| مقـالات
لعلك حينما تُعاشر أحدا ما حيناً من الدهر وتكون ذا نظرٍ سليمٍ مُستقيم فإنه سوف يتبيَّن لك كثير من خلال هذا الإنسان إن لم تكن كلها، ذلك أن الصحبة ودوام الاتصال يُبنيان لك النوازع كما قد يبنيان الغايات، ولعله يقرب من الكذب على نفسه من ينكر هذا ما لم يكن الصاحب أحمقَ أو مُعجباً أو يكون سطحي النظرة وسريع الحكم وضرب القياس، واليوم قد يستطيع: الذكي المعيشي أن يُصبحَ عالما أو كاتبا أو شاعراً أو ناقداً أو حتى مُنظراً يستطيع أو قد يستطيع لكنه لن يدوم، لكن المشكلة هنا أن هذا النوع يُحيط نفسه بدائرة (ضيقة من العلاقات) أو يتخذ الأسلوب الرسمي ليوصف بالقوة والدهاء حتى إذا سار الزمن وعبرت الأيام تكشّف عنه أنه: ذكي يعرف كيف يعيش برفاهية وسؤدد يزولان وان بقي منهما عند الرعاع صور من الاعجاب ليس إلا.
لكن لننظر ما ذكره إمام المحدثين المجددين البخاري في صحيحه (ج1 ص 4/5/6) قال: (حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود أن عبدالله بن عباس أخبره أن أبا سفيان بن حرب أخبره: أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش وكانوا تجارا بالشام في المدة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مادَّ فيها أبا سفيان وكفار قريش فأتوه وهم بإيليا فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم ثم دعاهم ودعا ترجمانه فقال:
أيكم أقرب نسباً بهذا الرجل الذي يزعم أنَّه نبي..؟
فقال أبو سفيان:
فقلتُ: أنا أقربهم نسباً
فقال: أدنوه مني وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره.
ثم قال لترجمانه قل لهم إني سائل هذا عن هذا الرجل فإن كذبني فكذبوه.
قال: فوالله لولا الحياء من أن يأثروا عليَّ كذباً لكذبت، ثم أول ما سألني عنه أن قال: كيف نسبهم فيكم؟
قلتُ: هو فينا ذو نسب.
قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قبله قط
قلت : لا.
قال: فهل كان من آبائه منْ ملك؟
قلت: لا.
قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟
قلت: بل ضعفاؤهم.
قال: أيزيدون أم ينقصون؟
قلتُ: بل يزيدون.
قال: فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟
قلت: لا.
قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما يقول؟
قلت: لا.
قال: فهل يغدر؟
قلت: لا، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها.
«قال ولم تمكنني كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة»
قال: فهل قاتلتموه؟
قلت: نعم.
قال: فكيف كان قتالكم إياه؟
قلت: الحرب بيننا وبينه سجال ينال منا وننال منه.
قال: ماذا يأمركم؟
قلتُ: يقول اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة.. الحديث.. بطوله.
وهذا الحوار الجاد الواعي المركز من هرقل تتجلى فيه خبرة هذا (الرجل) بقوة الحوار ومنطق العلم الذي لعله علمه من كتب سبقت وهو الحق.
كما يوحي جواب أبي سفيان بالعفة والشرف والأمانة.
وقد كنتُ أريد نقل الحديث كاملاً كما هو عند البخاري لنرى حقيقة الفطرة السليمة في السؤال والجواب.
قال البخاري في آخره: (رواه صالح بن كيسان ويونس ومعمر عن الزهري).
وإنما سردت السند ثم المتابعة من صالح بن كيسان لعظم الإسناد في هذه الأمة المسلمة التي جعلها الله تعالى «أمة وسطاً» وجعل المسلمين شهداء على الناس هي الأمة المعنية بهذا.
وقد تلقت الأمة هذا الحديث بالقبول.
وشرحه جلة من كبار العلماء حتى القرن التاسع الهجري.
واتفقوا على أنه معجزة دالة على صدق الرسالة.
ولقد كان بمقدور أبي سفيان الكذب أو التذاكي، وقذف التهم ولف الاجابات وليها ليا أو الاجابات المغلفة بغلاف الإيحاء والتعريض لكنه لم يفعل ذلك لأنه يعلم حقيقة القول وان الواقع يرفض خلاف المراد.
فهل كان أبو سفيان: حاقدا أو كان حاسدا أوجاهلا؟
لم يكن كذلك، فإن حياته دامت إلى حين إسلامه وجهاده في سبيل الله على كرم معدن وصدق يقين وحسن بلاء في الله لكنه كان كارها على وجه ضيق كان كارها ترك الآلهة في مكة حتى إذا ما أسلم وصدق ووفى ظهر معدنه وبانت موهبته وقدراته بمعاوية الذي وهب نفسه لهذه الأمة تحت توجيه جليل من النبي صلى الله عليه وسلم ثم أبيه الذي أسس فيه النجابة وطرد عنه آفات الحياة ليكون في مقابل البيزنطينيين ثم فتح الشرق والغرب بقدر عاقل حكيم ضاربا بهذا كل سوء وظن كريه من حاقد وجاهل ومأجور.
فبجانب سيادته كان خليفة واسع البال بعيد الغور.
وهذا واحد من نماذج حية أظهرها محمد صلى الله عليه وسلم دارت شخصيته بين النبوغ والموهبة حتى ليعجز العجول من المؤرخين والأدباء والفلاسفة من تصيد حقيقة هذا الخليفة فلا يجدون حياته إلا حيث ركام السوء عبر طرس لا يقوم.
ولعل الذين يكتبون البحوث والدراسات التاريخية والأدبية والنقدية تنقصهم قواعد البدء الصحيح في هذا كله إلا ما شاء الله تعالى.
وأجزم ان الذي يكتبه جلة من المعاصرين في هذه المجالات إنما يستسقونه من كتب ليست ذات اعتبار أمين عند نظر الأسانيد والمتون وأحوال الروا، فالأسفار تحتاج الى فهم سيد مسؤول، ولعلي واحد من كثيرين قرأنا ما أُلف خلال هذا القرن في كثير من الدراسات العلمية والتاريخية والأدبية التحليلية فلم نجد إلا طرح القول على علاته بمستند هش ليس بذاك، ومع أن القوم يدركون خطل ما يقومون به إلا أنهم يسيرون على هذا النهج الكريه ولهذا وقع جلة كاثرة في مطب كسر كافة المصداقيات لديهم أمام عقولهم فيما يخلون بأنفسهم وجها لوجه.
لقد قلتُ آنفا «واليوم قد يستطيع الذكي المعيشي أن يصبح عالما أو كاتبا أو منظرا يستطيع أو هو قد يستطيع لكنه لن يدوم ..إلخ...
ذلك أن غالب الناس لا يقرؤون وإذا قرؤوا فإنما هي قراءات عجولة سيئة وبعضهم يكلف من يقرأ له ويفيده وهذا كمن يستعيض من الرمضاء بالنار كل ذلك أفسح المجال أمام كثيرين ظهروا كشعراء وكتاب ونقاد ومؤرخين وروائيين وما هم بذاك لولا غياب القراءة الواعية المتأنية المسؤولة بل قد يصل بالبعض الى التكرار شعرا ونقدا وعلماً وقصة لخلو الوفاض ولغياب المتابعة الحكيمة المتزنة.
وإلا فاقرأ مثلا روايات جورجي زيدان أو اميل حبيبي وشعره أو حنا مينا أو نزار قباني أو ادونيس أو نصر أبو زيد تجد ولا جرم بجانب التكرار تمزق الذات نشدانا للعظمة والسيادة.
إن مسؤولية النشر ومسؤولية التأليف نفسه مسؤوليتان جليلتان لا يُقدم عليهما إلا من كان من أهل هذا وذاك ولقد كنت في كتابي (النقد العلمي) ط2 وكتاب (كتب تراحم الرجال) قد بيّنت خطورة العجلة دع عنك سوء المصادر المعول عليها بجانب التكرار، وما يؤدي إليه التقمص من هلاك لصاحبه ولو بعد حين.
ولقد بين ابن قتيبة في كتابه (أدب الكاتب) وابن الجوزي في كتابه (صيد الخاطر) والرافعي في كتابه (تحت راية القرآن) والآخر (وحي القلم) ما لو نظرها المرء العاقل المحترم لنفسه والمحترم للآخرين لألزم نفسه الصمت ولا يلحقه لوم أو ذم أو تقبيح بسبب سوء كتابته أو تأليفه أو تقمصه.
حقيقة الواقع في التأليف والكتابة اليوم تحتاج الى متابعة دائمة من القراء أنفسهم، وانني ألزمهم بالشعور بالمسؤولية تجاه هذا السيل المتدفق دون تأن ولا رصيد متين من سند صالح صحيح موثوق ومسؤولية القراء في هذه الأمة مسؤولية لازمة قال تعالى: «لأنذركم تجاه هذا السيل المتدفق دون تأن ولا رصيد متين من سند صالح صحيح موثوق ومسؤولية القراء في هذه الأمة مسؤولية لازمة قال تعالى :«لأنذركم به ومن بلغ» وقال سبحانه :«فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر» وقال تعالى :« وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون» وإن المعالجة والنقد والنقاش المبني على حسن النية والحكمة والعلم والفهم والاستمرار كل هذا كفيل أن يُساهم بمعالجة عجلة الكتاب والتأليف في هذا الحين وكل حين.
ردود خاصة
محمد المهنا.. شقراء
«الحكم على الشيء فرع عن تصوره» هذه قاعدة علمية أصولية، أي لا يصلح شرعاً ولا عقلاً: الحكم على الشيء الحاصل إلا بعد تصور تام من/ بالغ. عاقل. مميز. عالم. محيط. نزيه. أمين. متجرد. والإسلام شرط أولي مما لم يتم تصور المسألة من ذات العالم (بكسر اللام) ومالم يحيط بها خبرا ويرادف ذلك ماذكرت فإن حال التصور تكون حال نقص.
ومن جهة:(بيع الثمار) يردك جواب خاص.
سعود بن ملفي الروقي العتيبي.. الجوف
العقل: (غريزة) يهبه الله تعالى لمن يشاء من عباده ويكون الحساب يوم القيامة على المقاصد (النية) ويحاسب المرء على كل قول وفعل محرم وأمره تحت المشيئة ما لم يكن كفراً.
وعتيبة تعود الى : (هوازن) وهي قبيلة ذات نجدة وذكر حسن.
مصطفى بابا لحاج.. مقديشو ش11/8/ب.
الزكاة التي ذكرت يجب عدم أخذها ما دمت أنك لست من أهلها.
هار القحطاني.. الخرج
«أبو عوانة» اسمه: الوضاح بن عبدالله اليشكري (ثقة) من الطبقة العاشرة. آمل التوسع في نظر حاله عند المزي: (تهذيب الكمال في أسماء الرجال) و (الكاشف) للذهبي (وسويد بن سعيد) من رجال مسلم بن الحجاج وهو بضم السين وفتح الواو وتسكين الياء.
م.م.م.. الكويت
كلا.. لا تتردد فأنت حسب خطابك السبب في الطلاق/ وشتات الذرية ويبدو أنك صنيعة كيد النساء وتلبيسهن وتغريرهن، لا تتردد اطلب عفو الزوج أبذل له ما يريد لا تكن عزيز نفس مريضة بالجفاف والانطوائية وحب الشجاعة على هذه الطريقة الضعيفة الهزيلة.
وكونك تريد (مني) جواب حق أقول:
لا تتردد ولا ترتفع الى الأسفل بل كن شجاعا أمرك لله وحده لله وحده فهذه إجابتي وكل إجابة أجتهد أن تكون حقاً، لكن لعلك أيضا تبحث من هنا وهناك فلعل هذا الزوج له خصوم زينوا لك ما فعلت لأنك حار الطبع وعجول، وزوجتك/ الثانية/ مجتهدة فلا تُسيء إليها وكونها فعلت ما ذكرت (خوفاً منك).
أما زكاة الذهب ففي كل أحد عشر مثقالا ربع العشر.
|
|
|
|
|