| الاقتصادية
يحظى التعليم بأهمية قصوى في بناء الاستراتيجيات والخطط التنموية لكافة دول العالم نتيجة لأهميته في بناء الفكر والثقافة لدى المجتمعات الإنسانية ونتيجة لدوره الفاعل في خلق بيئة ملائمة للتطور والتقدم التنموي، ولقد استأثر التعليم في معظم الدول بالنصيب الأكبر من الإنفاق العام والاستثمار الخاص وباهتمام بالغ من المخططين والمنفذين على حد سواء رغبة في تهيئة المجتمعات التهيئة المناسبة لتقبل الخطط التطويرية ذات الأبعاد المختلفة،
وفي اعتقادي أن الاهتمام العالمي بالتعليم قد انطلق من الإيمان بالعلاقة الطردية بين مستوى تأهيل المورد البشري وحسن استغلال المتاح من الموارد الاقتصادية الأخرى، فكلما كان المورد البشري مؤهلا تأهيلا عاليا كلما زادت فرص الاستغلال الأمثل للموارد الأخرى والعكس صحيح، واستشعارا لهذه الأهمية الخاصة فقد حظي التعليم في المملكة العربية السعودية باهتمام خاص تمثل في حجم الإنفاق العام المتزايد المخصص سنويا للجهات الحكومية المضطلعة بمهمة تقدم الخدمة التعليمية مما ساعدها على التوسع في تقديم الخدمة التعليمية المجانية في معظم مناطق المملكة إلا أن تزايد أعداد الطلبة والطالبات المصحوب بعجز القطاع العام الواضح عن استيعاب هذه الأعداد المتزايدة قد أدى الى إتاحة الفرصة للقطاع الخاص للمساهمة في تقديم الخدمة التعليمية خاصة التعليم الثانوي وما دون والتعليم المهني والفني المتخصص، وعلى الرغم من قدرة القطاع الخاص الممثل بالمدارس الأهلية والمعاهد الفنية والمهنية الخاصة على استيعاب نسبة كبيرة من هذه الأعداد المتزايدة، إلا أن انعدام الرقابة الدقيقة قد ساهم في ظهور فئة من المدارس الأهلية الخاصة التي لا تمتلك مقومات المدرسة باستثناء قدرتها على سلب حقوق المواطن ومخادعة معايير القبول في الجامعات وغيرها من مؤسسات التعليم العالي،
لقد أصبح من الواضح للجميع باستثناء جهات الاختصاص تسابق المدارس الأهلية على إبراز مقدرتها في زيادة أعداد الطلبة والطالبات الحاصلين على مجاميع ونسب عالية كما أصبح واضحا للجميع تسابق أولياء الأمور إلى نقل أبنائهم وبناتهم الى المدارس الأهلية بعد بلوغهم المستوى الثالث ثانوي رغبة في حصولهم على معدل مرتفع يمكنهم مستقبلا من الالتحاق بالجامعات،
وفي اعتقادي ان ملاك المدارس الأهلية الذين يسعون لتعظيم ربحهم سيحاولون بقدر استطاعتهم زيادة إيرادهم الكلي من خلال العمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الطلبة والطالبات كما سيحاولون قدر استطاعتهم خفض تكلفتهم الكلية من خلال الحد من التكاليف المتغيرة والثابتة ومن خلال توفير الحد الأدنى من متطلبات البيئة التعليمية التي تمكنهم فقط من الاستمرار في تقديم الخدمة، ولعل ما يؤكد هذا التوجه لدى ملاك المدارس الأهلية ما نلاحظه من انتشار كبير للمدارس الأهلية داخل وفي فلل سكنية لا تتناسب مطلقا مع الرسالة التعليمية التي تسعى المدرسة الى تأديتها، وهذا يقودنا الى القول بضرورة التدخل السريع من قبل وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات لحماية مجتمعنا من الخطر الكبير الذي يصاحب أداء المدارس الأهلية وحماية جامعاتنا من المعدلات المرتفعة التي لا تعكس واقع أصحابها، وفي اعتقادي أن أفضل وسيلة لتحقيق الحماية المنشودة بعد المراقبة الإدارية والتعليمية الدقيقة التوسع في توظيف عنصر العمل الوطني في المدارس الأهلية وحمايته من اضطهاد ملاك المدارس من خلال عقد عمل واضح وصريح يحتوي على واجبات وحقوق العاملين والمالكين على حد سواء،
وهنا لعلي لا أقصد أن عنصر العمل الأجنبي هو السبب وراء الفوضى التعليمية في المدارس الأهلية ولكنني أجزم بأن تحكم ملاك المدارس في مصير العامل الأجنبي هو السبب الرئيس وراء قبوله لتنفيذ المطلوب بغض النظر عن قناعته الشخصية،
* أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية
|
|
|
|
|