| مقـالات
ظلت العلاقة بين الشرق والغرب تخضع دوماً لكثير من بؤر الصراع والتوتر، وكانت هذه الصراعات على الغالب ذات صبغة اقتصادية ولكنها ترتدي طابعاً عقائدياً في بعض الأحيان أو طابعاً قومياً في أحيان أخرى، ولكنها تظل في النهاية تقدم صراعاً على رأس المال الذي يمتلك الشرق الأوسط على وجه الخصوص الكثير منه، سواء لموقعه الإستراتيجي الذي يمثل نقط التقاء بين قارات العالم، أو لمقدراته الاقتصادية والبشرية.
وفي العصورالحديثة انحسم هذا الصراع لصالح الغرب الذي سيطر بعد ثورته الصناعية على التكنولوجيا والطاقات البشرية والاقتصادية التي تمكنت أن تخضع دول العالم بأسره لها وتسلسلها في تراتبية مجحفة هي (دول العالم الأول ثم دول عالم نامٍ وأخيرا دول عالم ثالث أى دول متخلفة).
ومن هنا تحول العالم الى سوق استهلاكية كبرى لمنتجات الدول المتقدمة، وأخذ العالم يخطو حثيثاً باتجاه العولمة بجميع تشكلاتها، وأمام هذه الهرولة المتواترة الصعيد يوماً إثر الآخر ظهرت حركات الرفض والنفور والتمسك بالهوية القومية والعقائدية التي يعتقد أصحابها بأنها ستحمي من الطوفان الكبير.
وأعود لأكرر أن الجهات التي قامت بالتفجير هي قوى ظلامية معتمة مغيبة وراء الفكر الأحادي المتعصب الذي يسعى الى تصفية الآخر وإلغائه، وعدم السعي الى خلق قنوات وسبل أوسع أثرى للحوار، دون لغة الدمار، والبحث عن الجذر الذهبي العميق الذي يبرز الإئتلاف بين الأديان والبعد عن عناصر الاختلاف التي أهلكت عبر التاريخ ما لايحصى من البشر.
ولكن يلح هنا سؤال نختنق به: من هو عدو أمريكا الحقيقي؟ القنابل المندسة في الظلام والتي تباغتها بالتفجيرات بين حين وآخر؟ أم أبراجها العالية التي تأخذها بعيداً عن الأصوات من حولها، ولا تسمع عندها سوى ضجيج محطات تلفازها الصاخبة، وما سوى ذلك من صيحات الغضب والاحتجاج والتمرد تعجز عن الوصول الى غرف اتخاذ القرار في الولايات المتحدة.
الوقت يهرول سريعاً، والعالم برمته مسمّر أمام شاشات التلفاز، وأي كتابة أو تحليل في هذا الموضوع قد تغدو باهتة وبائتة ولا تتوازى مع سخونة الحدث في ظل الوتيرة المتصاعدة للأحداث، شاهدنا الفيلم الأمريكي كثيراً بنسخته السوداء والبيضاء، وبنسخته الملونة والآخرى المطورة والأخيرة التي تصور عودة الديناصورات، وأن للنجوم الآن أن يتخلوا عن شاشتهم وينتقلوا إلى مواقع المتفرجين، وليستمعوا قليلاً إلى أحاديث ذات نكهة مختلفة ونمط جديد وغريب على أسماعهم، الكل يتحدث ويحلل ويصرح ويصفي حسابات قديمة ويمد جسوراً جديدة، ولكن لا أحد يستطيع أن يتكهن تماماً بما تحتويه حقيبة الغد.
e-mail:ommaimakhamis@yahoo.com
|
|
|
|
|