| العالم اليوم
يزعم الإسرائيليون بأنهم الأكثر تحضراً في المنطقة، وأنهم أقاموا واحة للديمقراطية في الشرق الأوسط، وأنهم الأكثر تفوقاً في مجالات الفكر والأدب والعلوم والسياسية.. وأنهم.. وأنهم.
هذه النرجسية وهذا الزهو الفارغ كفراغ الطبول لا فائدة منهما سوى تفخيم الضجيج، الذي ما ان تتعرض ل«شكة» بسيطة حتى تنكمش وتظهر الحقيقة عارية. وهكذا هم الإسرائيليون، فواحد مثل شيمون بيريز الذي يعده كثير من الإسرائيليين واحداً من أهم المفكرين السياسيين، المنظرين والتنفيذيين، فبالإضافة إلى تسلمه مسؤولية إدارة الدبلوماسية الإسرائيلية مرات عديدة ورئاسة الحكومة ورئاسة أكبر حزب منظم، وواضع أسس وزارة الحرب الاسرائيلية، له العديد من الكتب من مذكرات شخصية إلى «تنظير سياسي واقتصادي» حتى ان بعض الاسرائيليين يعتبرونه صاحب نظرية سياسية واقتصادية يطلقون عليها «الشرق أوسطية».
هكذا «المفكر الإسرائيلي» سقط سقوطاً مذلاً أكثر من مرة، المرة الأولى حينما قبل الاشتراك في حكومة يرأسها نقيضه السياسي الذي وصفه نفسه في كتابه الذي سرد فيها سيرته الذاتية بأنه «أحمق» ولا يؤمن لتصرفاته.
الإذلال الآخر أنه قبل ان يبقى في وزارة شارون دون أن يكون له دور سوى تلميع صورة شارون والتغطية على افعاله المشينة، وحتى وزارته «الخارجية» لم يكن يؤدي ماهو مطلوب من أي وزير خارجية أخرى، فالعمل السياسي الخارجي الذي يقوم به شيمون بيريز يلغيه أرييل شارون، بل أكثر من ذلك حينما يرفض توجهه وأسلوبه السياسي في التعامل مع الخارج أي وزير آخر مشارك في الوزارة الإسرائيلية يصدر شارون قراراً يلغي تحرك بيريز، وبهذا أصبح «مفكر» إسرائيل ألعوبة ليس بيد شارون بل وبيد كل شركائه الذي يصنفون «هواة سياسة» قياساً بخبرة وتاريخ بيريز.
اللطمة الأخيرة والتي لن تكون الآخرة التي تلقاها شيمون بيريز التأجيل والإلغاء المتكرر لاجتماع شيمون بيريز وياسر عرفات والطامة الكبرى بالنسبة لبيريز أن الإلغاء الأخير لهذا الاجتماع الذي أصبح «نكتة الموسم السياسي» في إسرائيل وأصبح مجالاً للتندر، بل وحتى المغامرة على طريقة الأفلام المصرية «تحبني.. ماتحبنيش» حيث أخذ الإسرائيليون يتندرون على مفكرهم الموهوم بيريز: «يجتمع مع عرفات.. لا ما يجتمع».
نقول الطامة الكبرى أن الإلغاء الأخير جاء استجابة لضغوط من قبل وزير لايمكن أن يقارن ببيريز وحزبه بحزب بيريز، واستجابة شارون لطلب ذلك الوزير إمعان في «تحقير» بيريز من قبل شارون، وإظهاره مجرد شخص متلهف على المنصب الوزاري مثله مثل أي وزير آخر من الدول المتخلفة التي تزعم إسرائيل بتفوقها الفكري عليها.. فيأتي كبير مفكريهم ليفعل فعلتهم.
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|