| الاقتصادية
يحرص الاسلام على الاستفادة من اي شيء يمكن ان يسد حاجة من الاحتياجات المادية او يؤدي الى منفعة عامة او خاصة.
واهتمام الاسلام بذلك يعود في اصله الى ان ما اوجده الله على هذه الارض انما اوجد لمنفعته بشكل مباشر او غير مباشر، وان اي طارئ يعتبر في طبيعة الانتفاع به لا يمنع من الاستفادة منه في امور اخرى، لقد وضع الاسلام قواعد وسلوكيات ينبغي للمسلم ان يمارسها في حياته اليومية ضمن اطار الالتزام بالعبودية لله، فمن ذلك الامتناع عن اكل الميتة، او اخذ الربا، او شرب الخمر، او غير ذلك من الامور التي حرمها الاسلام على معتنقيه بقصد تحقيق عبودية الفرد لله بتحقيق توحيد الالوهية والذي هو الغاية والقصد من وجود الانسان. والتشريعات الاقتصادية التي وضعها الاسلام لتحكم مسار حياة الانسان قصد منها تحقيق المصالح الخمس من حفظ للدين والنفس والعرض والمال والعقل، ولهذا نجد من خلال التتبع للتوجيهات النبوية القولية والفعلية والتقريرية منه عليه الصلاة والسلام انها جميعا تقوم على تحقيق هذه المقاصد الخمس للشريعة الاسلامية بدون تعارض او تضاد.
روى مالك عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه انه قال مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة ميتة كانت اعطيت مولاة لميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقال افلا انتفعتم بجلدها فقالوا يارسول الله انها ميتة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انما حرم اكلها، وفي رواية لمسلم انه قال تصدق على مولاة لميمونة بشاة فماتت فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هلا اخذتم اهابها فدبغتموه فانتفعتم به فقالوا انها ميتة فقال انما حرم اكلها. كما روى مالك وابن ماجة عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم امر أن يستمتع بجلود الميتة اذا دبغت. كما روى ابو داود والنسائي عن العالية بنت سبيع انها قالت كان لي غنم بأحد فوقع فيها الموت فدخلت على ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك لها فقالت لي ميمونة لو اخذت جلودها فانتفعت بها فقالت أويحل ذلك قالت نعم مرّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجال من قريش يجرون شاة لهم مثل الحمار فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لو اخذتم اهابها قالوا انها ميتة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يطهرها الماء والقرض.
بدراسة هذه الاحاديث يتضح لنا مدى اهتمام الاسلام بالمحافظة على الثروة والاستفادة منها وعدم اضاعة مخلفات الثروة الناتجة عن سبب طارئ يحرم الانتفاع بها بالاستفادة من هذه المخلفات بشكل وأسلوب آخر يزيل التحريم الطارئ على هذا المال من حرمة وعلى ضوء هذه الاحاديث يمكن استنتاج الاطار العام الذي يسترشد به للاستفادة من المخلفات الناتجة عن أشياء محرمة على النحو التالي:
أولاً: النظر الى طبيعة التحريم للشيء المحرم من حيث كونه طارئاً على هذا المحرم حيث ان اصل مادته الحل فالتحريم طارئ على الشيء المحرم وليس مقترناً بطبيعته الذاتية فتحريم الميتة انما تم لطارئ حدث لها وليس لذاتها وبالتالي فيمكن استعمال الاشياء المتخلفة من الميتة في غير مجال التغذية الذي جاء التحريم بمنعه ولهذا اشار الرسول عليه الصلاة والسلام الى امكانية الانتفاع بجلدها بعد دبغه والاستفادة منه في مختلف مجالات المنفعة في غير الاكل وهذا يسري على بقية مخلفات الميتة وما شابهها، اذا امكن الاستفادة منه في غير مجال التغذية للانسان.
ثانياً توجيه النظر الى ضرورة الاستفادة من مخلفات الاشياء الضارة او المحرمة بعد معالجتها صحياً وبيئياً بحيث يُستفاد منها في المجالات المختلفة النافعة للانسان مثل مخلفات الصناعات المختلفة والتي قد تضر بالبيئة بعد معالجتها وضرورة تدخل لوضع القواعد الحاكمة لمعالجة مثل هذه الامور.
|
|
|
|
|