غياب الضوء أفقدني حضوري
فثار الظلُّ حيناً في نهاري
وأجبرني الهجير على وقوفٍ
أثير به البقايا من غباري
وصار الزيف يغشاني بلونٍ
يخالجه عراء في مساري
ويجعلني الهروب المرّ أبدو
غريب الوجه مسلوب القرار
فترمقني الوجوه بها سؤالٌ
يجاوبه سكوتٌ من حصاري
لأعبر مستميتاً كل شوقي
إلى قمرٍ يسافر في مداري
من الأفق البعيد مداه نوراً
تدافعت النجوم إلى جواري
فأغرتني أحاديثٌ وهمسٌ
إلى شهب تبدّت مثل نار
وأشجاني مغيبٌ في عيونٍ
وأغوتني وجوهٌ في محار
وحفّتني أيادٍ من خيالٍ
كشكل المخمليِّ من الإزار
وبتُّ الليل أحسبه نهاراً
له نورٌ كنور الشمس جاري
وأغفى الصبح من ولعٍ علينا
وأصبح كلُّ غادٍ فيَّ ساري
لماذا ترفض العلياءُ قرباً
وقد سكنت سهيلٌ صنو داري
أتاني هاجس الأحلام ظهراً
فأعقبني كظلٍّ في قفاري
تمايزت الأنام بكلِّ سرٍّ
وتعجزها معانٍ كالجواري
غيابٌ في غيابٍ قد كساه
كما كسَتِ السهول من البراري
دمائي في وريدي لي كأرضٍ
إذا دعت الصروف إلى فراري
أهاجر في دمي كالصقر عال
ولا أخشى مقارعة الضواري
أحلّق في سماءٍ من خيالٍ
وأهبط في منازل من فنار
وأجمل ما يصادفني جمالٌ
تزيّنه المباهج في حِواري
لأسبح في فضاءٍ من ظلالٍ
وأمرح في جموعٍ من حَواري
إذا ما الحلم أفلت من يميني
رأيت له حبائل في يساري
وكان الأمر معقوداً بنشوى
إذا ما النور أجفل عن مزاري
وتقهرني بيادر من غياب
ويقهرها جنونٌ في بحاري
وفي قلقي تساورني أمور
لها الأشياء دوماً لا تجاري
كخوفٍ من عداءٍ سرمديٍ
لظلٍّ في زوايا الوقت عاري
سأمضي في شجون الوهم غيباً
وتأسرني مرايا كالحجار