| العالم اليوم
ليس خافياً على أمريكا وعلى غيرها من الدول التي تسعى إلى مساعدة دول أخرى للوقوف معها في مواجهة أي أزمة دولية، أو لشن حرب، بل، حتى لمعالجة مشكلة ما، أن بعض الدول تغلب على مواقفها الانتهازية والاستفادة من مشاركتها، وقد تكون هذه الاستفادة اقتصادية لتحسين أوضاعها الاقتصادية السيئة، أو لتحقيق استفادة سياسية كرفع الحظر السياسي عن نظامها أو إلغاء تدابير متخذة، أو الاستفادة العسكرية بالحصول على مساعدات ومعدات عسكرية وبناء منشآت وغيرها من وسائل الدعم العسكري.. وأخيراً الاستفادة الانتهازية الذاتية التي تنحصر في القيام بأعمال لا تتوافق مع الأهداف التي تسعى إليها الدولة طالبة المساعدة، بل لتحقيق أهداف خاصة بالدولة الانتهازية حتى وإن تعارضت مع الهدف الذي تسعى إليه الدولة الأولى.
وهذا بالتحديد ما تحاول إسرائيل القيام به، مستغلة الأحداث التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية في الأيام القليلة الماضية.. وقد بادرت إسرائيل وحتى قبل أن تفكر أمريكا بإنشاء تحالف أو تفاهم دولي لمكافحة الإرهاب.. بادرت وبأسلوب انتهازي إلى استغلال المأساة الأمريكية وفشنت هجمات ارهابية ضد مدن فلسطينية كما قامت باغتيال عدد من الفلسطينيين وصل تعدادهم في يوم واحد إلى عشرة أشخاص وهذا ما أثار حفيظة واشنطن التي تجاهلت إلحاح إسرائيل بالانضمام الى التحالف المضاد للإرهاب ولاحظ المتابعون ان الاتصالات الأمريكية/ الإسرائيلية تركز على طلب الأمريكيين من حكومة شارون أن يوقفوا اعتداءاتهم على الفلسطينيين وأن يتجاوبوا مع التحرك الأوروبي المدعوم، بل والموجه من أمريكا لوقف العنف وخصوصاً الإسرائيلي في فلسطين المحتلة والعودة إلى طاولة المفاوضات، ولم تترشح أي دعوة أمريكية لإسرائيل للإشتراك في الجهد الدولي لمواجهة الإرهاب، بل إن كولن باول بنفسه أعلن عدم دعوة تل أبيب للاشتراك في التحالف الذي تسعى واشنطن لتشكيله رغم إلحاح إسرائيل وادعائها الخبرة في مواجهة الإرهاب، ومرد ذلك إلى تيقن واشنطن من أن إسرائيل دولة انتهازية تأخذ أكثر مما تعطي وتؤدي مشاركتها إلى انحراف أي تحالف عن الأهداف التي أقيم من أجلها، وتجيِّرها لمصلحتها فقط، حتى لو أدى ذلك إلى تخريب العملية بأسرها، وهذا ما دعا الولايات المتحدة الأمريكية إلى تجاهل الدعوات الإسرائيلية الملحَّة، إضافة إلى حاجة أمريكا إلى تعاون الدول العربية والإسلامية وإسهاماتها في التحالف أو التفاهم المنتظر، والتي لا يمكن أن تشارك في عمل يكون للإسرائيليين فيه وجود أو اسهام.
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|