| مقـالات
(1)
** أنا في النهاية ابن 1967م... فهو جرحٌ ما زال في جيلي... والأزمة أعمق من تصوراتنا.
حسن حنفي
* * *
** يجب أن نظلَّ قادرين على الاعترافِ بأن الأمورَ هي بدون أمل، وأن نظلّ مصممين على الأقل على أن نعمل لكي تسير الأمور بشكلٍ مختلف.
ف.سكوت فيتز جيرالد
* * *
** حان أوان السفر من نقائض الفرزدق إلى مقدمة ابن خلدون.
محمد جابر الأنصاري
* * *
(2)
** في انكفاءِ القلمِ
واضطرام الحِممِ...
يبعث الصمتُ أنين الألمِ...
* * *
** نحنُ إن ضاعَ الغدُ..
وجفانا الموعدُ..
ومضى اليوم كما الأمسِ
وتاه الفرقدُ..
أشقياءُ الحُلُمِ
* * *
** لا تسلْ عن موطِنهْ..
لا تزدْ في شجنِهْ..
فهو صوتُ الريحِ في ليلِ الضّنى..
يائسٌ قبل سقوطِ العلمِ..
* * *
(3)
** لم يكنْ (عبدالرحمن منيف) استثناءً حين «اعترف» في حوارٍ منشورٍ بأن «هزيمة 1967م» قد جعلتْه وكلَّ المثقفين العرب يكتشفون «زيفَ» الأفكار التي كانوا يؤمنون بها..!
** وإْذ تُحمد «لمنيف» وصحبِه جرأتُهم، فإن مشكلةَ «أفكار» ما قبل 1967م قد أحالتْ «الأمَّة» إلى «قطيعٍ» يتقمصُ شخصيَّة «الرعاة»، فلم تحملْ «وداعة» الحملان، ولا قوة «القادة»..!
** الهزيمة لم تجىءْ «عسكرية» بل «نفسيَّة» واجه فيها «العربُ» أنفسهم، ووجدوا أنهم بلا مشروعاتٍ «استراتيجيّة» تحوليَّة على الأصعدة «السياسيَّة» و«الثقافيَّة» و«الاجتماعيَّة»، وأدركوا ولاتَ حين ادّكار أنهم كانوا ضحيَّة «الوهم» وأصفياءَ «الهمِّ» و«الوهن»..!
* * *
(4)
** «ربعُ قرن» تفصلنا عنْ مرحلة بدء الوعي بعدم الوعي أو «غياب الوعي».. وهي مرحلة لا يمكن احتسابُها في دائرة (عودة الوعي) كما حاول «توفيق الحكيم»، إذْ لم تزدنا هذه الفترةُ الطويلة سوى تركيم لمزيدٍ من «العِيّ»، فلا تزال المشروعات «الاستراتيجيَّة» لإيقاظ الأمة مفقودةً، كما ظل التخطيطُ «المرحليُّ» هائماً في محاولاتٍ إعلاميَّة «صوتيَّة» أشبه بالصمتيَّة، تتجهُ إلى «الشخص» وتنسى «الموضوع»، وتحاولُ قراءة «العناوين» بفهمٍ مقلوب، وتجهل التمعنَ في «المتن»، أو التأمل فيما وراءه..!
* * *
(5)
** يشير بعضُ الكُتَّاب والمتابعين بشيء من الانتقاد «المعلن» و«المبطَّن» إلى ممارسات الانتقاد الذاتي، ويعدّونها «جلداً» للنفس أو «مازوشيَّةً» مريضةً تحكم بعين «الخلل»، وتغمض عين «الرضا»، وتسرفُ في «الذم» وتقفز فوق «الفضاء»، وترى «الحَسَنَ» غير حسنٍ...!
** وقد ثار كثيرون على «نزار قباني» حين قال قصيدته: «متى يُعلنون وفاة العرب...؟»، ومرت سنون.. ولم يجد «الثائرون» تبريراً لتجاوز «نزار» أو مبالغاته، وانضمَّ إليه آخرون ناوءوه حينها، وكبّروا «أربعاً» اليوم..!
** ولولا إضاءات «حجر» وفدائيةُ «استشهادي» ومبدئيةُ «مفكر» لاشترك الجميع في تشييع الجميع..!
* * *
(6)
** فتحتْ الأجيال العربية الحالية عيونها على هزائم متصلةٍ افتتحها التشرذمُ الناتج عن سقوط «الخلافة» أو إلغاء مفهوم الدولة الواحدة، وأكَّدها «الاستعمارُ» المؤّسَسُ على الاستنزاف والتفرقةِ والتجهيل، واختتمها المشروعُ «الصِّهيوني» الموجه للقضاء على مقدّرات الأمة ومسخ شخصيَّتها، ووأد التطلُّع نحو صياغة مستقبلها..!
** هذه الأجيال لا تستطيع التناغمَ مع دعاوى المَجْدِ والنّصر والتطور التي تشدو بها «الأبواقُ» الإعلاميّةُ من لدن عمرو بن كلثوم «الجاهلي» حتى «أحمد سعيد «القومي» وتلاميذه المرتزقين، وربما طبَّلوا عبر «قصيدة»أو «كتاب» أو «مقال» أو «أغنية»أو «مكبّر صوت»، وهي إن تجاورتْ حناجرهم فلن تستطيع الوصول إلى عقول أو حتى أفئدة الجماهير..!
* * *
(7)
** أين نقفُ الآن...؟
** سؤال مهمٌّ إن لم يكن هو الأهم، ففرق بين من يقفُ على أرضٍ صلبة، ويتجهُ نحو الطريق الصحيحة، وبين مَنْ «موطِئُه» هش، و«دثارُه» قش، و«دربُه» غش..!
** هل نعرف أين تقف الأمةُ العربيّة/ الإسلاميّة اليوم..؟
** لا بأس إن كانت المشكلة «عثراتٍ» «متتالية» تُدرك أسبابها، وتتوخى تقويمها، ولكن «المعضلةُ حين يقذفنا العِثارُ إلى عثار، بعدما طال الأمد على «المصلحين» فلم يستقمْ لهم «منهج»، وعلى «الصالحين» فلم يبق لهم «مولج» أو «مخرج»..!
** وهنا لا يبقى السؤالُ مجردَ «معبرٍ» نحو النقاش، بل هو «مفتتحُ» الوجع، و«خاتمةُ» التطلع..!
* * *
(8)
** كتب كثيرون وتحاوروا حول الهزائم العربيَّة الحديثة، وظللنا في محيط الهزيمة «الفكريَّة» لا نبرحُها، مسكونين بتداعيات الهزائم «السياسيَّة» و«الاقتصادية» و«العسكرية»، وكما المسافة بين انتكاس «السيف» وانكفاء «القلم» فإن الكتابات والحواراتِ «الشعبيَّة»، والمفاوضات والممارسات «الرسميَّة» تكشفُ كلَّ يوم حجم «التضليل» الذي يُعايشه «العربيُّ/ المسلم» في صراع «الحدود» مثلما «الوجود»، بحيث لا تبدو «الحقيقة» مجردة، ولا يُتاح «العملُ» ولو بطيئاً نحو التحرُّر والتحرير..!
* * *
(9)
** مثلما مثّلت «حرب 67» صدمة عسكرية وسياسية فقد مثّلت «زيارةُ السادات للقدس عام 77» صدمةً ثقافيَّةً وحضاريَّةً قضتْ على مخلّفات الأمل الذي أيقظه الانتصار الجزئي في رمضان 93 (أكتوبر 73)، وراهن «المتشائمون» على أن تلك الحرب كانت «مقدَّمة» لمرحلة الاستسلام، وأصرّ بعضهم على كونها «فيلماً» أجاد «مخرجُها» في تصوير «السقوطِ» بملامحِ «الصعود»..!
** لم تبق تلك الصدمةُ منفردة، فقد جادت «الحوادث» بما جدّد «الألم»، واتضح أن «السادات» لم يكن الأول، وأن الشعارات «القوميَّة» التي خدّرت ناشئة العرب أخفت محاولاتٍ حثيثةً للاتصال المباشر «السرِّي» مع «يهود»، مما أسقط مشاعِرَ الأمل بالخروج من النفق..!
* * *
(10/1)
** هل يمكن وصلُ خيوط الهزيمة «الحزيرانيَّة»/ «التشرينيَّة» على الصعيد العسكري والسياسي والاقتصادي بما يعايشه الفردُ العربي من هزيمة «داخليَّة» تجعلُه في مختلف مواقعه يائساً، متشائماً، معِّلقاً حركتَه «التصحيحيَّة» المنتظرة بعوامل «خارجيَّة»، غير عابىءٍ بأصواتِ «داخلِه»، ملتفتاً حيناً إلى طوقِ نجاةٍ «هلامي» يبعثُه في نفسِه «درسٌ» أو «عبرةٌ» أو «نصٌّ»..!
** هذه هي «إشكاليَّة» الهزيمة حيثُ لم تقتصرْ على «الأرض» وإنما استقرت في «الذهن»، وانعكست في «السلوك»، وطالت المقدّرات «الذاتية» التي كان بإمكانها أن تُحيل الضعف إلى قوة، فإذا المحصلة تخاذل وإحباط وانتظار ما لا يجيء...!
* * *
(10/2)
** تصبُّ «الصدمات» المختلفة التي تواجهها الأجيال العربية المسلمة منذ أمد في تركيبٍ مزجيٍّ ذي أُطرٍ نفسيَّة عميقة تتوجسُ من «الغد»، وتتخلى عن «الحلم»..!
** هنا تفوقُ المشكلةُ «واقعاً» سيّئاً إلى إفراغ «المستقبل» من كُلِّ معاني«الوَعْد»، والتفكير بحلول عاجلة، أو «التميّع» ضمن مجموعات لها طابعُ «الرفض» المطلق.. أو «القبول» المطلق، أو «الانفلات» المطلق.. وهو ما آل إليه حال الشباب العربي المسلم في حقب «الثمانينيَّات» و«التسعينيَّات» وبداية «الألفية» الثالثة..!
** وهنا كذلك لا يبدو الحلُّ مرتبطاً بقضايا الأمس واليوم، بل بإعدادِ أجيالٍ جديدة لم تئِدْ آمالَها عُقَدُ «الخوفِ» و«اليأسِ» و«العنفِ» و«الضّعف» لتكون قادرة على الانطلاق في آفاقِ تحقيق «التغيير» العام المرتبط بالتغيير الخاص..!
* * *
(10/3)
** بعد الحوادث التي هزَّت الولايات المتحدة في 11/ سبتمبر/2001م وفي غمرة انشغالها بندبِ ضحاياها، ساد «نقاش» منهجي حول كيفيَّة التعامل مع «الأطفال» و«المراهقين» وإفهامِهم مغزى الحوادث، وإخراجهم من تأثيراتها النفسيّة المحتملة..
** خطوةٌ ضمن خطوات لمحاولة تقليل «مخاطِر» مثل هذه «النكبات» التي تمرّ بها مختلف الدول مما يجعلُ «الخسائر» الأخرى «الماديَّة والبشريَّة» تتضاءل أمام خسارة المستقبل..!
** وإذنْ فإن «الأهمَّ» في حال الأمم «الحيَّة»«التهيُّؤ» الكامل لأي هزَّةٍ محتملة، وهو ما يعني حصر الأثر السلبي دون أن يمتدّ إلى «الأساسات»..
** وربما اتفقنا على أن معضلة الأُمّةِ العربية / الإسلاميّة انتقالُ «أدوائها» لتنخر في «الجذور» بعدما أفسدت «الساق» و«الأوراق»..!
* * *
(11)
** هل نستطيع اختزال معطياتِ هذه الأزمة في «تعابيرَ» بسيطةٍ تنتهي بضرورة التوجه إلى «الطفل» العربي لإخراجه من معاناة «أبيه» و«جَدّه» و«جد جدِّه»...!
** ثمَّ.. إلى متى يبقى «التغييرُ» مقصوراً على الشكل البسيط؟... ولمَ لا يمتدُّ إلى «المعاني» المعمّقة التي تشرَّبها «الشارعُ» العربي فانتشى بها زمناً، وأدرك بعد فوات الأوان أنها قدْ خدَّرته فصار «أسيراً»، «أجيراً»، «كسيراًَ»..؟!
** «الغد» يبتدىء بحلم بسيط، وساكنو الغد هم «ناشئة» لم تُرهقهم انطفاءات «البارانويا»، وسراب الشعارات، ودعاوى الامتلاء والانتماء...!
** الطفل العربي المسلم قادرٌ على خلقِ بيئةٍ إنتاجيَّة لم تُعْشِها أضواء الوهم، وهو إذا تحرَّر من إسقاطات أجيال الهزيمة والنكسة والاستسلام متمكنٌ من التفكير في أساليب لتحويل «النُّفوق» إلى «تفوق»، و«الهدم» إلى «هدى»..!
** «القاعدةُ» هي مبتدأُ الفعل، والتوجه إليها هو فاصلةُ المسافةِ بين «النكوص» و«الارتقاء»..!
** الغد يوم آخر...!
ibrturkia@hotmail.com
|
|
|
|
|