| عزيزتـي الجزيرة
ربع قرن او يزيد! ثلث قرن او يزيد! ونصابنا هل من مزيد! شابت العوارض، وكلَّت القوى! ونحن حسب النظام المعارفي ابناء اليوم!!
دخل اناس، وخرج اناس، ونحن نقاوم هذا الهاجس لاننا ما عرفنا غير التعليم مهنة. وبعد هذا العمر من الخدمة والعشق تلبس كل منا بصاحبه!
معالي الوزير: زادت خدمتنا على ربع قرن ومازال النظام المعارفي يعاملنا كآلة يصب فيها الزيت لتقوم بالتشغيل لساعات معلومة. غير انهم في الآلات القديمة يعطونها نوعاً من المراعاة فيخفضون عنها ساعات العمل، حتى انهم يجعلون السيارات الجديدة للمسافات البعيدة الشاقة والقديمة للقريبة السهلة.. استغلالاً لطاقة الجديدة حيث يسمح الرصيد، وابقاءً لطاقة القديمة لاستمرار التشغيل.
معالي الوزير: وبقدر ما كانت طموحاتكم كبيرة وانتم تتسلمون منصب وزير المعارف، فقد كانت آمالنا بعد الله كبيرة ايضاً بقرار من معاليكم ينصف تاريخنا، ولقد كان لسلفكم «أبي محمد» لسان صدق في الآخرين عندما رفع قدرنا بهذا الكادر رفع الله قدره.
وان لنا في ابي احمد املاً بعد الله ان يعطي منسوبي التعليم ممن خدموا فترة طويلة لمسة وفاء وعرفان بقرار يضع عنا بعض الحصص فيخلصنا من هذا النصاب الذي انقض ظهورنا!
اعرف ان كثيراً من القرارات قد تمت وهي خير والحمد لله لكنها تبقى خاضعة للتعديل والتبديل لان الامر فيها نسبي، لكن قراراً كهذا سيبقى قاعدة تزداد حسناً ويكسب صاحبها حمداً وشكراً، وسنظل نحن ومن يأتي بعدنا من المعلمين نذكر هذا القرار لمعاليكم الذي هو «القرار الرشيد ان شاء الله للوزير الرشيد».
والعجيب: ان كل المشتغلين في الميدان من التربويين يرون هذا، اي التناسب العكسي بين عدد سنوات الخدمة، وعدد الحصص فكلما زادت الخدمة قلَّ النصاب، اقول ان هذا رأي الجمهور، لكن عندما يصل الامر الى قرار على المستوى الوزاري تبدأالمقارنات بيننا وبين الدول الاخرى واننا الاقل نصاباً والاقل ساعات عمل!
ولست والله من المنادين بالترفيه بل انني أب ومعلم انادي دائماً بالجدية لانها هي التي تنقصنا في هذه الفترة بالذات لكن ومن الجدية ان يتخذ قرار كهذا!! وقد يقول قائل: ولكن..! فأقول له:
1 ان عدد من خدم ربع قرن فأكثر لا يشكل رقماً كبيراً الى الحد الذي يخيف من تحميل المالية مبالغ اضافية كبيرة.
2 نحن جزء لا يتجزأ من الوطنية.. فان رأس المال البشري هو الثروة الحقيقية التي يجب ان نحافظ عليها وحتى يكون الشعار الذي ننادي به حقيقة واقعة وليس شعاراً مثالياً!.
3 اننا بهذه المعاملة نطلب من المعلم اما ان يتقاعد مبكراً او ان يموت واقفاً، وكلا الامرين غير منصف!.
4 في جميع الوظائف والمهن ينظر الى اصحاب الخبرة نظرة خاصة ويعاملون من قبل واضعي النظام بنظرة احترام واعتبار لهذه الخبرة، اما في قطاع التعليم فعليك ان تكون كالآلة تؤدي اربعاً وعشرين حصة مثلك مثل زميلك او ابنك الذي تخرج للتو من الجامعة!!
5 ولانه لابد ايضاً من الجمع بين اصحاب الخبرة وحماس الشباب حتى لا يطغى الحماس على العمل وحتى لا نفقد اهل الخبرة وليتم التواصل فانه لابد للامر من توازن يناسب الفطرة التي فطر الناس عليها.
معالي الوزير: وليتك رأيتنا ونحن الذين امضينا زهرة العمر في هذه المهنة الشريفة وقاومنا جميع مغريات الطفرة، اقول: ليتك رأيتنا ونحن نستجدي مدير المدرسة لينظر الينا بعين العطف ان كان الجدول يسمح لنا بالتخفيض حصة او حصتين، او نتسلل لواذاً الى الارشاد الطلابي او النشاط الاجتماعي او امانة المكتبة لان فيها تخفيضاً من النصاب وقد نحصل عليها بالواسطة وقد لا نحصل عليها، ثم الى وكالة المدرسة او ادارتها لتكتشف انك عاشق للتدريس وانك لا تصلح الا له بسبب هذا الارتباط الذي جعل منك مُنظراً في هذا المجال.
وانا اعرف ان كثيرين ممن يملكون القرار في هذا اما انهم:
1 مروا بالتعليم كانوا معلمين وهم في الفورمة سواء من الناحية الجسدية او المهنية مما يجعل حكمهم قاصراً بحكم انهم لم يصلوا الى الفترة الزمنية التي تؤهلهم للحكم على الحالة.
2 او انهم اصلاً كانوا في الجامعة، حيث السقف الاعلى لا يتجاوز اثنتي عشرة محاضرة، يؤديها الاكثرية وهم جلوس، بطريقة القائية، وامام طلاب مستمعين مدركين يبحثون عن ارضاء الدكتور فيأتون ما يرضيه لا ان يكون المعلم يبحث ويفكر كيف يرضي ويعجب هؤلاء الصغار الذين لا يعجبهم العجب!!
معالي الوزير: يوم ان تقرر تدريس التربية الوطنية كاحدى مفردات المنهج تم هذا في ظرف زمني يسير رغم ما يترتب على ذلك من زيادة في الحصص وتأليف وطباعة الكتب..لماذا! لانك يا صاحب المعالي كنت تتابع اللجان ليلاً ونهاراً حتى وصل الامر الى ما وصل اليه! اقصد ان جميع الصعوبات قد ذللت رغم اننا والحمد لله لا نساوم على وطننا ورضعنا هذا من آبائنا وارضعناه ابناءنا بحكم اننا في اكرم بلد وتحت ارشد قيادة..قيادة لم تعرف في تاريخها الناصع الا الخير لشعبها..ولو قرأت يا معالي الوزير رسائل كتبها طلابي في الصف السادس للملك عبدالعزيز رحمه الله طلبتها منهم دون تحضير مسبق وقبل مادة الوطنية لسررت بذلك وحتى لا يأخذني الاستطراد اقول اما ان يكون الامر انسانياً او قل حضارياً فان الامر يبقى توصيات تعرض احياناً ويعرض عنها احياناًَ! ثم يا معالي الوزير ألسنا جزءاً من الوطنية فلماذا لا نكون هماً يحمله معالي الوزير واقعاً لا شعاراًَ؟! لماذا لابد ان نتقاعد؟!..وستقول: ومن قال لك هذا؟! المجال مفتوح لك مثلك مثل موظفي الدولة الآخرين! اقول: انه بلسان الحال هذا هو الواقع ولا غيره!! وانظر الى عدد المتقاعدين بعد العشرين!
ان مهنة التعليم رسالة شاقة وان معلماً امضى في التعليم اكثرمن خمس وعشرين سنة وتقديراته الادائية ممتاز الجدير ان يقال له: بورك فيك، وتقديراً منا لك واحتفاءً بما قدمت هانحن نخفض نصابك لتستمر معنا لنستفيد من خبرتك وتجربتك في هذا المجال! لا أن نضعه امام الصعب ليركبه..ونقول له: اما ان تركب او نتركك!! فلماذا لا يكون: اما ان تركب او نحملك، فانت رفيق الدرب وزميل العمر، وليس من الشهامة ان نتخلى عنك بعد هذه العشرة الطويلة، وسنتعامل معك بقاعدة «القيام مع القدرة».
معالي الوزير: ولئن كانت الاعذار مقنعة في الماضي فانها الآن لا تتفق والتطور التعليمي الذي نعيشه حيث نعيش نقلة نوعية نسأل ان تؤتي ثمارها المرجوة، كما ان تاريخنا التعليمي قد تجذَّر بما يجعلنا نضع اللوائح والانظمة المستقاة من هذه التجربة الطويلة، ليشعر المعلم بالاطمئنان والارتياح النفسي من هذا التكريم الوطني لما سلف من خدمة في تلك المهنة العظيمة والرسالة السامية.
وختاماً فانني على امل كبير في ان يجد المعمرون في التعليم ما يرفع قدرهم مهنياً وجسدياًَ، وآسف ان كنت شططت في القول، فان احتفاء معاليكم بالطرح، واستماعكم لوجهة النظر جعلاني احرر ما سبق، واسأل الله لمعاليكم ولجميع العاملين معكم وفي التعليم التوفيق والسداد، وان يحفظ الله هذه البلاد في ظل القيادة الرشيدة التي على رأسها اول وزير للتعليم.
علي بن محمد الدغيّم
الرياض مدرسة نوفل بن الحارث الابتدائية
|
|
|
|
|