افغانستان ثم تعود الاسعار الى حالتها الطبيعية وبشكل غير تصاعدي.
|
|
|
|
|