أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 26th September,2001 العدد:10590الطبعةالاولـي الاربعاء 9 ,رجب 1422

مقـالات

خواطر
ستوديو 7
د.عبدالمحسن الرشود
كانت إذاعة الرياض عندما دخلتها في مطلع الثمانينات الميلادية خليّة نحل، مملوءة بالناس الذين بهرتهم نجاحات الاذاعة آنذاك، تمتلىء بهم ردهات المبنى على اختلاف مشاربهم وإبداعاتهم فهناك الكاتب، والمثقف، والمفكر، والمخرج والفنان والمذيع، وشعراء، وموسيقيون، الخ الابداعات المختلفة، ويتعارف هؤلاء فيما بينهم وتنشأ أواصر الصداقات بينهم الأمر الذي يحبب إلى نفوسهم العمل الإذاعي، والمناخ الاذاعي، والإيقاع السريع بين الردهات والاستوديوهات، فهذا يسلّم على الآخر، وذا يهرول ليلحق بالمخرج قبل أن تبدأ شارة البرنامج إيذاناً ببدء التسجيل. كان هناك موظفون رسميّون ومتعاونون إما طلاب في الجامعة آنذاك، أو موظفون في قطاعات مختلفة لكنهم أحبّوا الاذاعة وارتبطوا بها عشقاً وولهاً مع المايكرفون، وأنا منهم آنذاك.
كانت اذاعة الرياض صرحاً ثقافياً وإبداعياً مميزاً، ذلك أنه لايوجد آنذاك سواها، فلا فضائيات ولا إنترنت، ولم يكن ينافسها سوى قناة التلفزيون الوحيدة قبل إنشاء القناة الثانية.
كانت مسموعة، والأصوات مميزة فهذا صوت الشيخ الفلاني، والمثقف المعروف، والشاعر المطبوع وذلك صوت المحاور الرائع، والمؤدي المتألق، والممثل الصاعد.. كانت الأصوات مميزّة لدى معظم المستمعين وتذكروا معي برامج ريبورتاج، فرحة السمار، سكن الليل، قصة الحضارة، قصص العشاق وغيرها من الأعمال الإذاعية.
كانت الاذاعة مدرسة بل جامعة لتعلّم اللغة العربية، وأداء الشعر والكتابة، والاداء العام سواء أكان نثراً، شعراً أم خبراً سياسياً ولم يكن بها سوى شيخين جليلين مسئولين عن تصحيح النصوص المذاعة باللغة العربية أذكر منهما الشيخ الدباسي الذي يشجع على اللغة العربية ويثني على من يجيدها حتى في برامج الدراما والمنوعات.
كانت الاذاعة آنذاك بقيادة الأستاذ الرائع محمد المنصور الذي يتعامل مع أنواع من المبدعين، وكنت طالباً في الجامعة، ويعلم الله كم كان يشجعني على الالتحاق ببرامج اللغة العربية بل إنه حرمني من المشاركة في البرامج الشعبية لهدف هو يعلمه جيداً، وكم كان حكيماً في استقباله لمشاكلنا مع المخرجين والمعدّين والزملاء بعض الأحايين. وسارت الأمور أكثر من عقدٍ من الزمان على خير ما يرام.
لقد أحببت استديو 7 ففيه تعلمت الإلقاء. والتعامل مع المايكروفون، وقواعد اللغة العربية بمعّية من لديهم الخبرة بها كالاستاذ زكريا المصري، وزكريا شمس الدين، وكمال سرحان ومهدي يانس، وغيرهم. هذا الاستوديو كنا نقضي فيه أكثر من عشر ساعات نسجل ما يتيسر من المواد الإذاعية، فمن منظومة دورة إذاعية تستمر أربعة أشهر، ونبقى بهذا الأستوديو خارج إطار الزمن لا نحس بالوقت، وعندما نغادر مبنى الاذاعة الحالي نحس بسواد الليل، وببرد الشتاء القارس ونأتي الى بيوتنا والأمهات قد غضبن علينا والآباء، حيث لاجوالات في ثيابنا، والتلفون بعيد عن الاستودهات!!
وبعد مايزيد عن العشر سنوات دخلت مبنى الاذاعة أهرول بحثاً عن استوديو 7 الذي عشقته واحببته ففيه تعلّمت الكثير وربما يفوق ما عرفته على مقاعد الجامعة.. ويا لخيبة الأمل الاستديو خالٍ حزين لا مخرج ولا معد ولا من تراه العين وقلت بيتاً من الأعماق هزّني ساعتها:


وقد نكون وما يخشى تفرقنا
فاليوم نحن وما يرجى تلاقينا

وبيتاً آخر:


يا منزل العيش الذي درست
آثاره وعفت منذ بنت أربعه
هل الزمان معيد فيك لذتنا
أم الليالي التي أمضته ترجعه

حزنت على الاستديو7، ولسان حاله يقول: الدنيا دوارة يعبد المحسن.. «اليوم وجدتم ما أشغلكم عني، فضائيات وإذاعات وإنترنت ووسائل اتصال مختلفة.. أهملتموني وتركتموني وحيداً إلا من ما يكروفون لايستخدم الا لماماً.. ومساحة كانت تمتلىء بكم لتجعلوني أرضاً لفكرٍ وفنٍ ودراما تبثونها للناس.. فهلا عدتم إليَّ..» هذا ما قاله ستوديو 7 فهل نحاول إسعافه يا إذاعة الرياض هل ندخله غرفة إنعاش، هل يكون للاذاعة دورٌ آخر غير ما تقوم به الآن هل تحاول أن تنافس أم أن الزمن لايعود إلى الوراء، وأظنّه كذلك.
alreshoud@hotmail.com
ص.ب.90155 رمز 11633 الرياض

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved