أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 24th September,2001 العدد:10588الطبعةالاولـي الأثنين 7 ,رجب 1422

عزيزتـي الجزيرة

تعقيباً على لقاء الوزير
أتساءل عن دور البلدية في تطبيق الفلسفة المعمارية
قرأت اللقاء الذي أُجري مع معالي وزير الشؤون البلدية والقروية في العدد رقم (10558) وكان حديثاً شاملاً ولكن لي سؤال اتساءل فيه عن الدور المهم للبلدية في قضايا التنظيم المعماري وفي تطبيق الفلسفة المعمارية للمدينة والحفاظ على هويتها العمرانية احدهم قال: (لقد ذكر احد الزملاء ان هذا الجهاز بحاجة الى بلدية تنظمه هذا اذا ما عدنا الى الهدف الذي وضعت البلدية من أجله وهو التنظيم)، ولكن ما يهم في هذا الموضوع ان أتطرق الى دور هام جدا للبلدية ضاع في خضم مهامها الاخرى الا وهو (التنظيم المعماري) للمدينة حيث ان البلدية هي الجهة المسؤولة الاولى عن تنظيم المدن معماريا وعن الحركة العمرانية كما أن المرور مسؤول عن تنظيم الحركة المرورية فبدون وجود (المرور) فستسرتبك حركة السيارات وهكذا بالنسبة لحركة العمران فالبلدية جهة (رقابية) على حركة المدينة العمرانية. ان مظهر المدينة العمراني يجب ان يظهر متناسقاً متكاملا دون اي بثور في وجه المدينة والبلدية هي الجهة التشريعية الاولى في كل مدينة وهي الضابط لهذه الحركة.. لاشك ان للبلديات ادواراً عديدة منها الاصحاح البيئي والرقابة على المطاعم والمطابخ، وتوزيع الاراضي، والتشجير، والإنارة، والسفلتة والرصف. ولكن الموضوع محل البحث هنا هو تنظيم المدينة عمرانياً والحفاظ على واجهة عمرانية وفلسفة عمرانية محددة للمدينة وضبط التنمية العمرانية في المدينة ومراقبتها ويمكن ان يشمل ذلك ما يلي:
1 تنظيم مخططات التنمية العمرانية:
البلدية هي التي تقوم بتخطيط الاراضي قبل تعميرها والمخطط هو (الهيكل العظمي) الذي تقوم عليه المدينة ويجب العناية عناية تامة في دراسة المخطط بيئياً واقتصادياً وذلك بمعرفة النشاطات الاقتصادية والتجارية والسكانية التي يمكن ان تنشأ في المخطط مستقبلاً وهناك اخطاء شائعة تقع عند تخطيط المخططات منها:
أ عدم الأخذ بالحسبان زيادة عدد السكان في المخطط وعدم ربطه مع المخططات الأخرى.. فكلما زاد عدد السكان زادت حاجتهم الى الخدمات الاقتصادية او الاجتماعية.. فترى المدارس صغيرة ثم تحتاج الى زيادة عدد فصولها حيث انها عند وضع المخطط وضعت على مساحة صغيرة نسبيا. وكذلك المساجد التي تغص في بعض الاحيان بالمصلين مما يضطرهم الى الصلاة خارج المسجد نظراً لضيق مساحته.
وكذلك الشوارع التي تكون ضيقة ولا يتم تصميمها واسعة لتخدم الحركة المرورية المتزايدة.. وذلك بزيادة اعداد المركبات مع زيادة عدد السكان.
ب وضع الشوارع في المخطط مع احتواء على منحنيات (curves) خطرة جدا.. دون الاخذ بالحسبان مخاطر حركة المرور مع عدم وضع ميلان لأسطح الاسفلت في هذه المنحنيات (superclevation) والتي هي مقاومة للقوة الطاردة المركزية للسيارة الى خارج الطريق. ويبدو ان السبب في عدم دراسة مثل ذلك هو ان من يقوم بوضع المخططات هم مخططون معماريون ليس لديهم خلفية في مبادىء هندسة الطرق.
ج عدم دراسة طبوغرافية الاراضي دراسة وافية فكيف يتم وضع مخططات سكنية في مسارات الاودية او في كثبان رملية غير مستوية كما يسبب كوارث مستقبلية في حالة نزول الامطار.
هذه الملاحظات تقع مسؤوليتها في المقام الاول على (البلديات) التي يجب ان تقوم بدراسات وافية قبل وضع المخططات وليس الهدف هو وضع وتنميق المخططات على الورق مع وجود مصاعب عند تنفيذها. حيث ان وضع المخططات هو (الصفر) الذي تنطلق منه التنمية العمرانية للمدن. وحين نلقي نظرة فاحصة على مدن العالم الثالث والمدن الصحراوية نجد العشوائية في التنمية العمرانية غير المنضبطة على الرغم من سلامة مخططاتها المعمارية فأنت تجد البقالة بجانب الورشة ومحطة البنزين ملاصقة للفندق والسكن ملاصق للمستودع التجاري.. الى غير ذلك من المتناقضات.. ومن هنا وجب ان تقوم البلديات برقابة صارمة على مثل ذلك ووضع مخططات مناسبة للتنفيذ ويتم تنفيذها بدون تجاوزات وها نحن نرى المدن العالمية المتطورة تخطيطيا والتي تشتمل على شوارع رائعة التنسيق والمحلات التجارية عليها متناسقة.. فمثلا البقالات ذات لون واحد للابواب وذات نمط واحد ولون واحد في اللافتة الموجودة على المحل.. كما هو حاصل في تجربة كبائن الهاتف لدينا والتي اثبتت نجاحاً باهراً.. فمن يريد كابينة الهاتف يراها من بعيد ويعرف شعارها ولون لوحتها بدون عناء للبحث أو السؤال عنها وفي هذا المجال لماذا لا تقوم البلديات بتطبيق نفس الفكرة على كل المحلات المتشابهة في خدماتها فمثلا المطاعم بلون واحد، البقالات بلون واحد والورش بلون واحد. وهذا لا يعني تقييد حرية اصحاب المحلات في الدعاية لمحلاتهم بل باستطاعتهم وضع لوحات جانبية للدعاية لها وانما الهدف الاول هو الحفاظ على المظهر الحضاري المنظم لنشاطات المدينة التجارية.
2 ضرورة احترام قوانين المباني:
من أهم مسؤوليات البلدية تطبيق قوانين البناء فباريس مثلا حافظت على مظهرها العام وباحترام هذه القوانين وبدون احترام لهذه القوانين فستبقى حبراً على ورق ولااحترام هذه القوانين اذا لم يكن هناك احترام ذاتي فلابد من فرض عقوبات رادعة لكل من يخالفها واقل هذه العقوبات فرض الغرامات المالية. عندما تمر في شوارع باريس مثلاً ستجد ان جميع المباني على ارتفاع واحد وعلى صف واحد دون بروز او دخول (ارتداد) بل ان جميع المباني تقريبا يغلبها طراز معماري واحد.
3 إزالة الغبار عن المباني:
ان الغبار المتراكم على المباني يشوهها أيما تشويه ويجعل منظر الوانها الفاقعة عندما كانت جديدة باهتاً وذلك بفعل الرياح وعوادم السيارات التي تنفث ثاني اكسيد الكربون ومن الضرورة ازالة هذا الغبار كل 7 10 اعوام ويزال هذا الغبار اما بسيل من الرمال الناعم او بغسلها بالمياه او باستخدام اشعة الليزر التي تنظف هذا الغبار من كل التجاويف.. وها نحن نرى المدن والعواصم العالمية تحتفظ بمبان لماعة مشرقة براقة بفعل ازالة هذا الغبار والدخان المتراكم عليها على مر السنين.
4 ضرورة تعيين مسؤول للتنسيق المعماري في كل حي:
ان قسماً واحداً في الامانة او البلدية يحوى عدداً معدوداً على الاصابع من الموظفين لن يمكنهم من مراقبة جميع الاحداثات في المباني في المدينة ولهذا فمن الضرورة تعيين مهندس مسؤول في كل حي واذا اراد أي شخص ان يبني منزلاً او يحذف او يضيف ان يعرض المخططات والرسومات على هذا المهندس المسؤول من قبل البلدية او الامانة ليرى ما اذا كانت الواجهة المفتوحة تتماشى مع واجهات العمارات الموجودة ام لا بل ينظر في جميع التفاصيل الدقيقة مثل اضافة شباك او تغييره او وضع خزان للمياه في اعلى المنزل.. ووجود مهندس متفرغ لهذا العمل يضمن لنا مدناً متناسقة ذات واجهات عمائر متماثلة وغير متنافرة جميلة اخاذة.
5 الإبقاء على واجهات العمائر عند هدمها:
ان أعمال الهدم تمثل تخريباً لشيء قائم وربما كان هناك خطورة على المارة في الشوارع من اعمال الهدم هذه خصوصاً في وسط المدينة وفي الشوارع التجارية وبقاء الواجهة بدون هدم يضمن عدم وصول الخطورة الى الشارع كما ان واجهات بعض العمائر اصبحت جزءاً من تراث المدينة يجب الحفاظ عليه دون اي تغيير او هدم ويكتفى بترميمه فقط.
6 معلوماتية شوارع المدينة:
من الضرورة إنشاء قاعدة معلومات لجميع شوارع ومنازل المدينة يضمن الوصول الى اي شارع أو منزل بسرعة متناهية خصوصاً لاصحاب البريد او الاسعاف او سيارات الطوارىء او الارساليات وإيصال طلبات المنازل بسهولة فائقة عن طريق قاعدة المعلومات الشاملة هذه فلكل شارع اسم معين ولكل حي رقم يتفرع منه ارقام لكل شارع فيه ولكل منزل لا تتكرر في اي شارع أو منزل آخر.
7 تطوير وتحسين شوارع المدينة:
من الضرورة ان تقوم البلديات والامانات باعطاء لمسة جمالية لمداخل المدن والشوارع بأعمال الدهانات والاشجار والازهار والورود.. وفي حالة عشق البلديات لتحسين الشوارع بأنها تجعل منها آية في الجمال والروعة مثل جعل اعمدة الانارة واشارات المرور على شكل تحف واشكال جمالية وكذلك تنظيم الاكشاك ومواقف السيارات والحدائق بشكل رائع يضمن انسيابية حركة المرور لهذه الشوارع.
م. عبدالعزيز بن محمد السحيباني - البدائع

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved