| مقـالات
* جفا النوم عيني ذات ليلة، عبثاً أطلب النوم فلا أهتدي إليه، أتقلَّب ذات اليمين وذات اليسار، والليل النابغي الطويل الذي شبهه الشاعر بموج البحر الذي أرخى سدوله أحس به ثقيل الوطء بطيء الحركة:
«وليل كموج البحر أرخى سدوله
عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي» |
ولم أستمر كالشاعر ساخطاً على الليل، وإنما تفكرت بالمنعم الخالق العظيم الذي متعني طويلاً بهذه النعمة فلما فقدتها في ليلة أحسست بقيمة وأهمية وضرورة نعمة النوم! وتذكَّرت بيتا من الشعرعميق الدلالة:
«قليل الحيا لولاه ما عشت في الحشا
ولولاه ما حنَّت عليك المراضع» |
فسبحان الله، كيف يغفل الإنسان عن الرب الحليم الذي ربَّاه بالنعم، وأكرمه بالدين، وسخَّر له كل شيء! ثم هذا المخلوق الجاحد «قليل الحيا» ينسى المنعم، مُنشغلاً بالنعمة، وقد تُسلب منه النعمة، فيتذكر أنه عبدالمنعم، وان للنعمة رباً يعطيها ويسلبها وإن شاء ردها وزادها!
أتذكر أيها المسكين أنك لولا هذا الرب ما عشت تسعة أشهر جنينا في أحشاء أمك! ولولا هذا الرب ما حنَّت عليك المراضع فدرَّ لك حليبها، وآواك صدرها، ودام لك عطفها!
قليل الحياء أتغفل عن رب حفظك من كل مكروه، وآتاك من كل نعمة، ورزقك من كل وجه؟! فسبحان الله ما أكثر ذكرنا للنعمة، وما أقل تذكرنا للمنعم! كم هم الذين يبدأون النعمة ببسم الله، وينتهون منها بحمد الله وشكره؟! كم هم الذين يتذكرون بجلاء «المنعم» حال تناولهم للنعمة، إنهم القليل حقاً:
«وقليل من عبادي الشكور»، سورة سبأ الآية 13.
بريدة ص.ب 10278
|
|
|
|
|